اكتشاف يوضح: علماء يكتشفون أن النساء يملكن ضعف الجينات المسببة للاكتئاب مقارنة بالرجال

3 د
أظهرت دراسة أسترالية أن النساء يحملن ضعف الجينات المرتبطة بالاكتئاب مقارنة بالرجال.
الدراسة الكبرى حللت المادة الوراثية لحوالي مئتي ألف مصاب بالاكتئاب.
يؤكد الباحثون أن هذه الجينات تؤثر على عمليات الأيض وإنتاج الهرمونات.
يدعم الفهم الجديد تطوير علاجات اكتئاب مخصصة حسب الجنس.
تشير الدراسة إلى أهمية تمثيل النساء في الأبحاث الدوائية.
في اكتشاف قد يغيّر طريقة فهمنا للاكتئاب وعلاجه، كشفت دراسة أسترالية حديثة أن النساء يحملن عدداً مضاعفاً من الجينات المرتبطة باضطراب الاكتئاب السريري مقارنة بالرجال. الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature Communications العلمية، تعدّ الأكبر من نوعها حتى اليوم، حيث حلّل الباحثون فيها المادة الوراثية لما يقرب من مئتي ألف شخص يعانون من الاكتئاب.
هذا الاكتشاف ليس مجرد رقم إحصائي جديد؛ بل يسلّط الضوء على اختلافات بيولوجية عميقة بين الجنسين قد تفتح الباب أمام علاجات أكثر تخصيصاً.
ومن هنا، تنتقل القصة إلى تفاصيل الدراسة التي نفّذها معهد بيرغوفر الأسترالي للأبحاث الطبية، إذ تبيّن أن النساء لديهن نحو 13 ألف علامة جينية مرتبطة بالاكتئاب، بينما لم يُرصد لدى الرجال سوى نحو 7 آلاف علامة فقط. هذه الجينات، بحسب الباحثين، يمكن أن تؤثر في مسارات بيولوجية تتعلّق بعمليات الأيض وإنتاج الهرمونات، ما يفسّر جزئياً سبب معاناة النساء من تقلبات الوزن والطاقة عند الإصابة بالاكتئاب.
لطالما عُرف أن النساء أكثر عرضة للاكتئاب، لكن الأسباب البيولوجية وراء ذلك ظلّت غامضة. الباحثة جودي توماس أوضحت أن “المكوّن الجيني للاكتئاب لدى النساء أكبر منه لدى الرجال”، مشيرة إلى أن هذا الفهم يعطينا “صورة أوضح عن سبب المرض” ويضعنا على طريق تطوير علاجات مخصصة حسب الجنس.
وهذا الربط بين العوامل الوراثية والجسدية يعزّز فهمنا لتأثير الهرمونات خاصة في فترات مثل ما قبل انقطاع الطمث، وهو ما يفسّر أيضاً تزايد شكاوى النساء من أعراض تتعلق بالمزاج والطاقة في تلك المراحل.
وانطلاقاً من هذه النتائج، بدأت تساؤلات جديدة حول مدى شمول الأبحاث السابقة لكل الفئات. فالباحثة بريتاني ميتشل أكدت أن معظم الدراسات الدوائية تتركّز على الذكور، ما يعني أن النساء ظللن غير ممثلات بشكل كافٍ في التجارب السريرية. وتضيف أن هذا الخلل قد يكون أحد أسباب تفاوت فعالية بعض الأدوية بين الرجال والنساء.
لا تتوقف أهمية الدراسة عند الجانب الوراثي فقط، بل تمتد إلى الممارسة الطبية اليومية. إذ تشير الأرقام الدولية إلى أن أكثر من 300 مليون شخص حول العالم يعانون من الاكتئاب الشديد، وفق بيانات منظمة الصحة العالمية. ومع هذه المعطيات الجديدة، يتوقّع الخبراء أن تتجه الأبحاث المقبلة إلى تطوير استراتيجيات علاجية تراعي الفروق الجينية بين الجنسين، ما قد يحسّن معدلات الاستجابة للعلاج ويقلّل من الانتكاسات.
وهذا يربط ما بين النتائج الحديثة والطموحات المستقبلية في مجال الطب الشخصي الذي يسعى إلى تصميم بروتوكولات علاجية تناسب خصائص كل فرد على حدة.
في الختام، يبدو أن هذه الدراسة الأسترالية لم تفتح فقط نافذة على أسرار الجينات، بل قد تعيد صياغة الطريقة التي ننظر بها إلى الصحة النفسية ككل. فهم الفروق الجينية بين الرجال والنساء ليس مجرد تفصيل علمي، بل خطوة نحو عالم علاجي أكثر دقة وإنصافاً لجميع المرضى.









