ذكاء اصطناعي

أطول جزيئات كربونية تُكتشف على المريخ: هل تقترب البشرية من إثبات وجود حياة قديمة عليه؟

فريق العمل
فريق العمل

3 د

اكتشف مسبار "كيوريوسيتي" سلاسل كربونية طويلة في فوهة "غيل" على المريخ، تُعدّ من أطول المركبات العضوية التي رُصدت حتى الآن على الكوكب.

يشكّل الاكتشاف خطوة مهمة في البحث المستقبلي عن علامات الحياة على المريخ باستخدام أدوات أكثر تطوراً.

تم التحليل باستخدام تقنيات حرارية وكيميائية متطورة شملت تسخين العيّنات إلى 850 درجة مئوية.

قد تكون المركبات المكتشفة ناتجة عن عمليات غير حيوية، لكنها أيضاً قد تمثل بقايا حياة قديمة.

في تطوّر جديد يعيد إشعال الجدل العلمي حول احتمالات وجود حياة سابقة على المريخ، تمكّن مسبار "كيوريوسيتي" التابع لوكالة ناسا من الكشف عن سلاسل كربونية طويلة — وهي من أطول الجزيئات العضوية التي تم رصدها على سطح الكوكب حتى الآن — في قاع بحيرة قديمة ضمن فوهة "غيل".


عيّنات قديمة تكشف عن أسرار دفينة

قاد فريق دولي من الباحثين هذا الاكتشاف، تحت إشراف العالمة الفرنسية كارولين فرايسينيه، المتخصصة في الكيمياء التحليلية في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي (CNRS). وجرى تأكيد نتائج التحليل من خلال اختبارات مخبرية دقيقة على الأرض، لتأكيد وجود هذه المركبات الكربونية المعقدة التي يُعتقد أنها تعود إلى أكثر من 3.7 مليار عام.


سلاسل كربونية معقدة في تربة المريخ

خلال تحليلٍ لعيّنة من صخر طيني يُعرف باسم "كمبرلاند"، استخدم العلماء تقنية مطوّرة تُعرف بالتحليل الحراري مع تعزيزات كيميائية، أتاحت تسخين العيّنة حتى 850 درجة مئوية دون تدمير المركبات الحساسة داخلها. وكانت النتيجة مثيرة: الكشف عن سلاسل من الكربون تتكون من 10، 11، و12 ذرة، وهي المعروفة باسم "الكانات المشبعة" مثل الديكان (C10H22)، الأوندكان (C11H24)، والدودكان (C12H26).

وتُعدّ هذه الجزيئات أكثر تعقيداً من المركبات التي تم رصدها سابقاً على سطح المريخ، والتي كانت عادةً من النوع العطري ذي الحلقات الكربونية المغلقة. وعلّقت فرايسينيه على هذا الاختلاف قائلة:


"هذه المرة نرصد جزيئات خطّية أقل استقراراً من المركبات العطرية، ومع ذلك فهي لا تزال موجودة بعد مليارات السنين، ما يشير إلى إمكانات مثيرة في علم الكيمياء الكوكبية."


هل هذه السلاسل ناتجة عن حياة سابقة؟

رغم أن هذه المركبات يمكن أن تتشكّل عبر عمليات غير حيوية — مثل تفاعل الهيدروجين وأول أكسيد الكربون ضمن معادن المريخ — إلا أن وجودها لا يستبعد السيناريو الأكثر إثارة: أنها قد تكون ناتجة عن تحلّل مركبات عضوية أكثر تعقيداً، ربما كانت ذات يوم جزءاً من شكل من أشكال الحياة.

ويشرح الفريق أن أجسامنا البشرية نفسها تحتوي على أحماض كربوكسيلية شبيهة بتلك التي يمكن أن تتشكل من تفكك هذه الجزيئات، وهو ما يمنح هذا الاكتشاف بعداً بيولوجياً محتملاً. وقد أشار الباحثون في دراستهم إلى أن:


"رغم أن العمليات غير الحيوية يمكنها إنتاج هذه الأحماض، فإنها تُعدّ منتجات كيميائية شاملة في علم الأحياء، سواء الأرضي أو ربما المريخي."


أهمية الاكتشاف والتطلعات المستقبلية

يؤكد هذا الإنجاز العلمي أن أدوات التحليل المتطورة المتوفرة لدينا اليوم — مثل جهاز التحليل الكيميائي الموجود على متن مسبار "كيوريوسيتي" — قادرة على استكشاف كيمياء المريخ السطحية بعمق غير مسبوق. ورغم أننا لم نصل بعد إلى الدليل القاطع على وجود حياة قديمة أو حالية في أعماق المريخ، فإن هذا الاكتشاف يشكّل خطوة جوهرية نحو توجيه المهمات المستقبلية للبحث بشكل أعمق، خاصة في المناطق التي يُحتمل وجود مياه سائلة فيها تحت السطح.

ذو صلة

بصمات الحياة... أم خدعة الكيمياء؟

في نهاية المطاف، وبينما يواصل العلماء تحليل هذه العينات المثيرة، من الصعب ألا يشعر الإنسان بشيء من الدهشة أمام احتمال أن تكون هذه السلاسل الكربونية التي صمدت لقرون، بقايا شكل من أشكال الحياة تطور في عالم آخر. ربما يكون هذا الاكتشاف خطوة جديدة في رحلتنا لفهم إن كنا وحدنا في الكون، أم أن للمريخ قصة حياة طواها الزمن في طبقاته الصخرية العتيقة.

ذو صلة