بطارية من عالم آخر! علماء يطلقون شرارة الجيل القادم من الطاقة بمصدر غير متوقع

3 د
أعلن باحثون في كوريا الجنوبية عن بطارية ثورية تستمد طاقتها من التحلل الإشعاعي الطبيعي.
تعمل التقنية الجديدة باستغلال الأشعة بيتا لإنتاج تيار كهربائي مستمر.
يمكن لهذه البطاريات تشغيل أجهزة صغيرة مدى الحياة دون إعادة شحن.
تمتاز البطاريات بأمان بيولوجي عالٍ وفعالية متزايدة في توصيل الشحنات الكهربائية.
لا تزال الكفاءة منخفضة، إذ تسعى الدراسات لرفعها مستقبلاً باستخدام البيروفسكيت.
أعلن الباحثون في كوريا الجنوبية عن نقلة نوعية جديدة في عالم الطاقة، عبر تطوير بطارية ثورية تستمد طاقتها من مصدر غير متوقع، وهو التحلل الإشعاعي الطبيعي. هذه التقنية الواعدة قد توفر إمداداً مستمراً من الطاقة يدوم سنوات، وربما عقوداً كاملة دون الحاجة لإعادة الشحن.
في تجربة تعتبر الأولى من نوعها على مستوى العالم، استطاع فريق البروفيسور "سو-إل إن" من معهد دايغو جيونغبوك للعلوم والتكنولوجيا أن يدمج ذرات نظير الكربون-14 مع طبقة متطورة من البيروفسكيت، المادة التي جذبت الأنظار في السنوات الأخيرة بسبب خصائصها الفعّالة في امتصاص الطاقة. وتقوم فكرة عمل هذه البطاريات على استغلال ما يُسمّى "الأشعة بيتا"، والتي تنطلق من عملية التحلل الإشعاعي وتعمل على إنتاج تيار كهربائي مستمر.
يُطلق على هذه التقنية اسم "الخلايا البيتابولتية"، ورغم أنها لا تُنتج كميات هائلة من الطاقة فوراً، إلا أنها تتمتع بميزات تجعلها مثالية للاستخدام في أجهزة صغيرة وحساسة كمنظمات ضربات القلب التي يمكن تشغيلها مدى الحياة، أو للاستخدام في بيئات قاسية مثل الفضاء أو الأغراض العسكرية والطبية حيث يصعب إجراء الصيانة المستمرة.
ما يجعل هذه التقنية واعدة أكثر من غيرها هو الأمان البيولوجي، فهي لا تمثل أي خطر على الإنسان لأن أشعة بيتا ضعيفة جداً بحيث لا يمكنها حتى اختراق الجلد. كذلك، فمجرد طبقة رقيقة من الألمنيوم كافية تماماً لتوفير حماية تامة منها. ولهذا يؤكد البروفيسور "إن" بثقة: "يمكننا الآن استخدام الطاقة النووية بأمان في أجهزة لا يتجاوز حجمها حجم إصبع اليد."
ومن أبرز نتائج هذه التجربة، أن قدرة البطاريات الجديدة في توصيل الإلكترونات (الإلكترونيات) ارتفعت بشكل مذهل، بحوالي 56,000 مرة مقارنة بالخلايا التي سبق استخدامها. كما أنها أعطت أداء ثابتاً لمدة وصلت إلى تسع ساعات مستمرة أثناء التجارب، وهو ما يشكّل نقلة مهمة في هذا المجال.
على الرغم من هذه النتائج المبشرة، لا يزال هناك الكثير من العمل للوصول إلى الاستخدام التجاري بكفاءة كاملة. فالباحثون حققوا حتى الآن كفاءة تحويل الطاقة لا تزيد على 1.83%، رغم أن الدراسات تشير إلى أن مادة البيروفسكيت المستخدمة قد تصل كفاءتها إلى حوالي 28% مستقبلاً.
ويدرك العلماء الذين يقفون وراء هذه التقنية حجم التحديات اليومية التي يواجهونها في تطوير هذه الابتكارات، حيث يقول الطالب الباحث "جونهو لي" المشارك في الدراسة: "رغم الصعوبات اليومية التي تبدو مستحيلة أحياناً، لدينا هدف أكبر وهو مستقبل الطاقة في بلدنا وأهمية أن تكون التقنيات الجديدة جزءاً من الحلول التي نسعى إليها باستمرار."
تقديم هذه التقنية للجمهور بشكل واضح أمر بالغ الأهمية، وربما يمكن التركيز مستقبلاً على إدخال شرح أبسط لبعض المصطلحات العلمية مثل (التحلل الإشعاعي الطبيعي أو نظير الكربون-14)، لتقريب الفكرة أكثر للقارئ غير المختص وتوفير أفق أوسع لفهم أبعاد هذه التقنية وتأثيراتها المستقبلية على حياتنا اليومية.