ذكاء اصطناعي

العلماء يكتشفون مادة تنتقل من موصلة مثالية إلى عازلة تامة — مع حالة ثالثة غامضة!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

باحثون من معهد نيلز بور اكتشفوا حالة فيزيائية بين التوصيل الفائق والعزل التام.

النظام المعدني الشاذ يكشف عن حالة ثالثة بين التوصيل الفائق والعزل.

التقلبات الكمية تتيح حالات جديدة في الانتقالات الطورية المقتربة للصفر المطلق.

يُساعد الاكتشاف على تطوير إلكترونيات أكثر كفاءة وتقليل فاقد الطاقة في الموصلات.

الجيل القادم من الإلكترونيات والأنظمة الكمية قابل للتطوير من هذا الاكتشاف.

في خطوة علمية تثير الدهشة، تمكن باحثون من معهد نيلز بور بجامعة كوبنهاغن من تحقيق انتقال غير مسبوق في موصلات فائقة الرقة، حيث انتقلوا بها من حالة التوصيل الفائق – التي تعني انعدام المقاومة الكهربائية تماماً – إلى العزل الكامل، لينكشف أمامهم وضع جديد كان يُعتقد أنه مستحيل من الناحية النظرية: حالة معدنية غريبة تقع في المنتصف بين السلوكين المتناقضين.

يُعد هذا الاكتشاف محطة أساسية في أبحاث فيزياء المواد وعلوم الحالات الكمية، إذ ترتبط قدرة المواد على تكوين حالات كمية نقية بمدى إمكانية السيطرة على الضوضاء الكهرومغناطيسية المحيطة بها. فالتخلص من هذه "الضوضاء" يعني فتح المجال أمام تطبيقات ضخمة في مجال الحوسبة الكمية وأجهزة الاستشعار الدقيقة والاتصالات المعتمدة على الظواهر الكمية.

وهذا يقودنا إلى التجربة التي أجراها الفريق الدنماركي بقيادة الأستاذ المساعد ساوليوس فايتكيناس، والتي نُشرت نتائجها في مجلة Physical Review Letters.


مفاتيح تحكم ميكروسكوبية تكشف عن حالة جديدة

ابتكر الباحثون ما يمكن وصفه بـ"لوحة تحكم كهربائية مصغرة" تتكون من جزر فائقة التوصيل متصلة ببعضها عبر جهد يمكن التحكم به كهربائياً، مشابهة في آليتها للترانزستور. وفق النظريات التقليدية، كان من المتوقع أن تنتقل العينة مباشرة من حالة التوصيل الفائق إلى العزل حال فصل الجزر عن بعضها.

لكن المفاجأة ظهرت عندما رصد الفريق حالة متوسطة؛ إذ استمر التواصل الإلكتروني بين الجزر رغم اختفاء التوصيل الفائق. أطلق العلماء على هذه الظاهرة اسم النظام المعدني الشاذ – Anomalous Metallic Regime– لأنها تمثل حالة ثالثة لم تكن ضمن القواميس الفيزيائية المعروفة.

وانطلاقاً من هذا الاكتشاف المثير، أوضح فايتكيناس أن السبب يكمن فيما يُعرف بـ"التقلبات الكمية"، وهي اضطرابات طفيفة في المرحلة الكمية بين الجزر أو في عدد الجسيمات داخلها، وهو ما يجعل النظام يتذبذب على الحافة بين حالتين متعارضتين.

وهذا يربط التجربة بالسؤال الأوسع في الفيزياء الحديثة حول طبيعة الانتقالات الطورية الكمية التي تحدث عند درجات حرارة تقترب من الصفر المطلق، حين تلعب الظواهر الموجية والإحصائية دوراً حاسماً في تحديد سلوك المادة.


خطوة نحو إلكترونيات أكثر كفاءة

يرى العلماء أن فهم هذا النوع من التحولات الكمية يشبه تجميع أحجية ضخمة: كل قطعة صغيرة تساهم في بناء الصورة الكاملة لمستقبل الأجهزة الإلكترونية. فهذه المعرفة قد تمهد لتكنولوجيا قادرة على تقليل فاقد الطاقة في الموصلات، وتطوير دوائر كمومية يمكن التحكم بها بدقة وموثوقية عالية.

ذو صلة

ويؤكد فايتكيناس: "ربما لا نرى التطبيقات المباشرة غداً، لكن كل تجربة من هذا النوع تقرّبنا من الجيل القادم من الإلكترونيات والأنظمة الكمية القابلة للضبط".

بذلك، يفتح "المعدن الشاذ" نافذة جديدة في عالم المادة، كاشفاً أن ما كان يُعتقد استحالة حدوثه قد يكون في الواقع مفتاحاً لفهمٍ أعمق لحدود الميكانيكا الكمية وإمكانات فيزياء المادة المكثفة في المستقبل.

ذو صلة