بحجم حبة أرز: ابتكار أصغر منظم ضربات قلب في العالم يذوب بعد أداء مهمته

3 د
طور علماء أمريكيون أصغر جهاز مؤقت لتنظيم ضربات القلب في العالم، يمكن حقنه والتحكم فيه بالضوء ويذوب تلقائيًا في الجسم.
يُعَد الجهاز ثورة في علاج الأطفال المصابين بعيوب خلقية في القلب والبالغين بعد العمليات الجراحية.
يعتمد الجهاز على خلية كيميائية تُحوّل سوائل الجسم إلى طاقة كهربائية، دون الحاجة إلى أسلاك أو جراحات لاحقة.
يُتوقع أن تبدأ التجارب البشرية خلال عامين إلى ثلاثة، مع إمكانية توسعة استخدام التقنية لتشمل مجالات طبية متعددة خارج نطاق القلب.
في إنجاز طبي وصفه العلماء بأنه "تحوّل جذري" في عالم الطب، أعلن فريق بحثي بقيادة علماء من الولايات المتحدة عن تطوير أصغر جهاز مؤقت لتنظيم ضربات القلب في العالم، لا يتجاوز حجمه حجم حبة الأرز، ويمكن حقنه داخل الجسم والتحكم فيه بواسطة الضوء، قبل أن يذوب تلقائيًا عند انتهاء مهمته.
جهاز لاسلكي يذوب داخل الجسم
الجهاز، الذي لم يصل بعد إلى مرحلة التجارب السريرية على البشر، وُصف بأنه يمثل خطوة كبيرة نحو تحسين رعاية المرضى الذين يحتاجون إلى تنظيم مؤقت لضربات القلب، خاصة من الأطفال حديثي الولادة ممن يعانون من عيوب خلقية قلبية ويحتاجون إلى هذا النوع من التنظيم في الأسبوع الأول بعد إجراء جراحة القلب.
ويُتوقّع أن يكون لهذا الابتكار دور كبير أيضًا في مساعدة البالغين على استعادة إيقاع القلب الطبيعي بعد الجراحة.
وعلى عكس الأجهزة المؤقتة التقليدية، التي تتطلب جراحة لخياطة الأقطاب الكهربائية على عضلة القلب وربطها بأسلاك متصلة بجهاز على صدر المريض، فإن النموذج الجديد لاسلكي تمامًا. ويبلغ سمكه مليمترًا واحدًا فقط، وطوله 3.5 مليمترات، مما يسمح بحقنه بسهولة بواسطة محقنة صغيرة.
الميزة الأبرز للجهاز الجديد هي قدرته على الذوبان داخل الجسم بعد انتهاء الحاجة إليه، ما يُجنّب المرضى إجراءات مؤلمة قد تنطوي على مخاطر. يُذكر أن رائد الفضاء الشهير نيل أرمسترونغ، أول إنسان يطأ سطح القمر، تُوفي عام 2012 بعد مضاعفات نزيف داخلي إثر إزالة جهاز تنظيم ضربات القلب المؤقت من جسده.
آلية ذكية مدفوعة بضوء وتحفيز كيميائي
بحسب الدراسة المنشورة في مجلة Nature العلمية، يرتبط الجهاز برقعة ناعمة تُلصق على صدر المريض. تقوم هذه الرقعة برصد أي خلل في نظم القلب، وتُطلق عند الضرورة إشارات ضوئية توجه الجهاز لضبط إيقاع ضربات القلب.
ويعتمد الجهاز على خلية جلفانية (galvanic cell) تستغل سوائل الجسم لتحويل الطاقة الكيميائية إلى نبضات كهربائية تنظم إيقاع القلب. وتم اختبار الجهاز بنجاح على فئران وجرذان وخنازير وكلاب، إضافة إلى أنسجة قلب بشرية في المختبر.
الدكتور جون روجرز، المؤلف الرئيسي للدراسة من جامعة نورث وسترن الأمريكية، صرّح لوكالة فرانس برس بأنه يتوقع البدء في التجارب السريرية على البشر خلال عامين إلى ثلاثة أعوام، وأكد أن فريقه أنشأ شركة ناشئة لتحقيق هذا الهدف وتسريع خطوات التطبيق العملي.
إمكانات تتجاوز علاج القلب
الابتكار حظي بإشادة واسعة في الأوساط الطبية، حيث وصفه الدكتور بوزي تيان من جامعة شيكاغو – والذي لم يشارك في الدراسة – بأنه :
"قفزة كبيرة إلى الأمام". تيان، الذي سبق أن عمل على أجهزة لتنظيم ضربات القلب عبر الضوء، أشار إلى أن هذه التقنية الجديدة "تمثل تحولًا جذريًا في تكنولوجيا الطب الحيوي، وتفتح آفاقًا جديدة تتجاوز طب القلب إلى مجالات مثل تجديد الأعصاب، والتئام الجروح، وزراعة الغرسات الذكية."
ويُعد مرض القلب السبب الأول للوفاة على مستوى العالم، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، ما يجعل أي تقدم في هذا المجال محل اهتمام عالمي واسع.