أجسادنا مضيئة: اكتشاف علمي يُظهر أن أجسامنا تُصدر ضوءًا خافتًا يزول عند الوفاة

3 د
أكدت دراسة أن خلايا الكائنات الحية تصدر فوتونات خافتة تسمى "الانبعاث فوتوني الحيوي".
تنتج الفوتونات الخافتة نتيجة تفاعلات كيميائية داخل الخلايا الحية تحت ظروف ضغوط.
التصوير الرقمي الحساس تمكن من رصد هذه الفوتونات المنبعثة من أجساد الفئران.
فتح الاكتشاف آفاقًا مستقبلية لتحسين صحة الإنسان وزيادة فعالية الرعاية الطبية.
هل خطر في بالك يومًا أن جسمك قد يصدر ضوءًا مرئيًا خافتًا للغاية، يكشف عن حالتك الصحية، ويختفي تمامًا عند الموت؟ فكرة قد تبدو غريبة أو من ضرب الخيال، لكن دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة كالجاري والمجلس الوطني الكندي للبحوث أثبتت أن هذه الفكرة أقرب إلى الحقيقة مما كنا نعتقد.
اكتشف الباحثون من خلال تجارب علمية أجريت على الفئران وأوراق النباتات أدلة مدهشة تؤكد وجود ظاهرة تسمى "الانبعاث فوتوني الحيوي"، وهي عبارة عن إصدار خلايا الكائنات الحية فوتونات خافتة جدًا في مدى الضوء المرئي. لكن قبل أن تظن أن الأمر يتعلق بحكايات الخيال العلمي مثل الهالات المشعة التي يتحدث عنها بعض الناس، دعني أوضح لك أن هذه الظاهرة لها تفسير علمي منطقي.
تحدث هذه الانبعاثات نتيجة تفاعلات كيميائية داخل الخلايا الحية تُنتج جسيمات ضوئية تعرف بـ"البايُوفوتونات". تولد الخلايا فوتونات خافتة جدًا يُطلق عليها علماء الفيزياء "فوتونات فائقة الضعف". للتبسيط، عندما تتعرض الخلايا لضغوطات مثل الإصابات، أو التسمم، أو نقص المُغذيات، تقوم بإنتاج جزيئات نشطة كيميائيًا مثل "أنواع الأوكسجين التفاعلية"، ما يُحفّز الجزيئات الخلوية لإطلاق هذه الفوتونات.
قد تتساءل: كيف تمكن الباحثون من رصد هذه الانبعاثات الضوئية فائقة الضعف؟ ببساطة استخدم الفريق أجهزة تصوير رقمية بالغة الحساسية، قادرة على التقاط فوتونات منفردة، من نوع خاص يُطلق عليه حساس CCD مضاعف الإلكترونات. قاموا بوضع فئران حية في صندوق مختوم ومظلم، وتم تصويرها لمدة ساعة كاملة قبل وبعد الموت. لتأكيد دقة العملية، تم الحفاظ على درجة حرارة أجسام الفئران ثابتة حتى بعد موتها لضمان عدم تأثر النتائج بعوامل خارجية.
النتائج كانت واضحة وغير قابلة للتأويل. سجل الباحثون تراجعًا ملحوظًا في عدد الفوتونات المرئية المُنبعثة من أجساد الفئران بعد موتها. وفي تجربة أخرى على نوعين مختلفين من أوراق النباتات، لاحظ الباحثون زيادة ملحوظة في شدة الضوء في المناطق المصابة أو المجهدة مقارنة بالمناطق الصحية، ما يؤكد ارتباط هذه الظاهرة بالحالة الصحية والبيولوجية للخلايا.
هذا الكشف لم يكن مجرد تجربة مخبرية معزولة، بل قد يؤدي مستقبلًا إلى ابتكار أساليب طبية وتشخيصية جديدة ممتازة. تخيل معي أن يصبح لدينا القدرة على رصد هذه الفوتونات الضعيفة كوسيلة غير اقتحامية لتشخيص الأمراض أو رصد صحة الأنسجة البشرية، بل وحتى لقياس مستوى الإجهاد في المحاصيل الزراعية.
ما توصل إليه الباحثون يمثّل خطوة مذهلة تفتح آفاقًا مستقبلية كبيرة على مستوى الصحة والتقنيات الحيوية. صحيح أن هذه الانبعاثات ضعيفة جدًا ولا تراها أعيننا مباشرة، لكن التكنولوجيا قادرة على تحويلها لعلامات مميزة تخدم الحقل الطبي والزراعي بفعالية غير مسبوقة. ربما في المستقبل القريب، يصبح قياس هذه الومضات الفائقة الدقة مؤشرًا خاصًا لحالتك الصحية، يضيء الطريق نحو رعاية صحية شخصية أكثر دقة وفعالية.