“لوتشا” السلف المشترك لجميع الكائنات: أقدم مما كنا نتصور!

3 د
تشير دراسة حديثة إلى أن السلف المشترك الأخير لجميع الكائنات الحية، "لوتشا"، قد يكون أقدم مما كان يُعتقد سابقًا، حيث يعود تاريخه إلى نحو 4 مليارات سنة.
استخدم الباحثون تحليلات جينية متقدمة للكشف عن 355 جينًا يُعتقد أنها تعود إلى "لوتشا"، مما يشير إلى أنه كان كائناً بسيطاً يعيش في بيئات قاسية مثل الفتحات الحرارية العميقة.
يدعم هذا الاكتشاف فرضية أن الحياة قد تنشأ بسرعة في البيئات المناسبة، مما يزيد من احتمالات العثور على حياة ميكروبية خارج الأرض، مثل المريخ وأقمار المشتري وزحل.
تدفع التطورات في علم الجينات وعلم الفلك العلماء لإعادة النظر في كيفية نشأة الحياة وتطورها على الأرض، وربما حتى في أماكن أخرى من الكون.
تشير أبحاث علمية حديثة إلى أن "لوتشا" (LUCA)، السلف المشترك الأخير لجميع الكائنات الحية على الأرض، قد يكون أقدم بكثير مما كان يعتقد سابقًا، مما يعيد تشكيل فهم العلماء لنشأة الحياة على كوكبنا ويمهد الطريق لإمكانية العثور على حياة في أماكن أخرى من الكون.
إعادة تقييم عمر لوتشا
لطالما اعتقد العلماء أن "لوتشا" ظهر قبل نحو 3.5 مليار سنة، وهو الكائن الحي الأول الذي انحدرت منه جميع أشكال الحياة المعروفة اليوم. إلا أن دراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature Ecology & Evolution أظهرت أن هذا السلف قد يكون أقدم بمئات الملايين من السنين، مما يعني أن الحياة بدأت قبل 4 مليارات سنة، أي بعد فترة قصيرة نسبيًا من تشكّل الأرض.
اعتمد الباحثون في هذه الدراسة على تحليل بيانات جينية وجزيئية مستخرجة من الحمض النووي لأشكال الحياة الحديثة، مما مكّنهم من إعادة بناء التسلسل الزمني لنشأة الحياة بدقة أكبر. هذه النتائج تُغيّر الفهم السائد حول البيئة الجيولوجية التي مهدت لنشوء الحياة، وقد تشير إلى أن الكائنات الحية الأولى نشأت في ظروف تختلف تمامًا عما كان متوقعًا.
دلائل جينية تؤكد قِدم "لوتشا"
استند البحث إلى تحليل الحمض النووي الريبوزي (RNA) الموجود في جميع أشكال الحياة اليوم، حيث تُعدّ بنيته شبه ثابتة منذ مليارات السنين، ما يجعله مؤشراً موثوقًا به لتتبع تاريخ الحياة. وباستخدام تقنيات حديثة لتحليل الطفرات الجينية التي تراكمت عبر العصور، تمكن العلماء من تحديد مجموعة أساسية من 355 جينًا يُعتقد أنها كانت موجودة في "لوتشا".
تشير هذه الجينات إلى أن "لوتشا" كان كائناً بسيطاً أحادي الخلية، قادراً على العيش في بيئات قاسية، على الأرجح بالقرب من الفتحات الحرارية العميقة في المحيطات، حيث تتدفق المياه الغنية بالمعادن والغازات البركانية. ووفقًا للباحث مارتن، أحد المشاركين في الدراسة، فإن "لوتشا" كان كائناً لاهوائياً، أي لا يحتاج إلى الأكسجين، ويعتمد على إنتاج الطاقة عبر امتصاص الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون، تمامًا كما تفعل بعض أنواع البكتيريا الموجودة اليوم في قاع المحيط.
ما الذي يعنيه هذا الاكتشاف لعلم الأحياء الفلكي؟
يُعزز هذا الاكتشاف فرضية أن الحياة يمكن أن تظهر في أي مكان تتوفر فيه الظروف المناسبة، وهو ما يعرف بـ "فرضية الحياة الشاملة". إذا كانت الحياة على الأرض قد نشأت بهذه السرعة بعد استقرار ظروف الكوكب، فقد يكون السيناريو نفسه قد حدث في أماكن أخرى من النظام الشمسي، مثل المريخ، وأقمار أوروبا وتيتان، حيث تتوفر بيئات مماثلة لتلك التي عاش فيها "لوتشا".
يقول إدموند مودي، الباحث الرئيسي في الدراسة، إن "تاريخ تطور الجينات معقد للغاية بسبب انتقالها بين السلالات المختلفة، مما يستدعي استخدام نماذج تطورية متقدمة لفهم كيف تطورت الحياة الأولى". هذه النماذج قد تساعد أيضًا في البحث عن مؤشرات حيوية على الكواكب الخارجية، حيث يمكن أن تكون الحياة قد تطورت بطريقة مشابهة لما حدث على الأرض.
مع استمرار التطورات في علم الجينات وعلم الفلك، يبدو أن العلماء باتوا أقرب من أي وقت مضى إلى فك ألغاز نشأة الحياة على الأرض، وربما اكتشاف أشكال حياة جديدة خارجها.