ذكاء اصطناعي

حتى وعينيك مغمضتين.. ابتكار صيني يمنح البشر القدرة على الرؤية في الظلام

من المختبر إلى عينيك: ابتكار صيني يمنح البشر القدرة على الرؤية في الظلام
دعاء رمزي
دعاء رمزي

3 د

طور باحثون في جامعة هيفاي عدسات لاصقة لرؤية الأشعة تحت الحمراء بوضوح في الظلام.

تعتمد هذه العدسات على جسيمات نانوية تمتص الأشعة تحت الحمراء وتحولها إلى ضوء مرئي.

تمت اختباراتها أولاً على الفئران ثم على البشر بنجاح في تمييز إشارات الأشعة تحت الحمراء.

العدسات ليست مثالية بعد، والتطوير جار لزيادة دقة وضوحها وتفاصيل الرؤية الليلية.

تعد العدسات بفتح أفق جديدة للتطبيقات الطبية والأمنية وتحسين قدرات الإبصار البشرية.

هل تخيلت يوماً أن تتمكن من الرؤية بوضوح في الظلام وكأنك تحمل منظاراً ليليًّا لكن دون الحاجة لأي تجهيزات ثقيلة؟ حلم رؤية ما لا يُرى في الظلام يقترب من الواقع، وذلك بفضل ابتكار مذهل قدّمته جامعة هيفاي للعلوم والتكنولوجيا في الصين، حيث طوّر مجموعة من الباحثين عدسات لاصقة ثورية تتيح للإنسان رؤية واضحة في الظلام بتحويل الأشعة تحت الحمراء إلى ضوء مرئي.

وكما نعلم، فإن قدرة الإنسان على الرؤية تعتمد على نطاق ضيّق من الموجات الضوئية التي تسمى "الضوء المرئي" (من 400 إلى 700 نانومتر فقط). أما الأشعة تحت الحمراء التي لا تستطيع عين الإنسان تمييزها تقع خارج ذلك النطاق (800 إلى 1600 نانومتر)، وبالتالي لا يُمكننا رؤيتها دون استخدام معدات خاصة كنظارات الرؤية الليلية التقليدية. وهنا تحديداً، يُحدث الابتكار الجديد فارقاً كبيراً.

هذا الابتكار يعتمد على دمج الجسيمات النانوية المتناهية الصغر داخل عدسات لاصقة شفافة ومريحة، مصنوعة من مواد بوليمرية متوافقة بيولوجياً مع العين ولا تحتاج لمصدر طاقة خارجي. وظيفة هذه الجسيمات ببساطة أنها تمتص الأشعة تحت الحمراء ثم تبدّلها مباشرةً إلى ضوء مرئي تراه العين البشرية بوضوح. وهذا يمكّن مرتدي العدسة من الإبصار في الظلام بشكل طبيعي، تماماً كما لو كان يُشاهد في إضاءة عادية، مما يُضفي منحى جديداً إلى ما اعتدناه من طرق الرؤية الليلية.

وهذه ليست مجرد فرضية نظرية، فقد أجرى الفريق المختص اختبارات مكثفة على الفئران أولاً، حيث لوحظ على الفور استجابة العين لديهم للأشعة تحت الحمراء. وبعد نجاح التجارب على الحيوانات، جاءت مرحلة الاختبارات البشرية التي أكدت استطاعة المشاركين تمييز إشارات الأشعة تحت الحمراء وتحديد اتجاهها بنجاح. واكتشف الباحثون شيئاً مثيراً للاهتمام أيضاً، وهو أن إغلاق العينين يحسّن من الرؤية الليلية عبر العدسات، لأن الأشعة تحت الحمراء تخترق الجفن بفعالية أكبر من الضوء المرئي العادي.

ومع ذلك، ما زال أمام التقنية مسيرة من التطوير قبل أن تصل إلى دعائم الاستخدام اليومي. فالعدسات الحالية ليست مثالية، فهي مفيدة بشكل أساسي لرؤية الأشعة تحت الحمراء القوية، لكنها تفتقر إلى القدرة الدقيقة على تمييز التفاصيل الصغيرة وقوة الوضوح. يرجع هذا إلى قرب العدسة اللاصقة الشديد من شبكة العين (الريتينا)، ما يجعل النظارات التقليدية للرؤية الليلية حالياً تتفوق في وضوح وتفاصيل الصورة.

ويعمل العلماء اليوم بجهد لرفع حساسية الجسيمات النانوية المستخدمة، بهدف تحسين جودة وضوح الصورة وتوسيع مدى الرؤية الليلية. والأمر المثير أيضاً أن فوائد هذا الابتكار قد تمتد لتشمل استخدامات طبية مثل الجراحة في الأجواء المظلمة، أو أمنية كتعزيز قدرات فرق التأمين في الليل، وحتى مساعدة الأفراد المصابين بعمى الألوان عن طريق تحويل أطياف معينة من الموجات تحت الحمراء إلى ألوان مرئية واضحة.

ذو صلة

على الرغم من أن هذه العدسات المبتكرة تبشّر بمستقبل واعد وتطبيقات عديدة، إلا أن بعض التحديات التقنية ما تزال بحاجة إلى حلول مُحكمة قبل طرحها للعموم. ومن التحديات الأساسية تحسين وضوح الرؤية الليلية ودقّتها، وتطوير قدرة الجسيمات النانوية على استيعاب طيف أوسع من الأشعة تحت الحمراء، مع ضمان بقاء العدسة عملية وآمنة للاستخدام لفترات طويلة.

وفي ظل كل هذه التطورات العلمية المثيرة، قد يطرح القارئ سؤالاً مشروعاً: ما الذي يخبئه لنا المستقبل في مجال تحسين قدرات الإبصار البشري أكثر من هذا؟ التحكم الدقيق بالتفاصيل واستخدام مصطلحات واضحة ومرتبطة مثل "جسيمات نانوية" و"الأشعة تحت الحمراء" و"تقنيات الرؤية الليلية" تمنح المقال نكهة قوية، ورُبما استبدال وصف "واضحة" بـ"فائقة الوضوح" لتكثيف التأثير قليلاً. دون شك، هذا الابتكار الجديد ليس إلا البداية على طريق طويلة من الأبحاث والإبداعات في ميدان الرؤية والتقنيات البصرية التي ستغير قواعد تعاملنا مع العالم من حولنا تماماً.

ذو صلة