رسالة جديد غامضة من محطة روسية عمرها نصف قرن… لا أحد يعرف معناها حتى الآن

3 د
أطلقت محطة الراديو الروسية الغامضة "الطنّانة" رسالة مشفرة جديدة حيرت العالم.
تعود "الطنّانة" للبث منذ السبعينيات وتشتهر بأصوات طنّانة ورسائل مشفرة.
تفترض النظريات ارتباط "الطنّانة" بالبنية العسكرية الروسية أو نظام الردع النووي.
الرسالة الجديدة تضمنت أسماء وأرقام روسية، مما أثار فضول المحللين.
نشاط المحطة تضاءل مؤخرًا، مما يجعل الرسالة الجديدة حدثًا غير عادي.
في تطور مثير يشبه أفلام الجاسوسية، أطلقت محطة الراديو السوفيتية السرية المعروفة بـ"الطنّانة" أو UVB-76 رسالة مشفَّرة جديدة حيرت خبراء الاتصالات والهواة على حد سواء. هذا البث، القادم من أجواء الحرب الباردة والمستمر منذ أكثر من أربعة عقود، يعيد إلى الواجهة نظرية أن بعض أسرار تلك الحقبة لم تُكشف بعد.
وسط اهتمام عالمي، تلقّت موجات الراديو القصيرة هذه الرسالة الغامضة يوم 8 سبتمبر 2025، حيث اندمجت أسماء روسية بأرقام عشوائية وعبارات مبهمة، لتدفع المتابعين إلى طرح علامات استفهام كثيرة حول الغرض الحقيقي من هذه الإشارة وارتباطها المحتمل بالبنية التحتية العسكرية الروسية أو ربما بأغراض أكثر غموضاً.
محطة من زمن الحرب الباردة ما زالت تبث الغموض
من اللافت أن UVB-76، والتي تُعرف أيضًا بـ"الطنّانة"، بدأت بثها في السبعينيات على موجة 4625 كيلوهرتز. ما يميز هذه المحطة ليس فقط ذلك الصوت الطنّان الميكانيكي المتواصل، بل أيضًا الرسائل الصوتية المتفرقة التي تظهر بين الفينة والأخرى، تحمل أحيانًا قوائم أسماء، أرقاماً مشفرة، أو كلمات بلا تفسير واضح، ينطقها رجال ونساء بنغمة رتيبة بلا مشاعر. هذا المنهج ظل ثابتًا لعقود، ما دفع كثيرين للاعتقاد بأن المحطة أداة عسكرية بالغة السرية.
ومن هنا، تتعزز الفرضية بأن "الطنّانة" جزء من شبكة اتصال عسكرية مرتبطة بالمنطقة العسكرية الغربية لروسيا. لكن رغم تسجيل وتحليل آلاف الرسائل، لا تزال وظيفتها الفعلية بلا جواب قاطع. بعض الباحثين رجحوا، في تقارير منشورة بصحف مثل "ذا غارديان"، أن المحطة ربما ترتبط بنظام الردع النووي المعروف باسم "اليد الميتة"، غير أن السلطات الروسية لم تعلّق يوماً على وجودها.
رسالة جديدة تثير الجدل وتعيد مسألة التشفير للواجهة
الرسالة الأخيرة التي تم التقاطها حملت أسماء روسية مثل نيكولاي، جينيا، تاتيانا، إيفان، أولغا، إلينا، وليونيد، إلى جانب أرقام مثل 38، 965، 78، 58، 88، و37. كما برزت عبارات محيّرة من نمط “إشارة لينة”، “خمسة رموز”، و“استقبال”. حتى أن بعض المراقبين أشاروا لإمكانية وجود شفرة NZHTI، التي سبق ربطها باسم إشارات UVB-76 سابقًا. ونشرت قناة RT الروسية مقطعاً لهذا البث على منصتها، لكن القيود الإعلامية المفروضة داخل الاتحاد الأوروبي منعت المشاهدة في بعض الدول.
الملفت أيضاً هو أن نشاط المحطة خفّ كثيرًا في العامين الأخيرين، ما يجعل ظهور هذه الرسالة، وبشكل متكرر خلال اليوم ذاته، حدثًا غير عادي قد يرتبط بفترات توتر جيوسياسي أو عسكري.
بالعودة للجذور، تؤكد الدراسات أن بث “الطنّانة” يأتي من محيط سانت بطرسبرغ وموسكو، ويُدار عبر مراكز اتصال سوفيتية شهيرة مثل مركز الاتصال 60 و69، باستخدام معدّات عتيقة تتسبب أحيانًا بتداخل إشارات المورس (Morse) مع الرسائل الصوتية، مضيفة طبقة من الغموض والتعقيد تصعّب مهمة فك الشفرة.
هذا كله يعيدنا لمسألة التشفير العسكري والغموض الاستراتيجي، فكما أشارت الخبيرة ناتاليا توشكوفا من جامعة هلسنكي في دراسة حديثة، قد يكون جزء من الهدف هو إثارة الحيرة عند الخصوم أكثر منه إرسال الأوامر الفعلية للحلفاء.
ما يربط هذا الماضي بحاضرنا أن موجات الراديو القصيرة، رغم حضورها الطاغي في عمليات التجسس والحروب الباردة، لم تختفِ بعد، بل ازدادت أهمية “الطنّانة” منذ 2010 مع إعادة هيكلة الجيش الروسي واندلاع توترات إقليمية في أكثر من مكان.
ختامًا، تبقى “الطنّانة” حكاية من أسرار الاتصالات العسكرية، حيث تلتقي رموز الحرب الباردة مع تكنولوجيا العصر الرقمي، لتُذكّرنا أن بعض الألغاز لا تزال حية، تنتظر من يكشف عنها النقاب عبر الأفكار، والذكاء، وقليل من الحظ.