ذكاء اصطناعي

أعظم شلال على وجه الأرض؟ في الحقيقة… هو تحتها!

أعظم شلال على وجه الأرض؟ في الحقيقة… هو تحتها!
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

شلال مضيق الدنمارك تحت الماء، أضخم من شلال أنجل، بعمق 3500 متر.

يشكل جزءًا من الدورة الحرارية الملحية، مؤثرًا في التوازن المناخي العالمي.

يمتد بعرض 480 كيلومترًا، ويتحرك ببطء مقارنة بشلالات الأرض.

تشكل خلال العصر الجليدي الأخير، ويحافظ على استقرار المناخ.

اكتشف عبر تكنولوجيا قياس حرارة وملوحة المياه الحديثة.

تختبئ بعيدًا عن أنظار العالم أجمل الأسرار الغامضة تحت سطح المحيط، ولعل أبرز هذه الأسرار وأكثرها إدهاشاً هو شلال عملاق تحت الماء، يُعرف بـ "شلال مضيق الدنمارك"، والذي يفوق في حجمه وضخامته أي شلال آخر على سطح كوكبنا.


شلال عملاق في أعماق البحار: هل يمكن تصديقه؟

تخيل أمامك شلالًا يفوق ارتفاعه ضعفي ارتفاع شلال أنجل الشهير في فنزويلا، والذي يُعد الشلال الأطول في العالم في اليابسة. يبلغ عمق شلال مضيق الدنمارك، الواقع بين جزيرة آيسلندا وجرينلاند، حوالي 3500 متر تحت سطح الماء، ما يساوي تقريبًا حوالي 11 ألفاً و500 قدم! نعم كما سمعت تمامًا، يشكل هذا المشهد الضخم شلالًا مدهشًا لا يمكن لأحد أن يراه بالعين المجردة.

قد تبدو الفكرة غريبة للوهلة الأولى، فحين نسمع بكلمة "شلال" يتبادر إلى أذهاننا منظر المياه المنهمرة بقوة من أعالي الجبال على الأرض. لكن في حالة "شلال مضيق الدنمارك"، تختلف القصة تماماً. المياه هنا تتدفق ببطء شديد مقارنة بشلالات اليابسة المعتادة؛ فبينما تهوي مياه شلالات نياجرا الشهيرة بسرعة تقدر بحوالي 30 مترًا في الثانية، تتحرك مياه شلال مضيق الدنمارك بسرعة نصف متر فقط في الثانية، أي حوالي 1.6 قدم في الثانية، وهو ما يجعله هادئًا وأكثر غموضًا.


امتداد خيالي تحت الماء

إذا كنت تعتقد أن شلالًا بهذا الحجم سيكون ضيقًا، فأنت مخطئ تماماً. شلال مضيق الدنمارك يمتد بعرض مذهل يبلغ 480 كيلومتر تقريبًا، وتغطي منحدراته مسافة هائلة تتراوح ما بين 500 إلى 600 كيلومتر على أرضية البحر. هذا الامتداد الكبير سيجعلك تتخيل تلك المياه وهي تتدفق بهدوء وأناة على امتداد هذا المنحدر الطبيعي الضخم في قاع المحيط.


أهمية عالمية مخفية في الأعماق

ورغم بطئه واحتجابه بعيدًا عن أنظارنا، يلعب هذا الشلال دوراً محورياً في توازن مناخنا العالمي. فما يحدث هنا، رغم بطئه وهدوئه، يعد جزءاً من ظاهرة عميقة وهامة تعرف بـ"الدورة الحرارية الملحية" أو ما يسميه العلماء غالباً بـ"الحزام الناقل المحيطي". هذه الدورة المحيطية الكبرى مسؤولة عن حركة مياه المحيطات ونقل المياه الدافئة والباردة حول العالم، وتوزيع الحرارة في الأرض، وضمان توازن أنماط المناخ.

ففي أعماق الشلال المختفي، تنساب مياه باردة كثيفة قادمة من بحار جرينلاند وآيسلندا والنرويج باتجاه الجنوب، حيث تستقر في البحر الأيرمنجري، ومنها تنتشر وتندمج داخل التيارات المحيطية التي تؤثر في مناخات كوكبنا بأسره.


من بقايا العصر الجليدي

ويرجع تكوين هذا الشلال إلى حقبة العصر الجليدي الأخيرة، أي منذ حوالي 17 ألفًا و500 سنة وحتى حوالي 11 ألفًا و500 سنة مضت، حين نحتت الجبال الجليدية الشاهقة هذا المكان المذهل، لتخلق واحدة من أعظم عجائب الأرض الخفية، التي بقيت طوال هذه الفترة من الزمن مجهولة بفضل موقعها السري تحت المياه.

كيف اكتُشِف هذا الاكتشاف الغريب؟

ذو صلة

من الطبيعي أن تتساءل الآن: كيف يمكننا أن نعرف أن شلالًا كهذا موجود أصلاً؟ فهذا المكان الهادئ والمختبئ لا يمكن النظر إليه من الطائرات ولا حتى بالأقمار الصناعية بسهولة. لكن العلماء تمكنوا من رصد وقياس اختلافات معينة في درجات حرارة المياه ودرجة ملوحتها من خلال التكنولوجيا الحديثة وأجهزة المسح البحري الدقيقة، مما سمح لهم بتثبيت وجود هذا الشلال المميز والتعرف على حجمه وأهميته العلمية والجغرافية.

هكذا نرى أن شلال مضيق الدنمارك، رغم صعوبة رؤيته وهدوئه التام تحت الأمواج، يلعب دورًا جوهريًا في الحفاظ على التوازن البيئي والمناخي على مستوى العالم. ومن يدري ماذا ستكشف لنا الأيام القادمة عن المزيد من أسرار هذا العالم الواسع الذي نعيش فيه!

ذو صلة