كائن لم نعرفه إلا بعد رحيله… حفرية تكشف نوعًا منقرضًا من أقرباء الكنغر

3 د
اكتشف علماء أستراليون نوعًا جديدًا من الجرابيات يشترك في سلفة مع الكنغر.
الأبحاث تضمنت تحليل حفريات من كهوف منطقة نولاربور بجنوب غرب أستراليا.
أُطلق على النوع الجديد اسم مؤقت *Bettongia haoucharae* بالتشاور مع السكان الأصليين.
الاكتشاف يعزز جهود حماية التنوع الجيني للحياة البرية الأسترالية.
البيتونغ ذو الذيل الفُرشي يُسهم في الحفاظ على التوازن البيئي في أستراليا.
في خبر يفتح نافذة مدهشة على أسرار الطبيعة، أعلن فريق من العلماء الأستراليين عن اكتشاف نوع جديد من الجرابيات يعيش في الأدغال، ويتشارك سلفة مشتركة مع الكنغر. لكن المفارقة المؤسفة أن الأدلة الأولية تشير إلى أن هذا الكائن قد انقرض قبل أن يكتشفه العلم.
المفاجأة جاءت عقب دراسة مكثفة أجراها باحثون من جامعة كيرتن ومتحف أستراليا الغربية وجامعة مردوخ، حيث قاموا بتحليل حفريات تم العثور عليها في كهوف منطقة نولاربور وجنوب غرب البلاد. هذا البحث كشف عن وجود نوع جديد من حيوان *البيتونغ* إضافة إلى سلالتين غير موصوفتين سابقًا من الوويلي.
وهنا يبدأ الرابط مع الجهود الأوسع لحماية الحياة البرية في أستراليا، حيث يلعب الوويلي دورًا محورياً في النظام البيئي.
الوويلي – المعروف أيضًا باسم “البيتونغ ذو الذيل الفُرشي” – يقوم بعملية حفر للتربة بحثًا عن الفطريات المدفونة، وهي عادة بيئية ينتج عنها تقليب عدة أطنان من التربة سنويًا، ما يساعد على تهوية الأرض وتجديد خصوبتها. ورغم صغر حجمه، فإن أثره في الحفاظ على التوازن البيئي لا يقل أهمية عن دور حيوانات كبرى مثل الكنغر. ولهذا السبب يعتبر أحد أكثر الحيوانات التي يتم نقلها بين المحميات في أستراليا ضمن خطط إكثار وإعادة توطين الأنواع المهددة بالانقراض.
ومن هنا تأتي أهمية الاكتشاف الجديد الذي يعزز فهم العلماء للتنوع الجيني لهذه الكائنات المهددة.
الباحث الرئيسي جيك نيومان-مارتن أوضح أن الدراسة أظهرت وجود نوع جديد تمامًا استُدل عليه من بقايا متحجرة، بالإضافة إلى تعريف أوضح لسلالتين تعيشان حتى الآن. هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام تحسين برامج التربية ونقل الأفراد بين المحميات، إذ يساعد على ضمان تنوع وراثي أكبر وبالتالي فرص نجاة أعلى. أما الباحث كيني تراڤويون من متحف أستراليا الغربية، فقد أكد أن القياسات الدقيقة لعظام الجماجم والأجسام سمحت بتحديد الاختلافات التي لم تكن ملحوظة من قبل.
وهذا ما يعكس القيمة الكبرى لدمج الأدوات الجينية بالفحوص الحفرية كمنهج جديد في حماية البيئة.
النوع الجديد أُطلق عليه مبدئيًا اسم *Bettongia haoucharae*، لكن الباحثين شددوا على أنهم يعملون بالتعاون مع السكان الأصليين لاختيار اسم يعكس الإرث الثقافي للمنطقة، خاصة أن كلمة “وويلي” نفسها ذات أصل من لغة النونغار. هذه الخطوة ليست مجرد تسمية علمية، بل تعبر عن احترام متبادل بين العلم والهوية المحلية.
وبذلك يبرز البعد الإنساني والثقافي الذي يرافق الأبحاث البيئية في أستراليا اليوم.
في نهاية المطاف، تحمل قصة “الشبح الجرابي” رسالة مزدوجة: من جهة، تمنحنا لمحة عن ثراء الطبيعة الأسترالية الذي لم يُكشف بالكامل بعد، ومن جهة أخرى تدق ناقوس الخطر حول هشاشة هذه الحياة البرية التي قد تختفي قبل أن يتاح لنا التعرف عليها. اكتشاف كهذا لا يُضاف فقط إلى دفاتر التصنيف العلمي، بل يذكّرنا بأن كل حيوان، مهما بدا صغيرًا، هو حلقة أساسية في شبكة حياة أعقد مما نتخيل.