ذكاء اصطناعي

اكتشاف فيروس يتلاعب بالجينات البشرية ويعيد تشكيل الحمض النووي في 8 ساعات فقط!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

يعيد فيروس الهربس ترتيب الحمض النووي للخلايا في ثماني ساعات فقط.

استخدم العلماء تقنيات تصوير جديدة لرؤية التغيرات على مستوى النانو.

يساعد تثبيط جين معين في المراحل المبكرة على وقف تكاثر الفيروس.

تهدف الأبحاث المستقبلية لفهم بنية الحمض النووي وعلاقتها بنشاط الجينات.

الدراسة تسلط الضوء على أهمية أدوات التصوير الجديدة في مواجهة الفيروسات.

تخيل أن فيروساً شائعاً مثل "الهربس" يستطيع أن يعيد ترتيب وتشكيل الحمض النووي لخلايانا في غضون ثماني ساعات تقريباً فقط! هذا ما توصلت له دراسة جديدة كشفت مؤخراً إمكانيات هائلة للهربس في التلاعب بالجينات البشرية، مستخدماً تقنيات تصوير دقيقة وغير مسبوقة.

عُرف منذ فترة أن "فيروس الهربس البسيط نوع 1"—المسؤول عن مرض هربس الفم، والذي يصيب حوالي 67% من الأشخاص دون الخمسين عاماً على مستوى العالم—قادرٌ كغيره من الفيروسات على السيطرة على خلايا الجسم واستخدامها لإنتاج نسخ إضافية منه. إلا أن الباحثين كانوا يجهلون بالتحديد كيف تتم عملية التلاعب هذه، وهل هي مقصودة أم مجرد نتيجة تفاعلات الفيروس داخل الخلايا.


إصابة دقيقة.. والتقاط الصور بسرعة فائقة

هنا تأتي الثورة الحقيقية في المجال الطبي: بفضل تقنية التصوير الجديدة، المعروفة باسم المجهر فائق الوضوح (Super-resolution microscopy)، تمكن العلماء من مراقبة تغيرات حمضنا النووي بدقة تصل إلى رؤية جسيمات لا يتجاوز حجمها 20 نانومتراً، وهذا ما لم يكن متاحاً من قبل.

قام فريق من مركز تنظيم الجينوم في برشلونة بقيادة عالمة الأحياء الاصطناعية ماريا بيا كوسما، بمراقبة الخلايا المصابة بالفيروس خلال الثماني ساعات الأولى من العدوى، واكتشفوا أن الفيروس يبدأ بعد دخوله الخلية في استغلال جينين محددين هما "RNA polymerase II" و"DNA topoisomerase 1"، من أجل تكثيف الكروماتين المضيف وترتيب بنيته لتلبية احتياجاته من المساحة، تماماً كما لو كان يطوي صفحات كتاب بعناية لإفساح المجال لنفسه للنسخ والتكاثر.

وبفضل تصوير الميكروسكوب فائق الوضوح STORM-PAINT، الذي يستخدم إشارات فلورية متقطعة على الجزيئات لتقديم صورة فائقة الوضوح، برزت تفاصيل جديدة لتغيرات مذهلة داخل نواة الخلية بعد ساعة واحدة فقط من وجود الفيروس.

لكن لماذا هذه التفاصيل مهمة للغاية؟ تبين أن تثبيط الجين "DNA topoisomerase 1" في المراحل المبكرة للعدوى عبر استخدام مثبطات خاصة يمكن أن يوقف الفيروس تماماً، وهو ما يفتح الباب بصورة واعدة نحو تطوير علاجات أو عقاقير تمنع العدوى بهذا النوع من الفيروس، مع ملاحظة الباحثين بضرورة الانتباه إلى أي آثار جانبية محتملة.

وهذا الربط بين الكشوف الحديثة والنتائج التطبيقية المحتملة سيكون له أثر بالغ على آليات مكافحة العدوى الفيروسية مستقبلاً.

لا يقتصر الأمر على إيقاف الهربس نفسه فقط، بل يتعداه نحو استكشاف آليات عمل حمضنا النووي والجينات، وفقاً لما أشارت إليه "دافني أفغوستي"، خبيرة علم الفيروسات والكروماتين بجامعة ميامي، مؤكدة أن الدراسة ستساعد في فهم أعمق للحمض النووي وكيفية تحكم بنيته في نشاطه ووظائفه الحيوية.

ذو صلة

من ناحيتها، أعربت ماريا بيا كوسما عن تساؤلها حول لغز آخر متعلق بنتائج هذه العملية، إذ أن تغيير بنية الحمض النووي بهذا الشكل الصارم لم يؤدِّ إلى انهيار شامل أو عشوائي في ترتيب الكروموسومات كما قد يتوقع البعض، بل ظل الترتيب الداخلي مستقراً إلى حد كبير، وهو ما ترغب في الكشف عنه ببحوث مستقبلية.

في النهاية، تُظهر هذه الدراسة القيمة الضخمة التي توفرها أدوات التصوير الجديدة للبحث العلمي، فكلما زادت الدقة زادت فرصة اكتشاف حلول وعلاجات نوعية لفيروسات لا تزال تؤثر على حياة ملايين البشر حول العالم. ويُمكن لنا كصحفيين أيضًا إثراء النص أكثر بتغيير كلمات عامة مثل "كبير" أو "هائل" إلى كلمات أقوى مثل "ثوري" أو "غير مسبوق"، مع الحرص دائمًا على تفعيل الربط الجيد بين الفقرات لتسهيل القراءة وجذب اهتمام الجمهور العربي المهتم بمتابعة أحدث التطورات العلمية بأسلوب سهل وبسيط.

ذو صلة