ذكاء اصطناعي

كوكبنا يغرق بصمت… تغيّر مفاجئ يُحوّل المحيطات إلى تهديد صامت

مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

في عام 2024، سجلت الأرض ارتفاعًا مفاجئًا في مستوى سطح البحر بلغ 0,23 إنش سنويًا، متجاوزًا التوقعات السابقة.

تُعزى هذه الزيادة بشكل رئيسي إلى التمدد الحراري الناتج عن ارتفاع حرارة المحيطات، بحسب تحليل "ناسا".

تشمل التأثيرات الواقعية فيضانات مدمرة في كاليفورنيا وتهديدات تهجير لمجتمعات في أمريكا الوسطى.

يدعو العلماء إلى خفض الانبعاثات الحرارية ودعم السياسات المناخية لتجنّب كارثة بيئية عالمية.

في تطوّر بيئي مفاجئ أثار قلق الأوساط العلمية، سجّل كوكب الأرض خلال عام 2024 ارتفاعًا غير متوقع في مستويات سطح البحر، تجاوز جميع التوقعات السابقة. وأكدت وكالة "ناسا" أن هذا الارتفاع، الذي بلغ 0.23 إنشًا سنويًا مقارنةً بالتقدير السابق البالغ 0.17 إنشًا، يشير إلى تغيرات جوهرية في النظام المناخي العالمي، ما يضع البشرية أمام تحديات بيئية عاجلة وغير مسبوقة.


زيادة غير مبررة... ومصدرها المحيطات

وفقًا لتحليل صادر عن وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، يعود السبب الأساسي لهذا الارتفاع السريع إلى ظاهرة "التمدد الحراري"، أي توسّع مياه المحيطات نتيجة ارتفاع حرارتها. في السابق، كانت ذوبان الكتل الجليدية والتمدد الحراري يتقاسمان التأثير بشكل متوازن، إلا أن البيانات الجديدة كشفت أن التمدد الحراري أصبح مسؤولًا عن حوالي ثلثي الزيادة في مستوى البحر، متقدّمًا بذلك على ذوبان الجليد كمصدر رئيسي.

الباحث في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا، "جوش ويليس"، أشار إلى أن "التقلبات السنوية في معدلات الارتفاع أمر طبيعي، لكن الاتجاه التصاعدي أصبح الآن واضحًا ومقلقًا". وأضاف أن هذه الظاهرة لم تعد محصورة بالأبحاث والنماذج الرياضية، بل بدأت بالفعل تفرض آثارًا ملموسة على المدن الساحلية وسكانها.


عواقب كارثية بدأت بالظهور

لا تقتصر النتائج الواقعية لهذه الظاهرة على ارتفاع منسوب المياه فحسب، بل بدأت تُترجم إلى أزمات بيئية وإنسانية متلاحقة. ففي شمال كاليفورنيا، على سبيل المثال، أبلغت السلطات عن تغيّرات بيئية جذرية بسبب زيادة مستوى المحيط، شملت حالات فيضانات متكررة وخسارة مساحات من الأراضي الساحلية. وفي النصف الآخر من العالم، تواجه إحدى المجتمعات الأصلية في أمريكا الوسطى تهديدًا مباشرًا بالتهجير القسري، بعد أن بدأت مياه البحر بإغراق جزيرتهم الصغيرة.

لا تقف تحذيرات العلماء عند حدود الأثر الجغرافي؛ بل تشمل تفاقم شدة العواصف وارتفاع عدد مرات غمر الشواطئ بالمياه خلال المدّ العالي. وحذّرت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) من أن هذه الزيادة في مستويات البحر قد تؤدي إلى ما يُعرف بـ"فيضانات الإزعاج"، وهي ظاهرة لا تهدد الأرواح غالبًا، لكنها تسبب أضرارًا كبيرة للبنى التحتية وتعطّل الحياة اليومية في المدن الساحلية.


ما الذي يمكن فعله؟

مع تفاقم الأزمة، يرى العلماء والناشطون البيئيون أن التصدي لهذا التهديد يبدأ من الوعي. إن توسيع فهم المجتمع الدولي للأسباب والعواقب الكامنة وراء ارتفاع مستوى البحر، يشكل الخطوة الأولى نحو المعالجة. ويركّز الخبراء بشكل خاص على ضرورة كبح ظاهرة الاحتباس الحراري، لأنها المحرك الرئيسي لارتفاع حرارة المحيطات، وبالتالي لظاهرة التمدد الحراري.

وتشير الدراسات إلى أن خفض الانبعاثات الكربونية واعتماد سياسات بيئية مستدامة سيكونان عاملين حاسمين في كبح تسارع الظاهرة. كما يمكن للمواطنين التأثير من خلال اختيار ممثلين سياسيين ملتزمين بحماية البيئة ووضع التغير المناخي على رأس أولوياتهم.

ذو صلة

ناقوس خطر لا يُمكن تجاهله

الارتفاع المفاجئ في مستوى سطح البحر لم يعد مجرد رقم في تقارير علمية، بل أصبح واقعًا يهدد مدنًا، يبدّد أراضي، ويغيّر حياة مجتمعات كاملة. إن هذه الظاهرة، وإن بدت في ظاهرها بطيئة، تحمل في طياتها تغيّرات جذرية لا عودة عنها إن تُركت دون تدخل عاجل. وربما لم يفت الأوان بعد، لكن النافذة تضيق بسرعة، والخطوة التالية تقع على عاتق الجميع: علماء، صانعي سياسات، وأفراد عاديين.

ذو صلة