آلة كمومية قد تتنبأ بالمصير النهائي للكون

2 د
طور العلماء جهازًا يستخدم التلدين الكمومي لمحاكاة انهيار الفراغ الزائف.
هذه الظاهرة، إن حدثت، يمكن أن تؤدي إلى إعادة تشكيل الكون بالكامل بسرعة الضوء.
تحاكي التجربة انهيار الفقاعات الطاقية داخل فراغ كمومي، مما يساعد على فهم تأثيراتها.
يمثل البحث خطوة مهمة في دراسة أصل الكون والمصير المحتمل للواقع.
في خطوة ثورية قد تغير فهمنا لطبيعة الواقع، طور فريق من الفيزيائيين في أوروبا جهازًا يستخدم تقنية تعرف باسم "التلدين الكمومي" (Quantum Annealing) لدراسة ظاهرة كارثية محتملة قد تؤدي إلى انهيار الكون كما نعرفه.
وفقًا للدراسة التي قادها زلاتكو بابيتش، الفيزيائي النظري بجامعة ليدز في المملكة المتحدة، فإن هذه التقنية توفر طريقة جديدة لمحاكاة ما يُعرف بـ "اضمحلال الفراغ الزائف"، وهي عملية نظرية يمكن أن تعيد كتابة القوانين الفيزيائية بمعدل يماثل سرعة الضوء، مما يؤدي إلى زوال تام للواقع.
هل يمكن أن يحدث هذا بالفعل؟
يعود هذا المفهوم إلى أواخر القرن العشرين عندما طرح العالمان الأمريكيان سيدني كولمان وفرانك دي لوشيا فكرة مثيرة للقلق: ماذا لو لم يكن الفراغ المطلق هو أدنى حالة طاقة في الكون؟ بمعنى آخر، قد يكون واقعنا مجرد طابق زائف قائم على "أرضية" غير مستقرة.
في حال حدوث انهيار في أي نقطة من الكون، يمكن أن تتوسع فقاعة من الطاقة الأدنى بسرعة الضوء، مسببةً تغيرات جذرية في الثوابت الفيزيائية الأساسية، مما يؤدي إلى انهيار كل البنى المادية كما لو كانت بيتًا من ورق.
يقول بابيتش: "نحن نحاول تطوير أنظمة يمكننا من خلالها إجراء تجارب بسيطة لدراسة هذه الظواهر. بالرغم من أن نطاقات الزمن لهذه العمليات في الكون شاسعة، فإن استخدام التلدين الكمومي يسمح لنا بمراقبتها في الزمن الحقيقي، مما يمكننا من رؤية ما يحدث بالفعل."
كيف يعمل التلدين الكمومي؟
يتطلب اختبار هذه الفرضيات أدوات فيزيائية متقدمة، حيث استخدم فريق البحث جهازًا يضم آلاف الوحدات فائقة التوصيل تعمل كأجزاء في حاسوب كمومي، لمحاكاة فضاء فارغ يموج بالاحتمالات.
تكشف الدراسة أن حجم أي فقاعة تنهار داخل هذا الفراغ يعتمد على التوازن بين الطاقة المكتسبة من الانخفاض المفاجئ في الداخل والطاقة المفقودة عند السطح الخارجي. وإذا ظهرت فقاعات متعددة، فإنها تتفاعل بطريقة معقدة حيث يمكن للفقاعات الصغيرة التأثير على توسع الفقاعات الأكبر.
ما الذي تكشفه هذه التجربة؟
على الرغم من أن البحث لا يؤكد وجود الفراغ الزائف، أو يحدد متى قد يحدث انهياره، فإنه يمثل تقدمًا كبيرًا في فهم سلوكيات الظواهر الكمومية التي قد تؤثر على الكون.
يضيف بابيتش:
"نحن نتحدث عن عملية يمكن أن تغير بنية الكون بالكامل. التغيرات في الثوابت الفيزيائية قد تحدث لحظيًا، مما يؤدي إلى انهيار الواقع كما نعرفه. نحتاج إلى تجارب محكومة لمراقبة هذه العمليات وتحديد نطاقاتها الزمنية."
بالنظر إلى هذا التطور، فإن دمج المحاكاة الكمومية مع الفيزياء النظرية المتقدمة قد يقربنا من الإجابة عن بعض أعمق ألغاز الكون، وربما يساعدنا مستقبلًا على فهم كيفية نشوء كوننا ذاته.