أكبر بيضة في مملكة الحيوان؟ ليست للنعامة كما تظن

3 د
بيضة النعامة تُعد الأضخم بين الطيور الحية، لكنها تتضاءل مقارنة ببيوض الماضي.
طائر الفيل في مدغشقر وضع أكبر البيوض، تفوق بيضة النعامة بكثير.
العلماء عثروا على بيضة ضخمة من زواحف بحرية ترجع لعهد الديناصورات.
طائر الكيوي يصغر حجمه لكنه يضع بيضة كبيرة نسبياً لوزنه.
تظهر أبحاث البيض عبر العصور تنوعاً مذهلاً في الحجم والتكيف بين الكائنات.
هل كنت تظن أن بيضة النعامة العملاقة هي الأضخم على الإطلاق في مملكة الحيوانات؟ ربما تُفاجأ إذا عرفت أن هناك من يسحب البساط من تحت أقدامها – أو بالأحرى، من تحت قشرتها! دعنا نأخذك في جولة داخل متحف الزمان والمكان بحثًا عن أكبر بيضة وُجدت يوماً، ونكشف معاً سر من حمل اللقب في الماضي السحيق.
قبل أن نغوص في أعماق التاريخ، يجدر بنا أن نوضح مكانة النعامة اليوم، فهي طائرٌ ضخم بلا منازع على مستوى الكتلة والطول، وتزن بيضتها حسب السجلات نحو 2.6 كيلوغرام – بوزن يُشبه قطة منزلية صغيرة. وبينما يعجّ الإنترنت بصور صغار النعام وهم يخرجون من قشرتهم التي تشبه كرة القدم، فإن تأمل البيوض الأخرى التي عرفتها الأرض سابقاً سيثير الدهشة أكثر. بهذه الصورة، نجد أنفسنا أمام تساؤل بسيط: إذا كان لدينا بيض أضخم من ذلك، فممن أتى؟
من جزيرة مدغشقر إلى عصور الديناصورات
لنعد ألف عام فقط، حيث كانت أرض مدغشقر تعجّ بمخلوق عملاق يُدعى طائر الفيل. يصل طوله إلى ثلاثة أمتار ووزنه زهاء الألف كيلوغرام – أي ما يعادل وزن سيارة صغيرة. لم يكن لقب "أضخم طائر عاش على الإطلاق" من فراغ، بل جاء مدعوماً بإنجازه في وضع البيض الأضخم على مدار التاريخ الطبيعي. إحدى بيضات طائر الفيل التي حفظها متحف العلوم في بافالو، كانت أكبر من أن يظن أحد أنها حقيقية لولا التأكد من ذلك مخبرياً، إذ تجاوز حجمها 150 ضعف حجم بيضة الدجاج التقليدية! ما يجعل بيضة الأنعام تبهت مقارنةً بها.
عندما نحاول الربط بين عجائب الماضي والاكتشافات الحديثة، نجد مفاجأة أخرى على أطراف القارة القطبية الجنوبية، ولكن هذه المرة ليست من طائر، بل من زواحف بحرية عاشت زمن الديناصورات. فقد عثر العلماء هناك على بيضة ضخمة تعود إلى ما قبل 66 مليون سنة، وأطلقوا عليها ببساطة اسم "الشيء" لفرط غرابتها. تشير التحاليل إلى أنّها كانت غالباً تابعة لموساسور، وهو زاحف بحري يشبه السحالي العملاقة، إذ بلغ طول البيضة أكثر من 28 سنتيمتراً وعرضها حوالي 18 سنتيمتراً. المذهل أن بنيتها كانت "طرية" مثل بيضة السحالي الحديثة، ما عكس تطوراً فريداً في التكاثر بين الزواحف البحرية القديمة.
فقرة رئيسية: السباق بين الطيور والزواحف على "بيضة العرش"
إذا أخذنا في الحسبان البيوض الشاهقة الحجم على سلم الزمن، يبرز اسم آخر هو ديناصور "بيبي لونغ" من الصين الذي عاش قبل 90 مليون عام. وضع هذا الكائن بيضات يصل وزنها إلى خمسة كيلوغرامات، أي أربعة أضعاف بيضة النعامة الحالية – وبطول 45 سنتيمتراً تقريبًا. وبرغم ذلك، تنحني بيضته إجلالاً أمام بيضة طائر الفيل التي بقيت بلا منافس حقيقي.
ولم تخلُ قائمة العمالقة من بعض المفارقات المدهشة، فطائر الكيوي النيوزيلندي، المعروف بصغر جسمه، يضع بيضة تبلغ قرابة 20% من وزنه الكلي؛ أي أن حجمه المتواضع لم يمنعه من دخول نادي "البيض العملاق". الطريف أن الكيوي يُجمعه مع طائر الفيل نسب تطوري مشترك، ما يُضفي لمسة شاعرية على تاريخ البيوض الكبرى.
خلاصة الرحلة في عالم البيض العملاق
حين تبحث عن أكبر بيضة عرفها كوكبنا، ستنتقل بين أزمنة وحيوانات متنوعة: من النعامة وصيتها بين الطيور الحية، إلى زواحف البحار الغابرة و"الشيء" الغامض، وصولاً إلى الطائر الأسطوري في مدغشقر الذي لا تزال بيوضه تحطّم الأرقام القياسية. توثق هذه القصة مسيرة تطور مذهلة تجمع بين الطيور، الديناصورات، الزواحف، وأشباهها، وتذكرنا بأن البيضة ليست مجرد بداية حياة بل لغز بحد ذاته، يحمل في تفاصيله أسرار الحجم والتكيف والبقاء. لذا، مهما أدهشك حجم بيضة النعامة، تذكّر أن الطبيعة خبأت لنا شطحات أبعد بقليل عن المتوقع.