اكتشاف أحافير أفوكادو عمرها 7,500 عام يكشف سرًّا مذهلًا عن تاريخ الزراعة

3 د
اكتشاف أحافير أفوكادو عمرها 7,500 عام في هندوراس يُشير إلى أن البشر بدأوا زراعتها قبل آلاف السنين من ظهور الذرة.
حلّلت الدراسة 1,725 عيّنة متحجرة وكشفت تغيّرات في حجم البذور والقشور، مما يدل على استئناس مبكر للأفوكادو.
كان الأفوكادو غذاءً غنيًا بالدهون والفيتامينات، وساهم البشر في استدامته بعد انقراض الثدييات الضخمة التي كانت تنشر بذوره.
اليوم، يُعدّ الأفوكادو من أشهر الفواكه عالميًا، ويعود الفضل في ذلك إلى آلاف السنين من التهجين والانتقاء البشري.
في كشف أثري مذهل، عثر علماء الآثار وعلماء الأحياء التطورية على أحافير لأفوكادو متحجر في هندوراس، مما يشير إلى أن البشر بدأوا في استئناس هذه الفاكهة منذ 7,500 عام، أي قبل آلاف السنين من انتشار زراعة الذرة، التي تُعتبر من أهم المحاصيل الزراعية في أمريكا الوسطى.
أحافير الأفوكادو في موقع "إل جيغانتي"
جاء الاكتشاف في موقع إل جيغانتي الصخري، الواقع في غرب هندوراس، حيث عثر الباحثون على حفريات محفوظة لأفوكادو يعود تاريخها إلى ما قبل 11,000 عام. وقام فريق البحث بتحليل 1,725 عيّنة متحجرة، وكشفوا عن تغيّرات في الحجم والبنية تشير إلى تدخل بشري مبكر في زراعة الأفوكادو.
أصل الأفوكادو يعود إلى ما قبل 400,000 عام في المنطقة التي تُعرف اليوم بالمكسيك. وعلى مدار عصور طويلة، كانت الثدييات العملاقة، مثل الكسلان العملاق والماموث، مسؤولة عن نشر بذور الأفوكادو عبر بيئتها الطبيعية. لكن مع انقراض هذه الحيوانات في نهاية العصر الجليدي الأخير، تضاءلت أعداد أشجار الأفوكادو، مما دفع البشر الأوائل إلى التدخل للحفاظ عليها.
دلائل الاستئناس: أفوكادو أكبر وأفضل جودة
أحد أهم الاكتشافات التي توصل إليها الباحثون هو أن قشور الأفوكادو أصبحت أكثر سماكة، بينما ازدادت أحجام البذور تدريجيًا على مدار آلاف السنين. هذه التغيرات تُشير إلى أن البشر عمدوا إلى انتقاء الأشجار التي تنتج ثمارًا أكبر وأكثر لحماً، ثم قاموا بزراعة بذور هذه الأشجار، مما أدى إلى تطوير أنواع محسّنة من الفاكهة.
ووفقًا للدراسة، التي نُشرت في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS)، فإن أقدم دليل على استئناس الأفوكادو في موقع إل جيغانتي يعود إلى ما بين 7,565 و7,265 عامًا. هذه النتائج تعني أن زراعة الأفوكادو سبقت استئناس الذرة بآلاف السنين، مما يُعيد النظر في فهمنا لتطور الزراعة في الأمريكيتين.
الأفوكادو: غذاء خارق من عصور ما قبل التاريخ
لم يكن الأفوكادو مجرد فاكهة عادية، بل كان مصدرًا غذائيًا غنيًا بالدهون الصحية والفيتامينات والمعادن، مما جعله عنصرًا مهمًا في النظم الغذائية للبشر الأوائل. وبفضل قيمته الغذائية العالية وقدرته على النمو في المناخات الدافئة، أصبح الأفوكادو طعامًا أساسيًا في العديد من المجتمعات القديمة، حتى اليوم هو جزء من حمية الكيتو.
وتدعم هذه الدراسة أيضًا النظرية التي تفيد بأن البشر لعبوا دورًا محوريًا في إنقاذ الأفوكادو من الانقراض، وذلك من خلال زراعته ورعايته بعد اختفاء الثدييات الضخمة التي كانت مسؤولة عن نشر بذوره.
محصول أقدم من الحضارات
يؤكد هذا الاكتشاف أن البشر بدأوا في تعديل بيئاتهم الطبيعية عبر الزراعة قبل ظهور الحضارات الكبرى في أمريكا الوسطى، مثل حضارات الأولمك، والمايا، والأزتيك. وبينما كانت الذرة والفاصولياء تُعتبر من الركائز الأساسية للزراعة القديمة، يبدو أن الأفوكادو كان أحد أوائل المحاصيل المستأنسة.
إرث الأفوكادو القديم في العصر الحديث
اليوم، أصبح الأفوكادو منتجًا عالميًا، يُستهلك في مختلف أنحاء العالم، ويُزرع بأنواع متنوعة، أبرزها أفوكادو "هاس"، الذي يُعدّ نتيجةً لآلاف السنين من الانتقاء والتطوير الذي بدأه المزارعون القدماء في أمريكا الوسطى.
يكشف هذا الاكتشاف في هندوراس عن علاقة عميقة بين البشر والنباتات، ويوضح كيف أن تدخل الإنسان في الزراعة كان له دور أساسي في استدامة بعض الأنواع النباتية وتطورها، مما مكّنها من الصمود والانتشار حتى يومنا هذا.