مع Gemini من جوجل… النصوص المعقدة تُفهم بسلاسة، والمعنى يبقى كما هو

3 د
طوّرت جوجل نظاماً يستخدم نماذج Gemini لتبسيط النصوص المعقدة دون فقدان المعنى.
يستخدم النظام حلقة آلية لتقييم قابلية القراءة والحفاظ على المعنى، وتحسين تعليمات التبسيط تلقائياً.
أظهرت دراسة واسعة أن التبسيط يُحسّن الفهم بنسبة تصل إلى 15% في النصوص المعقدة.
باتت هذه الميزة متاحة الآن عبر تطبيق Google على iOS تحت اسم "Simplify".
في خطوة واعدة لردم الفجوة بين التعقيد اللغوي والوصول إلى المعرفة، كشفت جوجل يوم 6 مايو 2025 عن نظام جديد يعمل على تبسيط النصوص المعقدة بطريقة دقيقة وغير خاسرة للمحتوى، باستخدام نماذج Gemini المدعومة بالذكاء الاصطناعي. هذه التقنية التي جاءت تحت عنوان الدراسة “LLM-based Text Simplification and its Effect on User Comprehension and Cognitive Load”، تهدف إلى تمكين المستخدمين من فهم المعلومات الحساسة في مجالات مثل الصحة والقانون والتمويل، دون الحاجة إلى خلفية متخصصة.
تبسيط دون اختصار أو تحوير: ما الفرق؟
يُميّز هذا النظام نفسه عن أدوات التلخيص أو التفسير التقليدية، إذ لا يسعى إلى تقليص حجم النص أو إضافة معلومات جديدة، بل يُعيد صياغة النص المعقّد بشكل يحافظ على المعنى الكامل والدقيق، ويُسهّل فهمه على القارئ. هذه المقاربة الجديدة تُعرف باسم "التبسيط غير الخاسر" أو "minimally-lossy simplification"، وهي تمثل تحولاً في طريقة إتاحة المعرفة من خلال الذكاء الاصطناعي.
كيف يعمل النظام؟ دورة مغلقة من التقييم والتحسين الذاتي
لبناء هذه المنظومة، طوّرت جوجل حلقة آلية تجمع بين تقييم الجودة وتحسين التعليمات الموجهة للنموذج. حيث يتم:
- تقييم قابلية القراءة باستخدام نماذج Gemini لتحديد مدى سهولة فهم النص، اعتماداً على مقياس من 1 إلى 10، تم ضبطه عبر مقارنة النتائج بالحكم البشري.
- تقييم دقة المعنى، ويُقصد به التأكد من عدم فقدان أو تحريف أو إضافة أي معلومة عند إعادة الصياغة. ويتم ذلك من خلال مقارنة الادعاءات بين النص الأصلي والمُبسّط، باستخدام Gemini 1.5 Pro.
- تحسين تلقائي للتعليمات (Prompt Refinement)، وهو ما يمكّن النماذج من تحسين طريقة عملها تدريجياً عبر مئات التكرارات، من خلال تغذية تقييمات الأداء إلى نموذج آخر يُقترح بدوره تعليمات جديدة.
هذه الحلقة التي استمرت لـ824 تكراراً، سمحت للنظام بتطوير استراتيجيات فعالة للتبسيط، دون الحاجة لتدخل بشري في كل مرحلة من مراحل التحسين.
دراسة موسّعة: هل ينجح التبسيط فعلاً في تحسين الفهم؟
للتحقق من فعالية التقنية، أجرت جوجل تجربة عشوائية واسعة النطاق شملت 4563 مشاركاً خضعوا لاختبارات على 31 نصاً متنوعاً من مجالات معقدة مثل الطب والقانون والفلسفة وعلوم الحاسوب. قُسّمت التجربة إلى مجموعات قرأت إما النص الأصلي، أو النص المُبسّط، أو كلاهما، مع تقييم فهمهم عبر أسئلة متعددة الخيارات، واختبارات للثقة بالنفس، ومستوى الجهد العقلي.
النتائج جاءت لافتة:
- ارتفعت نسبة الإجابات الصحيحة بمعدل 4% عند قراءة النص المُبسّط، وبلغت الزيادة 15% في النصوص الطبية الأكثر تعقيداً.
- سجّل المشاركون ثقة أكبر (زيادة بمتوسط 0.24 نقطة على مقياس -2 إلى 2) وشعروا بأن المهمة أسهل (بزيادة 0.33 نقطة).
- حتى عندما لم يُسمح للمشاركين بالعودة إلى النص أثناء الاختبار، حافظ المُبسّطون على تفوقهم، ما يدل على تحسن في الفهم الحقيقي، لا الحفظ المؤقت.
متاحة الآن عبر ميزة جديدة في تطبيق Google على iOS
بدءاً من اليوم، أصبح بإمكان مستخدمي تطبيق Google على أجهزة iOS الاستفادة من هذه التقنية الجديدة عبر ميزة "Simplify"، حيث يمكن للمستخدم تحديد نص معقد أثناء التصفح، والضغط على زر "تبسيط" لمشاهدته بإصدار أوضح دون مغادرة الصفحة.
رؤية أوسع: نحو إنترنت أكثر شمولاً
بحسب فريق البحث، فإن هذه التقنية لا تهدف فقط إلى تسهيل فهم النصوص، بل إلى بناء منظومة معرفية أكثر شمولاً، تمنح الجميع - بغض النظر عن خلفيتهم التعليمية - فرصة لفهم المعلومات التي تؤثر على حياتهم. وفي مجالات مثل الرعاية الصحية أو العقود القانونية، قد تمثل هذه الأداة فارقاً بين الوعي والارتباك.
تحديات قائمة... لكن الخطوة الأولى واعدة
رغم النتائج المبشرة، أشار الباحثون إلى بعض القيود، مثل أن عينة المشاركين تم تجنيدها عبر الإنترنت ولا تعكس بالضرورة جمهوراً يسعى بفعالية لفهم النصوص المعقدة. كما أن نماذج الذكاء الاصطناعي لا تزال عرضة للأخطاء، ما يستدعي استمرار المتابعة البشرية. ومع ذلك، تُعد هذه التجربة من أكبر الدراسات الكمية في مجال تبسيط النصوص، وتضع معياراً جديداً لكيفية تفاعل الذكاء الاصطناعي مع اللغة البشرية.