اكتشاف مذهل: النباتات تصرخ ألماً عند حصادها

3 د
كشفت دراسة حديثة أن النباتات تُصدر أصوات "صراخ" عند تعرضها للإجهاد، مثل الجفاف أو القطع، وهي أصوات لا تسمعها الأذن البشرية عادةً.
حدد باحثون من جامعة كورنيل أن الضغط السلبي داخل النظام الوعائي للنبات هو العامل الأساسي الذي ينقل إشارات التوتر داخلياً.
يجري تطوير نباتات معدلة وراثياً قادرة على إرسال إشارات واضحة عند حاجتها للماء أو الحماية، مما قد يغير مستقبل الزراعة.
قد تلعب الأصوات النباتية دوراً في تواصل النباتات مع الحشرات والحيوانات، مما يفتح أفقاً بحثياً واسعاً لفهم التفاعلات البيئية بشكل أعمق.
في خطوة علمية مثيرة قد تغيّر نظرتنا إلى النباتات، كشف فريق من الباحثين أن النباتات تصدر أصواتاً عالية التردد تشبه "الصراخ" عندما تتعرض للضغوط مثل الجفاف أو القطع، وهي أصوات لا يمكن للأذن البشرية سماعها دون استخدام أجهزة متخصصة.
النباتات تصرخ تحت الضغط
قاد هذا الاكتشاف الباحثة في علم الأحياء التطوري، ليلاك حدني، التي أوضحت أن النباتات حين تتعرض للضرر — سواء عبر الجفاف أو قصّ السيقان — تُطلق طيفاً من الموجات الصوتية عالية التردد. وعلى الرغم من أن البشر لا يمكنهم التقاط هذه الأصوات طبيعياً، إلا أن الأبحاث أظهرت أنها تحمل معلومات مهمة قد تُستخدم كإشارات استغاثة في البيئة المحيطة.
تعلق حدني على ذلك بقولها:
"حتى في حقل يبدو ساكناً، هناك أصوات لا نسمعها، لكنها تحمل معلومات حيوية".
يفتح هذا الاكتشاف آفاقاً جديدة لفهم الطريقة التي قد تتواصل بها النباتات مع الحشرات أو الكائنات الأخرى القادرة على رصد هذه الترددات.
حالياً، يعمل فريق حدني على دراسة كيفية تأثير هذه الأصوات على الكائنات الأخرى في النظام البيئي للنباتات، في محاولة لفهم أعمق لديناميات التفاعل البيئي غير المرئي.
نقلة نوعية في فهم أنظمة الاتصال النباتية
بالتوازي مع هذا الاكتشاف الصوتي، حقق باحثون من جامعة كورنيل تقدماً لافتاً في فهم كيفية انتقال إشارات التوتر داخلياً في النباتات. ففي دراسة نشرت في مجلة "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم" (PNAS)، حدد الباحثون آلية الضغط السلبي داخل الأوعية النباتية باعتبارها المفتاح الأساسي لنقل إشارات الإجهاد.
وأوضحت الدكتورة فسنا باشيفا، الباحثة المشاركة في مركز CROPPS للأبحاث، أن تغير التوازن في الضغط داخل النظام الوعائي للنبات عند تعرضه للجفاف أو الإصابة يؤدي إلى سلسلة من الإشارات الميكانيكية والكيميائية التي تنتشر عبر أنسجته. وعلّقت باشيفا قائلة:
"إطارنا النظري يفسر كيف تنتقل الإشارات الميكانيكية والكيميائية عبر النبات ويكشف عن الآليات التي تدفع حركة هذه الإشارات".
يمثل هذا الفهم تقدماً علمياً كبيراً في علم الأحياء النباتي، ويفتح الباب أمام تطبيقات مستقبلية قد تمكّن من برمجة النباتات للاستجابة بذكاء للضغوط البيئية.
آفاق جديدة للزراعة: محادثات مع المحاصيل؟
لا تقف أهمية هذه الاكتشافات عند حدود المختبر، بل تمتد إلى إمكانيات تطبيقية واسعة في مجال الزراعة. إذ يتخيل الباحثون مستقبلاً قد يتمكن فيه المزارعون من استقبال إشارات مباشرة من محاصيلهم تخبرهم بحاجتها للماء أو تحذرهم من هجمات الآفات.
وقد بدأ العلماء فعلياً بتطوير "نباتات مراسلة" — نباتات معدلة وراثياً قادرة على إصدار إشارات مرئية، مثل تغيير اللون أو إصدار ضوء، عند الحاجة إلى تدخل زراعي. الهدف النهائي هو إنشاء نظام تواصل ثنائي الاتجاه، يمكن عبره إرسال تعليمات إلى النباتات، كتنبيهها لتوفير استهلاك المياه أثناء فترات الجفاف المتوقعة.
البُعد البيئي للأصوات النباتية
لا تقتصر أهمية هذه الأصوات على التواصل داخل الحقول الزراعية، بل يمتد تأثيرها إلى النظام البيئي الأوسع. فوجود حيوانات قادرة على التقاط هذه النقرات عالية التردد قد يشير إلى أن النباتات تستخدم هذه الأصوات كوسيلة تواصل مع البيئة، سواء لجذب المُلقّحات أو لتحذير الحيوانات العاشبة من مخاطر محتملة.
تُواصل حدني وفريقها حالياً دراسة التأثيرات البيئية المحتملة لهذه الأصوات، وتطرح تساؤلات مثيرة: هل يمكن أن تنجذب الحشرات المُلقِّحة إلى نباتات تصدر إشارات صوتية؟ أو هل تحذر بعض النباتات أقرانها أو حلفاءها البيئيين من الخطر؟ على الرغم من أن الإجابات النهائية لم تتضح بعد، إلا أن فكرة أن النباتات قد تتواصل صوتياً مع محيطها تبدو واعدة للغاية.
وكما تختصر حدني رؤيتها قائلة:
"النباتات تتفاعل باستمرار مع الحشرات والكائنات الأخرى التي تعتمد على الأصوات للتواصل، لذا سيكون من غير المنطقي أن تظل النباتات صامتة تماماً".