ذكاء اصطناعي

المريخ يهتز بزلازل عنيفة… ولا تأتي جميعها من باطنه

فريق العمل
فريق العمل

3 د

أظهرت دراسة حديثة أن بعض الزلازل المريخية لا تنجم عن النشاط الداخلي، بل عن اصطدام النيازك.

معدل الاصطدامات النيزكية على المريخ أعلى مما كان يُعتقد، ما يؤثر على تقديرات الزلازل المستقبلية.

رُبطت إحدى الفوهات النيزكية بمنطقة "كيربيروس فوساي" بزلازل كان يُظن سابقًا أنها ناتجة عن نشاط داخلي.

كشفت البيانات أن الموجات الزلزالية الناتجة عن الاصطدامات تخترق الوشاح، ما يستدعي إعادة تقييم نموذج البنية الداخلية للكوكب.

في اكتشاف علمي مذهل، أظهرت الأبحاث أن الزلازل القوية التي تضرب كوكب المريخ ليست كلها ناجمة عن النشاط الداخلي للكوكب، بل إن بعضها يعود إلى اصطدام النيازك بسطحه. ويعد هذا الكشف خطوة مهمة في فهم البنية الداخلية للكوكب الأحمر، ما قد يساعد العلماء على إعادة تقييم طبيعة نواته وتاريخ نشأته، وكذلك آليات تشكل الكواكب المشابهة مثل الأرض والزهرة.


زلزال المريخ: بين النشاط الداخلي والتصادمات النيزكية

منذ إطلاق مسبار "إنسايت" التابع لوكالة "ناسا" عام 2018، تمكن العلماء من تسجيل أكثر من 1300 زلزال مريخي، وهو ما خالف التوقعات السابقة التي كانت ترجح أن الكوكب جيولوجيًا في حالة خمول. لكن دراسة حديثة، اعتمدت على الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الزلزالية، أظهرت أن العديد من هذه الهزات لم تكن ناتجة عن حركة الصفائح التكتونية أو النشاط البركاني، بل كانت ناجمة عن سقوط النيازك.


"تشير ملاحظاتنا إلى أن بعض الزلازل المسجلة ليست نتيجة للنشاط الداخلي، بل جاءت بسبب ارتطام النيازك بسطح المريخ،"

يقول فالنتين بيكل، عالم الكواكب في جامعة برن السويسرية. "وهذا الاكتشاف له تأثير كبير على تقديراتنا لمعدلات حدوث الزلازل المريخية، ولفهمنا لديناميكيات سطح الكوكب ككل."


مسبار "إنسايت" يكشف خفايا الزلازل المريخية

لطالما كان المريخ محور اهتمام العلماء باعتباره ثاني أكثر كوكب تمت دراسته في النظام الشمسي بعد الأرض. لكن مع وجوده على بعد ملايين الكيلومترات، يقتصر ما نعرفه عنه على البيانات التي ترسلها المركبات الفضائية. ومن أبرز هذه الأدوات، كان مسبار "إنسايت" الذي استمر في رصد الزلازل على سطح الكوكب حتى عام 2022.

وفي محاولة لفهم مصدر هذه الهزات، استخدم بيكل وفريقه خوارزميات الذكاء الاصطناعي لمراجعة صور التقطتها كاميرات المسبار "مارس ريكونيسانس أوربيتر" التابع لوكالة "ناسا"، حيث اكتشفوا 123 حفرة جديدة ظهرت خلال فترة تشغيل "إنسايت". وبعد مقارنة مواقع وتوقيت هذه الحفر مع البيانات الزلزالية، تمكن العلماء من ربط 49 زلزالًا بتلك التأثيرات النيزكية.


"تشير بياناتنا إلى أن عدد الاصطدامات النيزكية التي يشهدها المريخ أكبر بكثير مما كنا نعتقد سابقًا،"

يضيف بيكل. "في الواقع، معدل الاصطدامات الكبرى يتراوح بين 1.6 إلى 2.5 ضعف التقديرات السابقة."


تغيير النظرة إلى "فالق كيربيروس فوساي"

لم يقتصر الاكتشاف على مجرد تأكيد وجود تأثير النيازك على النشاط الزلزالي للمريخ، بل امتد ليغير فهم العلماء لمناطق نشطة زلزاليًا، مثل "فالق كيربيروس فوساي"، وهي منطقة بركانية شابة يُعتقد أنها مصدر للعديد من الزلازل ذات التردد العالي. غير أن الباحثين تمكنوا من ربط إحدى الفوهات النيزكية الكبيرة هناك بزلازل كان يُفترض سابقًا أنها ناتجة عن نشاط داخلي.

يقول كونستانتينوس شارالامبوس، عالم الكواكب في كلية إمبريال كوليدج لندن:


"كنا نظن أن منطقة كيربيروس فوساي مسؤولة عن إنتاج العديد من الإشارات الزلزالية عالية التردد نتيجة للنشاط الداخلي، لكن يبدو أن بعض هذه النشاطات كانت ناتجة عن اصطدام النيازك بدلًا من ذلك"


إعادة تقييم بنية المريخ الداخلية

لم تقتصر الدراسة على تحديد مصادر الزلازل، بل كشفت أيضًا عن طريقة انتشار الموجات الزلزالية داخل الكوكب. فبدلًا من أن تبقى الموجات الناجمة عن الاصطدامات محصورة في القشرة السطحية، أظهرت البيانات أنها تنتقل عبر ما وصفه العلماء بـ"الطريق الزلزالي السريع"، حيث تخترق الوشاح وتصل إلى مناطق أبعد داخل الكوكب.

ذو صلة

وهذا يعني أن بعض الافتراضات السابقة حول البنية الداخلية للمريخ قد تحتاج إلى مراجعة. يقول شارالامبوس:


"تشير هذه النتائج إلى أن العديد من الزلازل التي سجلها المسبار إنسايت كانت في الواقع أبعد مما كنا نعتقد، مما يستوجب إعادة تقييم نموذجنا الحالي للبنية الداخلية للمريخ."

ذو صلة