ذكاء اصطناعي

ليس وهمًا ولا صدى: العلماء يثبتون وجود “الصوت الثاني”

ليس وهمًا ولا صدى: العلماء يثبتون وجود "الصوت الثاني"
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

أكد باحثون من معهد MIT ظاهرة "الصوت الثاني" لنقل الحرارة كموجات.

تحدث الظاهرة في سوائل فائقة البرودة مثل الهيليوم السائل بدون لزوجة.

من الممكن أن تسهم الظاهرة في تطوير تقنيات تبريد وأنظمة استشعار دقيقة.

تساعد الدراسات في فهم انتقال الطاقة في الموصلات الفائقة والكريستالات المتقدمة.

استخدام تقنيات تصوير متقدمة ساهم في قياس سرعة الموجات الحرارية.

عندما نفكر في انتقال الحرارة، عادة ما نتصور أنها تتحرك بطريقة بسيطة وواضحة: حرارة كوب شاي تذوب تدريجياً في برودة الهواء من حوله حتى يصبح المزيج بدرجة حرارة واحدة، هذا شيء طبيعي نراه يومياً. لكن ماذا لو أخبرتك أن الحرارة يمكن أن تتحرك بطريقة مختلفة كلياً، لا بطريقة الانتشار التدريجي ولكن مثل أمواج المسطحات المائية؟ قد يبدو الأمر غريباً، لكن علماء الفيزياء أكدوا مؤخراً ظاهرة مثيرة للغاية تدعى "الصوت الثاني" أو "Second Sound"، حيث تسافر الحرارة كموجات واضحة، تماماً كما تفعل الموجات الصوتية.

هذا الاكتشاف الجديد، الذي تم تأكيده من قبل باحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT خلال دراسة حديثة على سوائل فائقة البرودة، يُعَدّ أمراً استثنائياً ويدفع العلماء لإعادة التفكير في انتقال الطاقة عبر المواد. والسوائل الفائقة هي حالة خاصة من المواد تتحرك فيها السوائل بدون أي لزوجة مطلقاً، مثل الهيليوم السائل عند درجات حرارة قريبة جداً من الصفر المطلق (حوالي 271 درجة مئوية تحت الصفر). لاحظ الباحثون أن انتقال الحرارة في مثل هذه الظروف لا ينتشر بالتدريج بل يتخذت شكلاً موجياً واضحاً، في ظاهرة أشبه بالموجات الصوتية التي تنتقل من خلال الهواء.

وهذه النتيجة تولّد حماسة شديدة عند العلماء الذين يبحثون عن فهم أعمق لكيفية انتقال الحرارة والطاقة في الأوساط الكمومية، مثل الموصلات الفائقة ذات درجات الحرارة العالية والكريستالات المتقدمة. كما يأمل الباحثون أن تقود هذه الظواهر إلى تقنيات جديدة في مجالات متعددة، مثل تبريد أجهزة الحواسيب العملاقة أو إنشاء أنظمة استشعار دقيقة. كما يتطلعون أيضاً لتطبيق هذه النتائج في دراسة النجوم النيوترونية، تلك الأجسام الكونية شديدة الكثافة، حيث من المحتمل أن تكون هناك حالات مماثلة للسوائل الفائقة داخلها تؤثر على كيفية نقل النجوم للطاقة وفقدها بمرور الزمن.

للتحقق من هذه الظاهرة بدقة، استخدم العلماء تقنيات تصوير متقدمة وكرات زجاجية صغيرة مُفرغة تتبع حركة السائل بدقة كبيرة. وعبر هذه الطرق، رصدوا كيف تتحرك هذه "الموجات الحرارية" بسرعة تصل إلى حوالي 15 متراً في الثانية داخل الهيليوم السائل، مع ملاحظة أن تغيرات بسيطة في الضغط أو الحرارة قد تغير قليلاً من هذه السرعة. المفاجأة الأكبر كانت أن احتكاك السائل الداخلي ولزوجته لم يكن له أثر حاسم على خصائص الموجة، مما يؤشر إلى أن عوامل أخرى مثل حركة الدوامات الكمومية والتيارات الداخلية المضطربة ضمن السائل قد تلعب دوراً أكبر مما لم نكن نعتقد.

ذو صلة

وهذا يقودنا إلى نقطة هامة: إن ظاهرة "الصوت الثاني" ليست فقط فضولاً علمياً، بل هي نافذة نادرة إلى عالم جديد من المعلومات، مما يعزز فهمنا لانتقال الحرارة ويتيح الفرصة لتطوير تقنيات ذات كفاءة أعلى. بالفعل، تستحق هذه الظاهرة الاهتمام الكبير من قبل العلماء والمهتمين بعلوم الفيزياء الحديثة.

وفي النهاية، مع أن "الصوت الثاني" ما زال ظاهرة محصورة جداً في مواد خاصة وظروف تجريبية دقيقة، يخطط الباحثون لمزيد من الاختبارات مع تحسين أكبر في التقنيات المستخدمة لضبط القيمة الحرارية وتهدئة الاهتزازات للحصول على نتائج أكثر دقة ووضوحاً. ومن خلال هذا الجهد، قد نصنع قفزة حقيقية نحو استخدام هذه الموجات الحرارية كمفهوم تطبيقي وليس مجرد نظرية مختبرية. ربما يحتاج المقال إلى تركيز أكبر على تطبيقات ملموسة أو توضيحات إضافية للمصطلحات الفيزيائية المتخصصة لجعل الظاهرة أقرب وأوضح للقارئ العام، لكن المؤكد أن هذه الخطوة العلمية تفتح أبواباً واعدة نحو فهم أكثر عمقاً لسر انتقال الطاقة في العالم الكمومي، وربما حتى في ظواهر الكون الواسع نفسه.

ذو صلة