ذكاء اصطناعي

رجل مشلول يقف مجددًا بعد تلقيه خلايا جذعية “معاد برمجتها” في تجربة طبية رائدة

فريق العمل
فريق العمل

3 د

استعاد رجل ياباني مشلول القدرة على الوقوف بعد تلقي خلايا جذعية معاد برمجتها لعلاج إصابة في الحبل الشوكي.

شملت التجربة أربعة رجال، اثنان منهم أظهرا تحسنًا ملحوظًا، واثنان لم يتحسنا.

تم اشتقاق الخلايا المستخدمة من نوع iPS من متبرعين ثم تحويلها إلى خلايا عصبية سابقة قبل حقنها.

لا تزال التجربة أولية، وتحتاج إلى دراسات أوسع لتأكيد الفعالية وتحديد مدى أمان العلاج على المدى البعيد.

في تطور طبي مثير يحمل آمالًا جديدة لملايين المصابين بإصابات الحبل الشوكي، تمكّن رجل ياباني مشلول من الوقوف مجددًا على قدميه، بعد تلقيه علاجًا مبتكرًا يعتمد على خلايا جذعية معاد برمجتها. هذا الرجل هو أحد المشاركين الأربعة في تجربة سريرية غير مسبوقة، هدفت إلى اختبار مدى فعالية الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات (iPS) في استعادة وظائف الحبل الشوكي لدى أشخاص يعانون من شلل كامل.

ورغم أن النتائج لا تزال أولية ولم تخضع بعد للمراجعة العلمية المحكمة، فإنها أُعلنت في مؤتمر صحفي عقد في 21 مارس الجاري، وأثارت ردود فعل مشجعة في الأوساط العلمية. أحد المرضى أظهر تحسنًا ملحوظًا في قدرته على تحريك ذراعيه وساقيه، بينما لم يطرأ تغيّر كبير على حالتي المريضين الآخرين.


بارقة أمل... ولكن بحذر

قاد التجربة البروفيسور هيديوكي أوكانو، أستاذ علم الخلايا الجذعية بجامعة كيو في طوكيو، بالتعاون مع فريق من الباحثين المتخصصين. وقد وصف جيمس سانت جون، عالم الأعصاب في جامعة غريفيث بأستراليا، النتائج بأنها "إيجابية ومثيرة للغاية بالنسبة لمجال أبحاث إصابات النخاع الشوكي"، رغم تأكيده على الحاجة إلى تجارب أكبر لإثبات الفعالية بشكل قاطع، نظرًا لاحتمال أن يكون التحسن ناتجًا عن تعافٍ طبيعي وليس نتيجة مباشرة للعلاج.

هذه التجربة ليست الأولى من نوعها التي تستخدم الخلايا الجذعية في محاولة لعلاج إصابات الحبل الشوكي، لكنها الأولى التي تستخدم خلايا iPS في هذا السياق، وهي خلايا تُعاد برمجتها من خلايا بالغة إلى حالة شبيهة بالخلايا الجنينية، ما يتيح تحويلها إلى أنواع خلوية أخرى، مثل الخلايا العصبية أو الدبقية.


تفاصيل العملية

في التجربة، استُخدمت خلايا iPS مأخوذة من متبرع لتوليد خلايا عصبية سابقة، حُقنت منها قرابة مليوني خلية في موقع الإصابة لدى كل مريض. أُجريت الجراحة الأولى في ديسمبر 2021، وتلتها ثلاث عمليات أخرى بين عامي 2022 و2023. جميع المشاركين كانوا رجالًا بالغين، اثنان منهم تجاوزوا الستين، وتلقوا الجراحة خلال فترة تتراوح بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع من لحظة إصابتهم.

ولتقليل خطر رفض الجسم لهذه الخلايا، تلقى المرضى أدوية مثبطة للمناعة لمدة ستة أشهر بعد الجراحة.


مؤشرات تحسّن مشجعة

قبل بدء العلاج، كان المرضى الأربعة مصنفين ضمن الفئة A حسب مقياس "جمعية إصابات الحبل الشوكي الأمريكية" (AIS)، أي أنهم لا يمتلكون أي قدرة حسية أو حركية أسفل موقع الإصابة. لكن بعد مرور عام، طرأ تحسّن ملحوظ على اثنين منهم: أحدهما ارتقى إلى الفئة C، ما يعني أنه يستطيع تحريك بعض عضلات الأطراف، دون القدرة على الوقوف، بينما ارتقى الآخر إلى الفئة D، وهو قادر على الوقوف بمفرده، ويخضع حاليًا لتدريبات للمشي. وعلّق البروفيسور أوكانو على ذلك بقوله:


"إنها استجابة دراماتيكية"، مشيرًا إلى أن التحليل الأولي للبيانات يدعم فرضية فعالية العلاج.


خطوة على طريق طويل

يشير تقرير سابق نُشر عام 2019 إلى أن عدد المصابين بإصابات الحبل الشوكي على مستوى العالم بلغ حوالي 900 ألف حالة جديدة في ذلك العام، في حين يعيش نحو 20 مليون شخص مع تبعات الإصابة. أمام هذه الأرقام، يمثل هذا التقدم المتواضع بارقة أمل رغم محدودية العينة.

ذو صلة

ويؤكد العلماء أن الطريق لا يزال طويلًا قبل التوصل إلى علاج معتمد وواسع النطاق، إذ تتطلب الخطوة القادمة إجراء تجارب سريرية أوسع تشمل شرائح عمرية وجنسية مختلفة، إلى جانب مراقبة طويلة المدى لرصد أي آثار جانبية محتملة أو انتكاسات لاحقة.

لكن رغم هذه التحفظات، تبقى التجربة دليلًا واعدًا على الإمكانات الكامنة في مجال الخلايا الجذعية المعاد برمجتها، خاصة عندما تُوظّف بدقة لعلاج إصابات كانت حتى وقت قريب تُعتبر ميؤوسًا منها.

ذو صلة