ذكاء اصطناعي

قبل 150 مليون سنة… أول جناح ارتفع في السماء يُكشف أخيرًا

قبل 150 مليون سنة… أول جناح ارتفع في السماء يُكشف أخيرًا
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

اكتشاف أحفورة نادرة لأركيوبتركس في متحف فيلد تُظهر لأول مرة ريشًا ثالثيًا ضروريًا للطيران.

تقترح الدراسة أن أركيوبتركس هو أول ديناصور قادر فعليًا على الطيران، بخلاف الديناصورات ذات الريش الأخرى.

استخدام تقنيات الأشعة فوق البنفسجية والتصوير المقطعي كشف تفاصيل دقيقة كانت غير مرئية سابقًا.

مؤشرات إضافية، مثل العظام الفموية والقشور في الأقدام، توضح نمط حياة متنوع بين المشي والتسلق والطيران.

في اكتشاف علمي لافت، كشفت أحفورة محفوظة بشكل مذهل لطائر "أركيوبتركس" عن أدلة جديدة تسلط الضوء على كيف بدأ أول الطيور في العالم رحلته نحو السماء قبل 150 مليون عام. وتعد هذه الأحفورة الأولى من نوعها التي تُظهر بشكل واضح نوعاً خاصاً من الريش يُعرف بـ"الريش الثالثي" يغطي العظم العلوي للجناح، ما يمنح الطائر انسيابية هوائية تمكّنه من الطيران—وهي سمة مفقودة في الديناصورات ذات الريش التي لم تتمكن من الطيران.


ريش غير مرئي سابقًا يغيّر قواعد اللعبة

قادت الدراسة د. جينغماي أوكونور، أمينة متاحف الزواحف المتحجرة في متحف فيلد بشيكاغو، وقالت في تعليقها على هذا الاكتشاف:


"أركيوبتركس لم يكن أول ديناصور يمتلك ريشًا أو أجنحة، لكنه على الأرجح أقدم ديناصور معروف استطاع استخدام ريشه فعليًا للطيران"

وأوضحت أن هذه الريشات الثلاثية، التي تمتد من الكتف نحو الجسم وتخلق خطاً انسيابياً يساعد في رفع الجسم، لا تظهر في الديناصورات ذات الريش التي تشبه الطيور لكنها لم تكن طيورًا حقيقية. هذه الديناصورات، كما تقول، كانت أجنحتها تتوقف عند المرفق، ما يدل على أنها لم تكن قادرة على الطيران، خلافًا لأركيوبتركس.


من أحجية إلى جواب طائر

منذ العثور على أول أحفورة لأركيوبتركس في ألمانيا قبل 160 عامًا، شكّل هذا الكائن لغزًا بيولوجيًا، حيث جمع بين سمات الطيور والديناصورات. فبينما امتلك ريشًا شبيهًا بالطيور، احتفظ بأسنان حادة وذيل عظمي طويل، بل وحتى إصبعًا ثانويًا يمتد للخارج ويعرف بـ"مخلب القتل".

وتأتي هذه الأحفورة الجديدة، التي كانت مملوكة سابقًا لجهة خاصة قبل أن تحصل عليها متاحف فيلد في عام 2022، لتضيف قطعة حاسمة إلى هذا اللغز التطوري.


تحليل دقيق يكشف تفاصيل غير مسبوقة

وبفضل التكنولوجيا المتقدمة، خضعت الأحفورة لفحص بالأشعة فوق البنفسجية والتصوير المقطعي المحوسب، وهو ما مكن الفريق من تمييز حدود العظام والأنسجة شبه المتطابقة لونيًا مع الحجر الجيري المحيط بها. وبعد إزالة دقيقة للصخور على مدى أكثر من عام، ظهرت صورة أكثر اكتمالًا لجسد هذا الطائر العتيق.

وتبين أن الريش الثالثي المكتشف كان يساعد في سد الفجوة بين الأجنحة والجسم، وهي فجوة كان يمكن أن تعيق توليد القوة الرافعة اللازمة للطيران. وقالت أوكونور:


"بالنسبة لطائر يمتلك عظم ذراع علوي طويل، فإن وجود هذا النوع من الريش ضروري لتفادي تسرب الهواء عبر الفجوة التي تعيق الطيران"


أدلة إضافية على الحياة الأرضية

لم يتوقف الاكتشاف عند الريش فقط. فقد حدد الباحثون أيضًا عظامًا في سقف الفم تشير إلى بداية تطور ما يعرف بـ"المرونة القحفية" (cranial kinesis)، وهي ميزة في الطيور الحديثة تسمح بتحرك المنقار بشكل مستقل عن الجمجمة.

كما أظهرت التحاليل وجود قشور صغيرة وكثيفة في وسادات الأقدام، ما يعزز فرضية أن أركيوبتركس كان يمشي على الأرض وربما حتى يتسلق الأشجار، ما يعكس نمط حياة مختلطًا بين الحياة الأرضية والقدرة على الطيران.


رأي الخبراء: بداية طيران حقيقية

أشاد الدكتور جون نودز، أستاذ علم الحفريات بجامعة مانشستر (لم يكن مشاركًا في البحث)، بالاكتشاف، قائلًا:

ذو صلة

"هذه الريشات الجديدة في العينة المحفوظة بشكل رائع، إلى جانب الريش غير المتناظر المعروف مسبقًا، يؤكدان أن أركيوبتركس كان قادرًا على الطيران بالفعل"

وقد نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Nature العلمية المرموقة، ما يعزز من موثوقيتها وأهميتها في فهم نقطة التحول المفصلية من الديناصورات إلى الطيور.

ذو صلة