البحث بالذكاء الاصطناعي يزعزع هيمنة جوجل على الإنترنت

4 د
ارتفعت عمليات الإحالة من البحث بالذكاء الاصطناعي بنسبة 1300% خلال موسم العطلات لعام 2024 مقارنة بعام 2023.
واجهت كل من جوجل و"Perplexity" انتقادات واسعة بسبب أخطاء تقنية وانتهاكات لحقوق النشر.
تجنبت "OpenAI" الأخطاء الفادحة بإطلاق بحثها كنسخة تجريبية مع شراكات إعلامية.
قد يصبح البحث بالذكاء الاصطناعي مستقبل البحث على الإنترنت، لكنه لا يزال بحاجة إلى حلول لتفادي نفس مشاكل البحث التقليدي.
في تحول جذري لعادات البحث على الإنترنت، بدأ المستهلكون بالتخلي عن نتائج البحث التقليدية التي تعرضها محركات البحث مثل جوجل لصالح أدوات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي تقوم بالمهمة نيابة عنهم. وفقًا لتقرير جديد صادر عن شركة "أدوبي"، أصبح البحث بالذكاء الاصطناعي قناة مرور رئيسية لمتاجر التجزئة عبر الإنترنت، حيث أظهرت البيانات تحليلًا لأكثر من تريليون زيارة لمواقع البيع بالتجزئة في الولايات المتحدة، إلى جانب استطلاع رأي شمل أكثر من 5000 مستخدم أمريكي.
قفزة هائلة في استخدام البحث بالذكاء الاصطناعي
كشف التقرير أن عمليات الإحالة من البحث بالذكاء الاصطناعي ارتفعت بنسبة 1300% خلال موسم العطلات لعام 2024 مقارنة بعام 2023، في حين شهد يوم "الإثنين الإلكتروني" (Cyber Monday) زيادة مذهلة بنسبة 1950%. ورغم أن هذه الزيادات الكبيرة قد تبدو متوقعة نظرًا لأن البحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي كان لا يزال في مراحله المبكرة العام الماضي، فإن ما يلفت الانتباه أكثر هو معدلات التفاعل، حيث يميل المستخدمون القادمون من البحث بالذكاء الاصطناعي إلى قضاء وقت أطول بنسبة 8% في تصفح المواقع، والتنقل بين الصفحات بنسبة 12% أكثر، كما أن احتمال مغادرتهم الموقع فورًا دون تفاعل يقل بنسبة 23% مقارنة بالمستخدمين القادمين من البحث التقليدي عبر جوجل أو بينج.
التحديات التي تواجه البحث التوليدي
رغم ذلك، فإن إدخال أدوات البحث التوليدية بالذكاء الاصطناعي لم يكن سلسًا تمامًا، إذ واجهت جوجل انتكاسات عند إطلاق ميزة "الملخصات الذكية" (AI Overviews)، التي كانت تُعرف سابقًا باسم "تجربة البحث التوليدي" (SGE). فقد ارتكبت هذه الميزة أخطاء غريبة مثل اقتراح إضافة الغراء إلى البيتزا لتثبيت الجبن، أو تناول صخرة صغيرة يوميًا، بل وادّعت خطأً أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما هو أول رئيس مسلم للولايات المتحدة.
المنافسة بين الشركات الناشئة والعملاقة
على الجانب الآخر، برزت شركة "Perplexity" الناشئة، التي أصبحت تُقدَّر قيمتها الآن بنحو 9 مليارات دولار، كواحدة من المنافسين الرئيسيين في مجال البحث بالذكاء الاصطناعي. تعتمد "Perplexity" على روبوت دردشة مدعوم بالإعلانات، لكنها تورطت في فضائح تتعلق بانتهاك حقوق النشر.
ففي يونيو الماضي، اتهم أحد محرري مجلة "فوربس" الشركة بالسطو على محتوى فريقه الصحفي، بعدما أطلقت ميزة جديدة تنشئ صفحات ويب تلقائيًا عن أي موضوع. وردّ الرئيس التنفيذي لشركة "Perplexity"، أرڤيند سرينيفاس، قائلاً إن المنتج لا يزال في مرحلة التطوير، وسيتحسن مع مرور الوقت. لكن هذا لم يكن كافيًا لإرضاء الناشرين، حيث هددت "فوربس" بمقاضاة الشركة، بينما رفعت "نيوز كورب" دعوى قضائية بالفعل بتهمة انتهاك حقوق الملكية الفكرية.
OpenAI تتجنب الأخطاء المبكرة
في محاولة لتفادي أخطاء جوجل و"Perplexity"، أطلقت شركة "أوبن أي آي" ميزة البحث الخاصة بها داخل تطبيق "ChatGPT"، لكن بحذر أكبر. قُدّمت الميزة على أنها نموذج أولي، لتجنب حدوث أخطاء كارثية يمكن أن تنتشر بسرعة. كما أبرمت الشركة شراكات مع مؤسسات إعلامية مثل "فوكس ميديا" (الشركة الأم لموقع The Verge)، وحرصت على طمأنة الناشرين بأن لديهم سيطرة على كيفية عرض محتواهم داخل "ChatGPT".
مستقبل البحث بالذكاء الاصطناعي
تشير البيانات الحديثة إلى أن البحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي قد أصبح أداة مفضلة لدى المستخدمين، حيث أظهر استطلاع أجرته "أدوبي" أن 39% من المشاركين يستخدمونه للتسوق عبر الإنترنت، بينما 55% يعتمدون عليه في البحث العام، و47% يستفيدون منه في العثور على توصيات لشراء المنتجات. هذه الأرقام تثير اهتمام المعلنين بشكل كبير، إذ إن بعض الشركات مثل "جوجل" و"Perplexity" بدأت بدمج الإعلانات داخل نتائج البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
بالمقابل، لا تزال "أوبن أي آي" مترددة في إدخال الإعلانات إلى "ChatGPT". فبحسب تصريحات الرئيس التنفيذي سام ألتمان، لن يتم اللجوء إلى الإعلانات إلا كـ "خيار أخير"، معتبرًا أن "الجمع بين الإعلانات والذكاء الاصطناعي أمر مزعج للغاية". لكن الشركة تواجه تحديات مالية كبيرة، إذ إن منتجاتها تستهلك موارد ضخمة دون تحقيق أرباح كافية، مما يثير تساؤلات حول استدامة نموذج عملها.
تحديات البحث التقليدي وصعود الذكاء الاصطناعي
في ظل هذه التطورات، يبدو أن البحث التقليدي قد دخل في مرحلة انحدار أمام صعود البحث بالذكاء الاصطناعي. إذ لطالما اشتكى المستخدمون من أن نتائج البحث التقليدية أصبحت غارقة في الإعلانات والتلاعب بتحسين محركات البحث (SEO)، مما يجعل العثور على المعلومات الحقيقية أمرًا شاقًا. وبينما يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كبديل أكثر ذكاءً وملاءمة، يبقى التحدي الأكبر هو تجنب الوقوع في نفس الفخاخ التي أفسدت البحث التقليدي.