ذكاء اصطناعي

أضخم كائن في المحيط… ليس حوتًا ولا أخطبوطًا، بل مرجان صامت يختبئ منذ قرون

محمد كمال
محمد كمال

3 د

كشفت بعثة علمية عن كتلة مرجانية هائلة بجزر سولومون، الأكبر بتاريخ الاكتشافات البحرية.

المستعمرة المرجانية تبلغُ من العمر أكثر من ثلاثمئة عام، وهي بطول 105 أقدام.

وُجد المرجان العملاق بحالة صحية جيدة بفضل جهود الحماية المحلية.

الهدف من الاكتشاف هو دعم الجهود الرسمية ومشاريع حماية الشعاب المرجانية.

المرجان العملاق يُعتبر "أضخم كائن بحري حي" عرفه الإنسان حتى الآن.

عندما نتحدث عن كائنات بحرية عملاقة، يخطر في بالنا الحوت الأزرق أو أساطير الكراكن والوحوش الغارقة في أعماق المحيط. لكن المفاجأة أن أحدث بعثة علمية في جزر سولومون كشفت عن كائن غير متوقّع: كتلة مرجانية هائلة تُعدّ الأكبر في تاريخ الاكتشافات البحرية.

هذا الكشف لم يأت من فراغ، بل كان ثمرة تعاون دولي بين ناشيونال جيوغرافيك، منظمة Pristine Seas، وحكومة جزر سولومون، إلى جانب وزارة التعليم المحلية. الهدف كان دراسة النظم البيئية للشعاب المرجانية ومتابعة تأثير تغيّر المناخ عليها، إلا أن النتائج فاقت كل التوقعات.


أكبر من الحوت الأزرق

الكائن المكتشف ليس وحشاً مفترساً، بل مستعمرة مرجانية تُعرف باسم Pavona clavus أو "مرجان لوح الكتف". هذه المستعمرة الهائلة تقع على عمق 42 قدماً، وتمتد بعرض 112 قدماً وطول 105 أقدام مع ارتفاع يصل إلى خمسة أمتار تقريباً. الأهم من الحجم هو العمر: أكثر من ثلاثمئة عام، أي أنها سبقت الثورة الصناعية بزمن طويل.
ومن اللافت أن هذا المرجان الضخم يتكون من ما يقارب مليار بوليب حيّ، ما يجعله كائناً فريداً في ضخامته واستمراريته. وهذا يربط بين فكرة ضخامة المرجان والعمر الطويل الذي يفوق أي حيوان معروف حتى الآن.


شهادة خبراء البحار

إنريك سالا، مستكشف ناشيونال جيوغرافيك ومؤسس برنامج Pristine Seas، وصف الاكتشاف قائلاً:


"العثور على هذا المرجان أشبه بالعثور على أطول شجرة على كوكب الأرض"

تصريح يعكس الانبهار والإحساس بأن المحيطات ما تزال تحتفظ بأسرار هائلة رغم كل الدراسات السابقة.
وهذا يقود للنقطة التالية: أن الاكتشاف ليس مجرد مشهد بصري، بل دليل على مرونة الطبيعة وإمكانية بقاء الأنظمة البيئية قوية رغم التحديات.


الأمل في الحماية البيئية

المثير أيضاً أن المرجان العملاق وُجد في حالة صحية جيدة نسبياً، بفضل جهود المجتمعات المحلية التي تحمي مياهها منذ سنوات. ومع تسارع تهديدات الاحتباس الحراري وتراجع التنوع الحيوي، يأمل العلماء أن يصبح هذا الكشف حافزاً لدعم رسمي ومشاريع أوسع لحماية الشعاب المرجانية، باعتبارها خط الدفاع الأول عن التوازن البيئي للمحيطات.
وبهذا يتضح أن الاكتشاف لا يخص المرجان وحده، بل ينعكس على مستقبل الملايين من الأحياء البحرية المرتبطة به.


مقارنة مع عمالقة البحر

ذو صلة

لكي ندرك مدى ضخامته، يكفي أن نذكر أن الحوت الأزرق، أضخم كائن معروف اليوم، يصل طوله إلى نحو 30 متراً ويعيش حوالي تسعين عاماً فقط. المستعمرة المرجانية في المقابل أكبر مساحة وأطول عمراً. بل إن قناديل البحر العملاقة مثل قنديل قَدر الأسد الذي تمتد مجساتُه إلى أكثر من 36 متراً، لا تضاهي هذا المرجان في العرض ولا في الاستقرار البنيوي.
وهذا يضع المرجان في مرتبة "أضخم كائن بحري حي" عرفه الإنسان حتى الآن.

في الخاتمة، يتجاوز هذا الاكتشاف حدود الأرقام والمقاييس؛ فهو رسالة قوية بأن المحيطات ما زالت تحتفظ بعجائب قادرة على إدهاشنا، وأن الحفاظ عليها مسؤولية مشتركة. قد تكون الشعاب المرجانية هذه أضخم من الحيتان وأطول عمراً من قصص الملاحة، لكنها تظل هشة أمام خطر تغيّر المناخ، وهو ما يجعل حمايتها أولوية كونية لا تقل أهمية عن أي إنجاز علمي.

ذو صلة