ذكاء اصطناعي

ترامب يريد “آيفون أمريكي الصنع”… حتى لو تطلّب الأمر مصانع خيالية

مجد الشيخ
مجد الشيخ

4 د

صرّح ترامب أن آبل قادرة على تصنيع الآيفون في أمريكا بنفس تكلفة الإنتاج في آسيا، بفضل أتمتة المصانع الحديثة.

هدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25٪ على آبل إذا لم تنقل إنتاجها إلى الولايات المتحدة.

سخر مستخدمو وسائل التواصل وخبراء اقتصاد من تصريحاته، مؤكدين أن التصنيع في أمريكا أكثر تكلفة بكثير.

يُنظر إلى القرار كمناورة سياسية تفتقر إلى خطة تنفيذية واقعية على المستوى الصناعي والاقتصادي.

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً على المنصات الرقمية وبين خبراء الاقتصاد، جدّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديداته تجاه شركة آبل، مطالباً إياها بنقل عمليات تصنيع أجهزة الآيفون من الخارج إلى الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن "المصانع المؤتمتة الحديثة" قادرة على إنتاج الهواتف بأسعار مماثلة لتلك في آسيا.


ترامب: يمكنهم الإنتاج محلياً بنفس السعر بفضل الأتمتة

في مؤتمر صحفي عُقد في البيت الأبيض يوم الجمعة، رد ترامب على أسئلة الصحفيين حول سلسلة من الأوامر التنفيذية الجديدة، لكن التركيز الأكبر انصبّ على تصريحاته بشأن شركة آبل.

عندما سئل عن سبب ثقته في إمكانية نقل إنتاج الآيفون إلى داخل أمريكا دون ارتفاع التكاليف، أجاب قائلاً:


"بالطبع يمكنهم، الكثير من العملية بات مؤتمتاً. هذه المصانع مذهلة إذا ما نظرتم إليها. بإمكانهم فعل ذلك. كما تعلمون، آبل قادمة باستثمار ضخم يبلغ 500 مليار دولار، وكذلك شركات تصنيع الرقائق الأخرى".

وأضاف أن العديد من شركات الرقائق الإلكترونية الأمريكية تخطط لاستثمارات ضخمة تصل إلى 500 و200 و250 مليار دولار. ثم تابع قائلاً:


"لكن حديثنا الآن عن الآيفون. إذا كانوا سيبيعونه في أمريكا، فأنا أريد أن يتم تصنيعه هنا".


حملة انتقادات لاذعة على وسائل التواصل

تصريحات ترامب لم تمر مرور الكرام، إذ سرعان ما اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي تعليقات ساخرة وانتقادات حادة. كتب أحد المستخدمين:


"هل يعتقد حقاً أن آبل لم تجرِ تحليلاً دقيقاً لتكاليف التصنيع في كل بلد، بما في ذلك أمريكا، قبل أن تختار مكان الإنتاج؟ إنهم يعرفون تكلفة التصنيع في أمريكا بدقة متناهية، ولو كان ذلك أكثر ربحية، لفعلوه منذ زمن".

فيما كتب آخر بسخرية:


"إذاً، ترامب يعطي شركة أقل من 30 يوماً لبناء مصنع معقد يبدأ الإنتاج فوراً؟ هل هذا منطقي؟".

وكتب ثالث:


"مرة أخرى، للجهلة من جماعة MAGA، يجب دفع أجور أعلى في أمريكا. الشركات لن تتحمل هذه التكاليف الإضافية، كما لم تتحمل تكاليف الرسوم الجمركية سابقاً. هذه الزيادات سيتم تحميلها للمستهلكين على شكل ارتفاع في الأسعار".

بينما أشار مستخدم رابع إلى التناقض الواضح في منطق ترامب:


"الرئيس يتحدث دون علم. الهاتف الذي يُباع بـ1500 دولار يُصنّع في آسيا بأقل من 10 دولارات. حتى باستخدام الروبوتات، سيكلف صنعه في أمريكا السعر الكامل، أي 1500 دولار".


تهديد رسمي بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25٪

تصريحات ترامب لم تقتصر على المؤتمر الصحفي، إذ نشر صباح الجمعة على منصة "تروث سوشال" منشوراً جاء فيه:


"لقد أخبرت تيم كوك (الرئيس التنفيذي لآبل) منذ زمن أنني أتوقع أن يتم تصنيع أجهزة الآيفون التي ستُباع في الولايات المتحدة داخل البلاد، وليس في الهند أو أي مكان آخر. وإن لم يحدث ذلك، فيجب على آبل دفع رسوم جمركية لا تقل عن 25٪".

وأضاف ترامب لاحقاً خلال المؤتمر أن هذه العقوبة الجمركية قد تمتد لتشمل شركات أخرى مثل سامسونغ، قائلاً:


"ينبغي أن تطبق على سامسونغ أيضاً، وعلى أي شركة تصنع هذا النوع من المنتجات، وإلا فإن الأمر لن يكون عادلاً".


ضبابية الجدوى الاقتصادية لقرارات ترامب

في ظل الارتفاع الكبير في أجور العمالة الأمريكية وتكاليف البناء، شكك محللون اقتصاديون في واقعية تصريحات ترامب. إذ يُعتقد أن إنشاء بنية تحتية متكاملة لإنتاج أجهزة معقدة مثل الآيفون داخل الأراضي الأمريكية يتطلب سنوات، وليس شهوراً، إضافة إلى مليارات الدولارات من الاستثمارات.

كما أن فرض رسوم جمركية على شركة بحجم آبل قد ينعكس سلباً على الاقتصاد الأمريكي، خاصة إذا قررت الشركة نقل تركيزها إلى أسواق أخرى أو تمرير التكاليف الزائدة إلى المستهلكين، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأجهزة الذكية داخل البلاد.


قرارات غير واقعية أم مناورة سياسية؟

ذو صلة

يبدو أن تصريحات ترامب تأتي في إطار سعيه للظهور بمظهر المدافع عن "صنع في أمريكا"، خاصة في فترة تزداد فيها الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المقبلة. ومع ذلك، فإن رغبته في إجبار آبل وغيرها من عمالقة التكنولوجيا على التصنيع داخل الولايات المتحدة دون تقديم حوافز واقعية أو خطة تنفيذية مدروسة، يضع الكثير من علامات الاستفهام حول مدى جدية وجدوى هذه التهديدات.

وفي ظل الانتقادات الواسعة من خبراء الاقتصاد والتقنيين، تظل تصريحات ترامب أقرب إلى الشعارات الشعبوية منها إلى خطة اقتصادية مدروسة يمكن تنفيذها على أرض الواقع في الأجل القصير أو حتى المتوسط.

ذو صلة