ذكاء اصطناعي

بكتيريا غير عادية تلتهم بلاستيك المستشفى.. قادمة من جرح إنسان

بكتيريا غير عادية تلتهم بلاستيك المستشفى.. قادمة من جرح إنسان
مجد الشيخ
مجد الشيخ

2 د

اكتشف الباحثون أنّ بكتيريا "الزائفة الزنجارية" تستهلك البلاستيك الشائع بالمستشفيات كغذاء.

تساعد هذه البكتيريا في تكوين طبقة "البيوفيلم" التي تزيد مقاومتها للمضادات الحيوية.

تعرض البلاستيك الطبي لأخطار البكتيريا يهدد سلامة المرضى بالمستشفيات.

هناك حاجة لاستخدام مواد مضادة للميكروبات لتحسين الأجهزة الطبية وتقليل المخاطر.

تخيّل عزيزي القارئ أنك في مستشفى، محاط بأجهزة طبية حديثة ومعدات بلاستيكية في كل مكان حولك، مثل الأنابيب والقسطرات وحتى الخيوط المستخدمة في الجراحة. ماذا لو أخبرتك أن هناك ميكروباً قادراً على اختراق هذه المواد وتناولها كغذاء ليتكاثر وينتشر؟ هذا بالضبط ما اكتشفه علماء مؤخراً!

اكتشف فريق من الباحثين في مجال العلوم الحيوية أن أحد أنواع البكتيريا المعروفة بخطورتها على الإنسان، وتُسمى "الزائفة الزنجارية" (Pseudomonas aeruginosa)، قادرة على تحطيم واستهلاك أنواع البلاستيك الشائع استخدامها في المستشفيات. كانت المفاجأة أن هذه البكتيريا لم تجد فقط طريقاً لتفكيك المواد البلاستيكية، بل استطاعت استخدامها كغذاء لتنمو وتتكاثر، مما يرفع خطر انتشار العدوى في الأجواء الصحية المعقمة مثل غرف العمليات والعناية المركّزة.

وهنا يتضح الربط بين قدرة هذه البكتيريا واستخدامات المواد البلاستيكية, فهذه المواد أصبحت عنصراً أساسياً في كافة الإجراءات الطبية، بدءاً من خيوط الجراحة القابلة للتحلّل وحتى الغرسات العظمية والأنابيب والقسطرات التي تزرع داخل جسم المريض. كل هذه الاستخدامات تزيد من احتمالية تفاعل البكتيريا مع البلاستيك وانتشار العدوى.

ولمعرفة سبب هذه القدرة الغريبة للبكتيريا، قام الباحثون في المختبر بعزل عينة من "الزائفة الزنجارية"، وجدوها في جرح أحد المرضى، ودرسوا جيناتها بدقة. لاحقاً اكتشفوا وجود إنزيم محدد أطلقوا عليه اسم (Pap1)، وهو المفتاح الذي منح البكتيريا قدرتها الفريدة على تحليل البلاستيك. والأكثر إثارة أن هذه البكتيريا استخدمت بقايا البلاستيك المتحللة لتكوين طبقة من الحماية البيولوجية (بروفة الحيوي) – هي طبقة لزجة تعرف باسم "البيوفيلم"، والتي تساعدها على المقاومة وزيادة قوتها في مواجهة المضادات الحيوية والجهاز المناعي.

إذاً؛ نتيجة لذلك، باتت هذه البكتيريا قوية بشكل استثنائي وأصبحت قادرة على إحداث إشكالية طبية حقيقية: فهي تواجه المرضى الذين يعانون من حالات طبية حساسة، مثل الجروح المفتوحة أو الأشخاص المعتمدين على أجهزة التنفس الاصطناعي والقسطرات والأنابيب الداخلية بكثرة، ما يجعلهم أكثر عُرضة لخطر الإصابة بهذا النوع من العدوى التي تهدد الحياة وتضعف استجابة الجسم للعلاج.

ذو صلة

هذه النتائج تدفع المجتمع العلمي والطبي إلى التفكير جدياً في نوعية البلاستيك المستخدم مستقبلاً في الأجهزة الطبية، إذ قد يحتاج المصنعون إلى إيجاد بدائل أو ابتكارات أكثر مقاومة لمثل هذه الميكروبات الخطيرة، أو حتى إضافة مواد مضادة للميكروبات للبلاستيك كي تمنعه من التحلل أو التفاعل مع البكتيريا.

وأخيراً، يبدو جلياً أن المعركة مع مثل هذه الجراثيم في المستشفيات ستستمر، لذلك يحتاج العالم اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى توعية الأطقم الطبية ووضع معايير السلامة بشكل أكثر دقة وتشدداً. كما قد يكون ضرورياً التوجه نحو استخدام مواد جديدة أو إعادة النظر في تركيب الأجهزة والمستلزمات الطبية لتحسين حماية المرضى وتقليل هذه المخاطر.

ذو صلة