ذكاء اصطناعي

تقدم في تكنولوجيا الأعصاب: جامعة ميشيغان تسجل أول إشارات دماغية بشرية باستخدام غرسة لاسلكية

تقدم في تكنولوجيا الأعصاب: جامعة ميشيغان تسجل أول إشارات دماغية بشرية باستخدام غرسة لاسلكية
فريق العمل
فريق العمل

4 د

أعلنت جامعة ميشيغان نجاح تسجيل إشارات دماغية بشرية لاسلكياً بجهاز "كونيكسوس" التجريبي.

زُرع الجهاز مؤقتًا أثناء جراحة صرع في الفص الصدغي للمريضة.

يعتمد جهاز "كونيكسوس" صغير الحجم على 421 قطبًا كهربائيًا دقيقًا لنقل البيانات.

يُترجم الجهاز إشارات الدماغ لأوامر مثل تحريك مؤشر أو نطق كلام اصطناعي.

يأمل الباحثون في استخدام التقنية لعلاج الألم المزمن والاضطرابات النفسية مستقبلًا.

في خطوة تُبشّر بعصر جديد من التواصل بين الدماغ والكمبيوتر، أعلنت جامعة ميشيغان عن نجاح فريقها البحثي في تسجيل أول إشارات دماغية لدى إنسان باستخدام جهاز لاسلكي قابل للزرع بالكامل، أُطلق عليه اسم "كونيكسوس" من شركة بارادروميكس. هذه التجربة التي جرت خلال عملية جراحية لعلاج الصرع تمثل نقلة نوعية في تقنيات واجهات الدماغ والحاسوب (Brain-Computer Interfaces)، وتفتح الباب واسعاً أمام علاجات مستقبلية مبتكرة لمن يعانون من حالات عصبية معقدة مثل فقدان القدرة على الكلام أو الحركة.

وكان الفريق العلمي قد زرع بتاريخ 14 من مايو عام 2025 الجهاز مؤقتاً في الفص الصدغي للدماغ - وهو الجزء المرتبط بالذاكرة وتحليل الأصوات - أثناء العملية الجراحية الروتينية لإحدى مريضات الصرع، ليستفيدوا من هذا الإجراء الطبي الضروري ويجربوا الجهاز دون تعريض المريضة لخطر إضافي. وتمكنت التجربة من التقاط إشارات عصبية فائقة الدقة بنجاح، ما يؤكد جاهزية التقنية الجديدة لدخول مراحل اختبار أوسع مستقبلاً.

ويربط هذا الإنجاز بين الإمكانات الكبيرة للجهاز وتصميمه غير المسبوق، إذ يتميز "كونيكسوس" بحجمه المتناهى الصغر – أصغر من عُملة معدنية صغيرة – ويحتوي على مصفوفة من 421 قطباً كهربائياً فائق الدقة، ويبلغ سُمك كل منها أقل من شعرة الإنسان. وخلافاً للأجهزة السابقة التي كانت تعتمد على أسلاك خارجية تقع خارج الجسم ويمكن أن تسبب ضرراً نسيجياً، يتمتع الجهاز الجديد بإمكانية زراعته بالكامل داخل الجسم بدون أي توصيلات خارجية.

ويعمل الجهاز عبر التقاط إشارات كهربائية دقيقة من خلايا عصبية محددة، ثم يرسل هذه البيانات عبر موصل دقيق إلى جهاز إرسال مزروع في منطقة الصدر، والذي بدوره يبث المعلومات لاسلكياً إلى حاسوب خارجي. بعد ذلك تأتي دور الخوارزميات المتقدمة والذكاء الاصطناعي في ترجمة إشارات الدماغ إلى أوامر محددة مثل تحريك مؤشر على شاشة أو نطق كلام اصطناعي، ما يمثل خطوة كبيرة نحو استعادة وظائف النطق والحركة لمن فقدوها.

وتقودنا هذه الفكرة مباشرة إلى ميزة مهمة وتفصيلية يقدمها الجهاز الجديد: توفير دقة عالية في قراءة إشارات عصبية على مستوى خلايا الدماغ المنفردة، على عكس الطرق التقليدية التي تلتقط إشارات عامة من مجموعات أكثر تعقيداً من الخلايا. هذا النهج الدقيق يمهد لمستويات متقدمة من التحكم وسرعات أعلى في التواصل، حيث تشير توقعات العلماء إلى إمكانية تحقيق تقنيات كهذه سرعة نطق تقترب من المحادثة الطبيعية (130 كلمة في الدقيقة)، مما يعني تغيراً جذرياً في حياة ملايين المرضى.

من جهة أخرى، يُسهّل تصميم الجهاز وآلية زرعه استخدام أدوات جراحية مألوفة لدى الأطباء، مما يعني أن هذه الطريقة قابلة للتوسع عالمياً بعد التحقق من فاعليتها وسلامتها، ضمن دراسات أكبر تستعد الشركة لإطلاقها حال الموافقة التنظيمية، وتشمل عشرات المرضى لفترات طويلة تصل إلى عام كامل، بهدف التأكد من أمان وفعالية الجهاز على المدى الطويل.

ولا تتوقف أحلام الباحثين عند استعادة القدرة على الحركة أو الحديث؛ إذ يطمح العلماء إلى الاستفادة من هذه التقنية الدقيقة في المستقبل لمعالجة مشكلات صحية أخرى، مثل تخفيف الآلام المزمنة ومعالجة بعض الاضطرابات النفسية من خلال فهم وترجمة نشاط الدماغ.

ومن الجدير بالذكر أن ميدان واجهات الدماغ والحاسوب يشهد اهتماماً متنامياً من منظمات استثمارية، إذ تدفقت مؤخراً استثمارات تصل إلى ملياري دولار أمريكي في هذا المجال المزدهر، ما يعكس اهتماماً متزايداً ودعماً كبيراً لابتكارات مثل مشروع شركة بارادروميكس ومنافسيها من شركات كنيورالينك وسينكرون.

ذو صلة

وهكذا نشهد حالياً جهوداً غير مسبوقة لتطوير تقنيات تواصل بين الدماغ والكمبيوتر أقل تدخلاً وأكثر استدامة، وقد تجسد هذا في جامعة ميشيغان التي انتقلت بوضوح من أجهزة الجيل القديم مثل مصفوفة يوتا، إلى جهاز "كونيكسوس" المبتكر والقابل للزرع، ما يعزز فرص تحسين نوعية الحياة للمرضى بصورة غير مسبوقة.

ومع نجاح هذه التجربة، تتأكد أهمية العمل المستمر على تبسيط المصطلحات العلمية والتقنية لتكون أقرب وأوضح لاهتمام الجمهور العام؛ فبإمكان تقنية مثل "كونيكسوس" أن تغيّر حياة ملايين الناس إذا قُدمت بطريقة واضحة وملهمة وتسلط الضوء على أثرها الإنساني الواقعي. ومن خلال اختيار الكلمات القوية والمناسبة، نتمكن من إطلاع القارئ بصورة أوضح وأعمق عن فوائد هذه الابتكارات العلمية الباهرة، لنشارك جميعاً بوعي واهتمام في هذه الثورة العلمية والطبية الجديدة.

ذو صلة