رواتب بلا عمل: جوجل تواجه تحديات الذكاء الاصطناعي باتفاقيات غير تنافسية

3 د
تدفع جوجل لموظفي الذكاء الاصطناعي رواتبهم لمدة عام دون عمل لمنع انتقالهم للمنافسين.
تستخدم جوجل اتفاقيات صارمة لتجميد موظفيها بعيداً عن المنافسة.
يشعر بعض الموظفين بالإحباط والعزلة عن التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي.
تسعى جوجل للحفاظ على مواهبها في خضم المنافسة الشرسة في السوق.
تحافظ جوجل على صمتها تجاه هذه الانتقادات ولا تعلق رسميًا.
هل يمكنك أن تتخيل أن تدفع لك شركة راتباً كاملاً لعام كامل دون أن تقوم بأي عمل؟ هذا هو بالضبط ما تفعله جوجل مع بعض موظفيها المختصين بالذكاء الاصطناعي، لكنه ليس لطفاً مفرطاً، بل هو إجراء يعكس التخوف الشديد من انتقال موظفيها إلى المنافسين في المجال ذاته، والذي بات مجالاً شرساً يعج بالتنافس المستمر بين عمالقة التكنولوجيا.
قصة جوجل والنهاية المفتوحة
بحسب تقرير تداولته عدة مصادر إعلامية مؤخراً، تعتمد جوجل بواسطة قسم الذكاء الاصطناعي التابع لها "ديب مايند" (DeepMind) في بريطانيا، اتفاقيات غير تنافسية تُوصف بأنها "صارمة للغاية". والهدف الواضح منها هو منع الموظفين المهمين في فريق الذكاء الاصطناعي من الانتقال للعمل لدى الشركات المنافسة مثل "أوبن إيه آي" (OpenAI) أو "مايكروسوفت" و"أمازون"، لفترات قد تصل إلى عام كامل من تاريخ تركهم للشركة.
ولا يقف الأمر هنا، فالمفاجأة أن هؤلاء الموظفين يتلقون رواتبهم بشكل كامل خلال فترة هذا العام بأكمله، وكأنها إجازة طويلة مدفوعة الأجر بالكامل. وعلى الرغم من أن هذا يبدو ممتازاً للوهلة الأولى، إلا أنه في عالم سريع التطور مثل الذكاء الاصطناعي، فإن أي ابتعاد عن العمل لمدة عام واحد قد يعني الكثير، خصوصاً بالنسبة للباحثين والخبراء الذين يفضلون البقاء على اتصال بآخر التطورات والخبرات في مجال تخصصهم.
خيبة أمل وإحباط لدى الموظفين
لم يخلُ هذا القرار الغريب من انتقادات عديدة، حيث أشار بعض الخبراء في المجال إلى أن له آثاراً سلبية على الموظفين أنفسهم، إذ يشعر كثير منهم بأنهم "معزولون" عن أكبر التطورات والتحديثات في القطاع، مما يصيبهم بالإحباط ويؤثر على قدرتهم العملية للعودة للوسط مرة أخرى.
وقد أكد ذلك مؤخراً نائب رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت في تغريدة نشرها على منصة X (تويتر سابقاً)، حيث كتب من خلالها عن تلقيه رسائل من موظفي ديب مايند، وصف فيها حالتهم بأنها "تشبه اليأس"، وأنهم يحاولون بشتى الطرق العثور على طريقة للخروج من هذه الاتفاقيات غير التنافسية ويبحثون عن فرص عمل لديه في مايكروسوفت، مضيفاً أن بعضهم أخبروه أن مسؤوليهم قالوا لهم إن هذه هي الطريقة الوحيدة للحصول على ترقيات مستقبلية.
جوجل ترد .. ولكن بتحفظ
ورغم الضجة الحاصلة، لم تستجب جوجل بشكل واضح للتعليق على هذه المزاعم حتى الآن. وعندما طلب موقع TechCrunch تعليقًا رسميًا من الشركة، فضّلت جوجل الصمت ولم تعلّق، وإن كانت قد صرّحت سابقاً لموقع Business Insider بأن استخدامها لهذه الاتفاقيات يتم بشكل "انتقائي" وليس على نطاق واسع كما يشاع.
تنافس متصاعد في السوق
تأتي هذه الأخبار في مرحلة تشهد فيها ساحة الذكاء الاصطناعي منافسة حامية الوطيس، حيث تحاول كل شركة حماية أسرارها وخبراتها بكل الطرق المتاحة، وباتت الشركات تتنافس بعنف على الموظفين والمواهب الأفضل في المجال، وهو ما يبرر، ولو جزئياً، حرص جوجل الكبير على التمسك بموظفيها، حتى وإن كلّف الأمر دفع رواتبهم مقابل بقائهم بعيداً عن المنافسة.
السؤال الذي يفرض نفسه الآن: هل ستتمكن جوجل من الحفاظ على قدراتها التنافسية في سوق الذكاء الاصطناعي بهذا الأسلوب، أم أن هذه الفترات الطويلة من التعطيل الإجباري لموظفيها ستعود عليها بنتائج عكسية؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة على هذا السؤال.