دواء لعلاج حب الشباب يُنتج حيوانات منوية لدى رجال بلا أمل سابقًا… ولكن بتحذيرات!

4 د
يُظهر دواء أكيوتان إمكانية علاج العقم لدى بعض الرجال باستعادة إنتاج النطف.
أظهرت الدراسة أن تناول أكيوتان لستة أشهر يحفز إنتاج النطاف المتحركة.
تعتمد فعالية أكيوتان على رفع مستويات حمض الريتينويك المسؤولة عن نضوج الخلايا المنوية.
تشير نتائج الدراسة إلى التحولات المحتملة في علاج العقم لدى الذكور.
على الرغم من النتائج الإيجابية، إلا أن الأطباء ينصحون بالحذر بسبب حجم الدراسة المحدود.
بينما اعتاد الجميع على سماع اسم "أكيوتان" كعلاج قوي لحبّ الشباب، يبدو أن هذا الدواء العريق يطلّ بوجه جديد في الساحة الطبية: استعادة القدرة على إنتاج النطف لدى الرجال المصابين بالعقم. دراسة حديثة، وإن كانت صغيرة الحجم، تقدّم مؤشرات واعدة بأن هذا العقار قد يساعد بعض الرجال على تجنّب العمليات الجراحية الصعبة التي تُستخدم لاستخلاص الحيوانات المنوية.
مشكلة العقم لدى الذكور كثيراً ما ترتبط بانخفاض حاد في عدد الحيوانات المنوية أو غيابها تماماً من السائل المنوي، وهي حالة تعرف في الأوساط الطبية باسم "الأزوسبيرميا". في هذه الحالات، غالباً ما يضطر المرضى للخضوع لجراحة مؤلمة تهدف إلى استخراج النطاف مباشرةً من الخصيتين لأجل تقنيات التلقيح الصناعي مثل الحقن المجهري، وهي عملية تُعدّ مكلفة وترتبط بتعافي طويل وإمكانية حدوث مضاعفات مثل الالتهابات. هنا يبرز التساؤل: هل ثمة بديل أقل قسوة وأكثر سهولة؟ وفق التجربة الجديدة المنشورة في مجلة متخصصة في الإنجاب، تناول مجموعة من الرجال دواء "إيزوتريتينوين" (المعروف تجارياً باسم أكيوتان) لمدة ستة أشهر، وكانت النتائج مفاجئة: بعضهم بدأ بإنتاج نطاف قادرة على الحركة في السائل المنوي للمرة الأولى.
ولفهم كيف يحقق أكيوتان هذه النتائج، يجب الربط بين خصائصه البيوكيميائية ووظائف الخصية الطبيعية. فالدواء فعلياً مشتقّ من فيتامين أ، ويساعد على زيادة مستويات حمض الريتينويك داخل الخصية، وهو العنصر الأساسي المسؤول عن نُضْج الخلايا المنوية وخروجها من قنوات التصنيع. هذا الاكتشاف يغير قواعد اللعبة لعشرات آلاف الأزواج الذين كانوا يظنون أن باب الأبوّة مغلق أمامهم.
من الجدير بالذكر أن الفريق البحثي ركّز على 30 رجلًا يعانون إما من انعدام النطاف (الأزوسبيرميا) أو ندرتها الشديدة (كريبتوزوسبيرميا). تلقى كل منهم 20 ملغم من الإيزوتريتينوين مرتين يومياً، وخضعوا جميعاً لمراقبة دورية للهرمونات والقيم الدموية وتحاليل السائل المنوي. وكانت المفاجأة أن 11 رجلاً، من بينهم جميع من لديهم "كريبتوزوسبيرميا"، بدءوا بإنتاج نطاف متحركة، ما سمح لهم بتجربة الإخصاب المجهري دون اللجوء للتدخل الجراحي. أما بقية المشاركين، فاحتاجوا إلى العملية الجراحية رغم ذلك، لكنها كانت أسرع وأكثر كفاءة بعد تجربة الدواء.
وهذا الربط بين النتائج العملية اليوم والتوجهات الحديثة في علاج العقم لدى الذكور يعكس تحولاً في التفكير الطبي، ويشجع الأطباء على إعادة النظر في استخدام الأدوية الكلاسيكية لتوظيفها خارج إطارها التقليدي.
بالرغم مما سبق، يحث الأطباءُ القُرّاء ومَن يعاني العقم على عدم التسرع في اعتبار العثور على "حل سحري". فحجم الدراسة ما زال صغيرًا، والنتائج تحتاج للتأكيد من خلال دراسات أوسع وأكثر تنوعاً جغرافيًا. إضافة إلى ذلك، لا يخلو "أكيوتان" من الآثار الجانبية، إذ أصيب جميع المشاركين بتشققات في الشفاه وجفاف الجلد، وشعر نصفهم تقريبًا بتغيرات في المزاج كالعصبية. رُصد أيضًا تصاعد في الدهون الثلاثية والكولسترول لديهم أثناء فترة العلاج، مما يستلزم مراقبة مخبرية دقيقة خلال الاستخدام الطويل للدواء.
في هذا السياق، الجملة الطبيعية التالية توضح كيف أن كل تلك المعطيات تدفع الأطباء إلى التروي في التوصية بعلاج العقم بالإيزوتريتينوين خارج إطار الدراسات السريرية المنظمة.
من المهم التنويه هنا إلى نقطة فارقة بين الجنسين: تناول "أكيوتان" أثناء الحمل يمثل خطورة شديدة على الجنين، وقد يؤدي إلى تشوهات خلقية، ما يجعل استخدامه بين السيدات في سن الإنجاب مقيداً بضوابط صارمة. أما عند الرجال، فالدلائل حتى الآن تشير إلى عدم وجود أثر سلبي جوهري على جودة المورثات في الحيوانات المنوية أو صحة الأبناء المحتملين، بل على العكس قد يحمل الدواء فائدة من حيث تحفيز إنتاج النطاف أو تحسين نوعيتها، كما أوضحت الدراسة.
ومع استمرار هذه الأبحاث، تتجه الأنظار إلى مستقبل قد يجد فيه بعض الرجال فرصة حقيقية لاستعادة الخصوبة بوسيلة دوائية سهلة نسبيًا، وهو ما قد يحوّل حياة كثيرين ويمنح الأمل لملايين الأزواج حول العالم.
في نهاية المطاف، تُشير هذه الدراسة إلى أن تجارب الطب ليست دائمًا خطية أو متوقعة. أحيانًا تكتشف البشرية طرقًا مبتكرة من "صندوق الأدوية القديم" قادرة على تغيير مسار العلاجات التقليدية. ورغم أن الرحلة لا تزال في بداياتها، يحمل كل اكتشافٍ كهذا جرس أمل لمن عانوا طويلاً في صمت مع مشاكل الخصوبة. تظل المسألة بحاجة للمزيد من البحوث الموسعة، ولكن ربما يكون "أكيوتان" بداية عهد جديد لتحقيق حلم الأبوة عبر مسار أبسط وأقل تعقيدًا.