ذكاء اصطناعي

حتى أينشتاين كان سيفقد عقله: اكتشاف حدود الطاقة القصوى التي قد توحّد ميكانيكا الكم مع النسبية

حتى أينشتاين كان سيفقد عقله: اكتشاف حدود الطاقة القصوى التي قد توحّد ميكانيكا الكم مع النسبية
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

اقترحت دراسة علمية تقسيم نسيج الزمكان إلى وحدات كمّية صغيرة جداً.

تشير النظرية إلى أن الكون قد يكون مجزّأ بطريقة مشابهة لشاشة بيكسلات.

تُعتبر "قوة بلانك" الحد النظري الأعلى للقوة في الكون، تمامًا كسرعة الضوء.

يدعم الاكتشاف الجديد إمكانية دمج النظرية النسبية العامة وميكانيكا الكم.

لا تزال النظرية في مرحلتها الأولى، والاختبارات التجريبية قادمة لفهم دقيق.

تخيل معي لحظة أن ألبرت أينشتاين نفسه يجلس معنا الآن، يسمع باهتمام عن أحدث ما توصل إليه العلماء بشأن نظرياته. من المؤكد أنه سيصاب بالذهول! فقد كشف بحث علمي حديث عن خطوة غير مسبوقة قد تساعد أخيراً في التوفيق بين أكبر نظريتين في الفيزياء: النظرية النسبية العامة وميكانيكا الكمّ، اللتين ظلّ الجمع بينهما حلماً بعيد المنال لعقود.

هذه المحاولة الجديدة تأتي من خلال فكرة تقسيم نسيج الزمكان إلى وحدات صغيرة جداً غير قابلة للانقسام. نعم؛ تماماً كالشاشة الرقمية التي تتكون من بيكسلات صغيرة لا تراها بالعين المجردة، يقترح العلماء أن الكون بأكمله يتمتع بطبيعة مجزّأة مشابهة، حيث يكون الحيز والزمان على شكل وحدات كميّة متناهية الصغر. هذا التوجه يعني أن الحركة لا تحدث باستمرار، بل عبر خطوات دقيقة، والزمن نفسه يتقدم بمقادير صغيرة واحدة تلو الأخرى.

وتقودنا هذه النظرية مباشرة للحديث عن "قوة بلانك"، وهو الحد الأعلى النظري للقوة التي يمكن إطلاقها في الكون، والذي تصل قيمته إلى حوالي \(10^{53}\) واط— وهو رقم مذهل للغاية، لكنه غير لانهائي. يشبه ذلك فكرة سرعة الضوء القصوى التي لا يمكن لأي شيء تجاوزها. ويقول الباحث وولفغانغ ويلاند في الدراسة الجديدة إن هذا الحد الأقصى للقوة قد يمكن العلماء من فهم أفضل لطبيعة موجات الجاذبية وتفكيكها إلى وحدات الكمّ الصغيرة.

وتأتي أهمية هذا الاكتشاف من ارتباطه بمفارقة كبرى شغلت علماء الفيزياء على مدى قرن كامل. فمن ناحية، تعتمد النظرية النسبية العامة التي وضعها أينشتاين على مبدأ استمرارية الزمكان في تفسير الجاذبية وانحناءات الفضاء. ومن ناحية أخرى، ميكانيكا الكم تتحدث عن كون متقطع قائم على الكمّات والقفزات الدقيقة. كيف يمكن جمع هذين الاعتبارين في صورة واحدة متكاملة؟ إذا صحّت فكرة الزمكان المجزّأ، عندها يمكن شرح الجاذبية من خلال ميكانيكا الكم، مما يُمهد لحلّ لغز كبير يتمثل في ظواهر كونية قصوى كثقوب سوداء وبدايات الكون نفسه.

ورغم كل هذه الآفاق المشوّقة، لا تزال الفكرة في مرحلتها النظرية المبكرة، ويبقى أمام الفيزيائيين طريق طويل حتى تتحقق بشكل تجريبي. العلماء الآن بصدد وضع هذه النظرية موضع الاختبار من خلال رصد المزيد من الظواهر الفيزيائية المتطرفة وفحص هل تتفق بالفعل مع فرضية الزمكان الكمّي الجديد؟

هذا الإنجاز العلمي الطموح قد يمثل نقطة تحوّل كبيرة في الفيزياء الحديثة. فإذا نجحت الاختبارات القادمة وتم إثبات صحة هذه النظرية، قد نشهد تغييراً جوهرياً في طريقة نظرنا للكون؛ إذ ستنعكس تأثيراتها على مختلف مجالات العلوم والتكنولوجيا من علم الفلك والتفكير في نشوء الكون، وحتى فهمنا للجسيمات الذرية والتطبيقات التقنية التي قد تنبثق عن تلك المعارف.

ذو صلة

ومع كل خطوة علمية جديدة كهذه، يصبح السؤال دائماً: ما هي الأسرار الأخرى المنتظرة هناك في أعماق الكون، والتي قد تعيد تشكيل فهمنا لأنفسنا ومكانتنا في هذا العالم الكبير؟

هذا السؤال يستحق التفكير ملياً، وربما كانت هذه الخطوة الرائعة في كشف أسرار الكون دافعاً قوياً لمزيد من الحوار والتعمّق والبحث. فلا بد أن عالمنا لا يزال يخبئ الكثير من المفاجآت التي تفوق خيال أينشتاين نفسه.

ذو صلة