ذكاء اصطناعي

بلاستيك المستقبل: قابل للأكل، حي، ويُصلح نفسه ذاتيًا

بلاستيك المستقبل: قابل للأكل، حي، ويُصلح نفسه ذاتيًا
فريق العمل
فريق العمل

3 د

طور علماء سويسريون مادة جديدة من الفطر كبديل للبلاستيك التقليدي.

تستخدم المادة ألياف "ميسليوم" وهي قادرة على التحلل والتجدد الذاتي.

لديها خصائص استحلابية طبيعية وقوة شد عالية، مما يتيح تطبيقات متنوعة.

تمثل المادة بديلاً مستدامًا وآملاً لمواجهة التلوث البلاستيكي العالمي.

تخيل أن تغليف طعامك من السوبرماركت يتحلل تماماً بعد استخدامه أو حتى يمكنك تناوله كجزء من وجبتك! هذا ما يبدو أنه سيصبح حقيقة قريباً بفضل بحث جديد من علماء في سويسرا توصلوا إلى تطوير مادة مبتكرة من الفطر، تُستخدم كبديل عملي ومستدام للبلاستيك التقليدي.

هذه المادة الجديدة التي كشف عنها مؤخراً باحثون من معهد إمبا Empa في سويسرا، ونُشرت نتائجها في مجلة Advanced Materials العلمية، تعتمد بشكل أساسي على ألياف تسمى "ميسليوم" تُستخرج من نوع معين من الفطر يدعى Schizophyllum commune أو "فطر الخياشيم المقسومة". هذه الألياف تُحول إلى مادة سائلة تُعرف باسم التشتت الليفي الحي LFD، يمكن تشكيلها بسهولة لإنتاج مواد قوية ومرنة في نفس الوقت، وهو توازن طالما تحدى الباحثين في مجال المواد الحيوية.

وما يجعل هذه المادة مميزة حقاً هو أنها ليست مجرد مادة خامدة، بل هي بالفعل "حية". فالباحثون كانوا قادرين على تصنيع هذا البلاستيك البديل دون قتل الخلايا الفطرية، ما يجعلها قادرة على أداء وظائف بيولوجية وحيوية بشكل طبيعي. يقول الباحث الرئيسي أشوتوش سينها من معهد إمبا: "الفطر يستخدم هذه المصفوفة البيولوجية الخارجية لدعم بنيته ووظائفه، إذن لما لا نستفيد منها بنفس الطريقة؟". ومن الملفت للانتباه، أن هذه المادة تمتلك قدرات على التحسن الذاتي مع الزمن، كما تستطيع إصلاح نفسها، وقد أثبتت خصائص مدهشة في مجالات صناعية مختلفة.

الإمكانات التي توفرها هذه المادة هائلة. على سبيل المثال، تتمتع بخصائص استحلابية طبيعية، بمعنى أنها قادرة على خلط الزيت بالماء بسهولة، مما يمنحها فرصة ذهبية في مجالات صناعات الأغذية ومستحضرات التجميل، والتي تعتمد بقوة على المستحلبات لخلط المكونات التي لا تتداخل عادة. والأروع من ذلك، أن قوة استحلاب هذه المادة تزداد قوة واستقراراً مع مرور الوقت، ما يعد سابقة في عالم المستحلبات التقليدية.

ولم يقتصر العلماء في بحثهم على التطبيقات الغذائية أو التجميلية فقط، بل وجدوا أيضاً أن هذه المادة لديها قوة شد عالية وقابلية للتحلل البيولوجي، مما يجعلها ممتازة لتصنيع أكياس نفايات تُرمى في السماد وتتحلل مع محتوياتها، أو ربما استخدامها مستقبلاً في تطبيقات إلكترونية متقدمة، مثل بطاريات يمكن تحللها تلقائياً بعد استخدامها.

ومن المهم ذكره أيضاً أن التفاعل الطبيعي بين هذه المواد الحية والبيئة المحيطة بها لا يُعد عيباً كما قد يبدو، بل قد يُستغل بشكل ذكي حسب ظروف الاستخدام. يشير جوستاف نيستروم، العالم المشارك في البحث، إلى هذه النقطة قائلاً:


"كل المواد القابلة للتحلل تتفاعل مع البيئة بطبيعتها. وهدفنا هو إيجاد تطبيقات يكون فيها هذا التفاعل ميزة وليست عائقاً"

هكذا يمكن اعتبار الاستجابة للبيئة المحيطة صفة إيجابية، من حيث قدرة المادة على التعافي الذاتي أو التحلل المراقب بطريقة منظمة.

ذو صلة

تقدم هذه الخطوة البحثية أملاً حقيقياً في مواجهة تحدي التلوث البلاستيكي العالمي، فقد بات من المعروف جيداً ما يسببه التلوث البلاستيكي التقليدي من ضرر بيئي كبير. ومن خلال الاعتماد على مواد طبيعية وصديقة للبيئة وقابلة للاستهلاك تماماً، سنتمكن من إحداث تغيير حقيقي في نمط حياتنا اليومي.

في النهاية، يُعتبر هذا الإنجاز إشارة واضحة على إمكانات الابتكارات الحيوية في تغيير معادلة استهلاك البلاستيك التقليدي. ومع بعض التعديلات البسيطة والاهتمام بتحسين وضوح الشرح لبعض المصطلحات التقنية، يمكن تقريب هذه المادة الثورية وتقديمها بشكل أبسط وأكثر ارتباطاً بالقارئ، مؤكداً على ما تقدمه من فوائد بيئية عملية وملموسة في حياتنا اليومية.

ذو صلة