فرنسا تُحاكي لحظة الخلق.. بأقوى ليزر عرفه العالم حتى الآن

3 د
نجح العلماء الفرنسيون في إطلاق "أبولون" أقوى شعاع ليزر بقدرة 10 بيتاواط.
يشبه "أبولون" ظروف اللحظات الأولى من تشكل الكون بدقة فائقة.
تجربة أمريكية في كاليفورنيا استخدمت تقنية "فليبر" لتحقيق ليزر بقدرة 1 بيتاواط.
تتنافس الدول مثل فرنسا، الولايات المتحدة، والصين لاكتساب التفوق العلمي في الليزر.
يُمثل "أبولون" رمزًا للمكانة الرائدة لفرنسا في السباق التكنولوجي العالمي.
في مختبر هادئ غير بعيد عن تفاصيل الحياة اليومية بضواحي باريس، نجح فريق من العلماء الفرنسيين مؤخراً بإطلاق أقوى شعاع ليزر عرفه التاريخ. هذا الإنجاز الرائد، والذي يحمل اسم "أبولون"، قوي لدرجة أنه قادر على محاكاة الظروف التي حدثت في الفضاء السحيق وفي اللحظات الأولى من تشكّل الكون ذاته.
يعمل ليزر "أبولون" بطاقة تصل إلى 10 بيتاواط، وهي وحدات فلكية في طاقتها إذا حاولنا تقريب الصورة: يمثل هذا الشعاع إطلاق كمية هائلة من الطاقة تتجمع في زمن عبارة عن فيمتوثانية، والفيمتو ثانية هي جزء من مليون مليار جزء من الثانية! ما يعني أن العلماء باتوا اليوم قادرين عملياً على خلق ظروف مشابهة لتلك التي رافقت نشأة الكون، بل والاقتراب من كشف ألغاز بعض الظواهر الكونية الغامضة مثل انفجارات أشعة غاما أو حتى السلوكيات المعقدة للبلازما شديدة الكثافة.
وفي الوقت الذي تواصل باريس تقدّمها بخطوات ثابتة في ميدان فيزياء الليزر الفائقة القوة، جذبت تجربة أمريكية جديدة الأنظار مؤخراً. ففي مختبر "سلاك" الوطني للمعجّلات في كاليفورنيا، تمكّن العلماء من تحقيق إنجاز أولي، تمثّل بإطلاق نبضة ليزرية بقوة 1 بيتاواط بطريقة مبتكرة تعتمد ما يُسمّى تقنية "فليبر".
تستخدم هذه التقنية حزمًا من الإلكترونات المسرعة إلى سرعة قريبة من سرعة الضوء، حيث يتم ضغط حزم الإلكترونات بإشعاعات وترددات راديوية قوية ومغناطيسات خاصّة، قبل مرورها عبر مجال مغناطيسي يُدعى بالـ "أندولاتر" بالتوازي مع أشعة ليزر، ما يضاعف قوّة الطاقة بشكل مدهش.
رغم أن الإنجاز الأمريكي بقي مؤقتاً للحظات قصيرة جداً، إلا أنه أثار اهتماماً عالمياً متزايداً، لأنه أظهر إمكانية استحداث أشعة الليزر عالية القوة عبر تقنيات جديدة قد تؤسس لمستقبل عملي متعدد الاستخدامات العلمية. ومن بين التطبيقات المحتملة لهذه التقنية دراسة الظواهر الفيزيائية في محيط الثقوب السوداء وفحص الفضاء "الفراغ الكمي"، الذي هو في الواقع مساحة مليئة بتقلّبات كمومية وجسيمات دقيقة لا تُرى بالعين المجرّدة.
وهذا يربط بين تطورات التجربة الأمريكية الجديدة وطموحات "أبولون" الفرنسية البعيدة المدى؛ فالمختبر الفرنسي، الذي تم تطويره بالتعاون بين كبرى المؤسسات الأوروبية مثل المركز الوطني للبحوث العلمية ومدرسة البوليتكنيك وشركة تاليس للصناعات المتقدمة، يتميز بأنه أصبح جزءاً أساسياً في مجتمع البحث العلمي الأوروبي، ويعمل باستمرار وبكفاءة عالية جداً. إذ يمكن لفرق متعددة من الباحثين استخدامه لتنفيذ تجارب دقيقة ومعقدة، وهو ما يمنحه تفوقاً استراتيجياً واضحاً.
هذا التنافس التقني لا يقتصر على فرنسا والولايات المتحدة فقط. فمشاريع مماثلة بدأت تظهر بالفعل في الصين وكوريا الجنوبية، وحتى أوروبا نفسها لديها هيئات أخرى مثل منشأة "إلي" في رومانيا، والتي تسعى جميعها لامتلاك قدرات مشابهة، ما يعكس الأهمية المتزايدة لاستخدام الليزر في مجالات الأبحاث الفيزيائية والاستراتيجية على حد سواء.
بالتالي، فإن السيطرة على مثل هذا النوع من التكنولوجيا المتطورة لا يمثّل فقط نجاحاً علمياً، بل يمتد ليكون جزءاً من سباق تكنولوجي عالمي يضمن لأصحابه نفوذاً علمياً وسيادياً الهائل على مستوى العلوم والابتكار. من هنا يصبح "أبولون" رمزاً قوياً يسلّط الضوء على المكانة الرائدة لفرنسا وأوروبا في هذه المواجهة العلمية الدولية الناشئة.
لكن يبقى التحدي الحقيقي في المستقبل هو ضمان تطوير هذه التقنيات لتصبح أكثر فعالية واستدامة، ما يستدعي استثماراً مستمراً ووعياً أكبر بجوانب السلامة والطاقة. كما يمكن تحسين نصوص كهذه بإدخال كلمات أقوى دلالة، لاستبدال عبارات مثل "أثار اهتماماً" بكلمات أكثر عمقاً مثل "لفت أنظار العالم"، وتضييق التركيز بصورة أدق على التطبيقات العملية المحتملة لإنجازات الليزر الفائق القوة مع جمل ربط توضح للقارئ بصورة أوضح أسباب أهمية هذه التنافسية العلمية. في النهاية، تؤكد هذه النجاحات أن المستقبل قد بدأ بالفعل في مختبرات هادئة، حيث تحاول الإنسانية جاهدة فك ألغاز الكون، شعاع ضوء بعد آخر.