ذكاء اصطناعي

زمنه لم يحن بعد… عنصر يظهر قبل اكتشافه بقرن: من أين أتى؟؟

زمنه لم يحن بعد… عنصر يظهر قبل اكتشافه بقرن: من أين أتى؟؟
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

كشفت تحليلات حديثة عن وجود التنجستن في مختبر تيخو براهي.

لم يُكتشف هذا العنصر رسميًا إلا بعد وفاة براهي بأكثر من 180 عامًا.

يشير العلماء إلى أن وجود التنجستن كان عرضيًا نتيجة شوائب خامية.

يؤكد العلماء تقدم الخيميائيين في تلك الفترة في العمليات الكيميائية.

تشجع النتائج الحالية على دراسة أعمق للبقايا من المختبرات التاريخية القديمة.

في مفاجأة علمية قد تعيد كتابة جزء من التاريخ المتعارف عليه، كشفت تحليلات حديثة عن وجود عنصر التنجستن في بقايا مختبر عالم الفلك والكيميائي الشهير "تيخو براهي" الذي عاش في القرن السادس عشر. الغريب في الأمر أن هذا العنصر لم يُكتشف رسمياً إلا عام 1783، أي بعد وفاة براهي بأكثر من 180 عاماً.

وقد احتار العلماء أمام هذه النتائج غير المتوقعة التي توصلوا إليها بعد استخدام تقنيات متطورة مثل التحليل الطيفي بالأشعة السينية والتحليل المجهري بتقنية رامان لفحص بقايا أواني خزفية تم العثور عليها في جزيرة "هفن" الدنماركية، حيث كان موقع مرصد "يورانيبورغ" الشهير ومختبر براهي الكيميائي. السؤال المهم الذي يُطرح الآن: كيف استطاع تيخو براهي استخدام أو التعامل مع عنصر، كان حتى ذلك الوقت مجهولاً للعلم تماماً؟

وهنا يكمن الغموض الشديد. عنصر التنجستن - والمعروف كذلك بمصطلح "الولفرام" - يتميز بصعوبة عزله، إذ يتطلب استخراجه من خاماته ظروفاً شديدة مثل تسخين المواد إلى درجات حرارة تتجاوز الألف درجة مئوية، وهذه ظروف يتعذر عادة توفرها في المختبرات البسيطة السابقة للثورة الصناعية بفترة طويلة. ولعلّ الأواني الفخارية التي استُخدمت في مختبر براهي، والتي كانت تُسخن بواسطة أفران الفحم البدائية، احتوت على شوائب دقيقة من خام معدن آخر أدى في النهاية إلى دخول التنجستن عن طريق الخطأ.

التفسير الأكثر شيوعاً بين العلماء الآن هو أن تواجد التنجستن في مختبر براهي كان عرضياً أو غير مقصود. يرجح الباحثون أنه ربما كان ملوثاً خامياً دخل إلى المختبر أثناء تجارب براهي الكيميائية الأخرى التي شملت عناصر كالنحاس والحديد والأنتيمون، ولكن الأمر مازال بعيداً عن اليقين الكلي.

ويقول كار لوند راسموسن، خبير علوم الآثار والتحاليل الكيميائية في جامعة جنوب الدنمارك، إن وجود التنجستن في مختبر يعود للقرن السادس عشر أمر يدعو حقاً للدهشة، خاصة وأننا نتحدث عن فترة كانت فيها المعرفة الكيميائية والتكنولوجية محدودة جداً. وعلى الرغم من أننا لا نملك أدلة تسمح بالتأكيد، إلا أنه من المحتمل أن يكون براهي على معرفة نظرية أو على الأقل قد سمع شائعات غامضة حول هذا العنصر الذي لم يُعرف بعد آنذاك.

ذو صلة

ربما يكون الإرث المعروف عن تيخو براهي اليوم مرتبطاً أكثر برصد النجوم والكواكب، إلا أن هذه الاكتشافات الجديدة تؤكد أن الجانب الكيميائي من إرثه لم يكن أقل أهمية. بل وتشير النتائج إلى أن الخيميائيين في تلك الفترة كانوا ربما أكثر تقدماً في عملياتهم الكيميائية مما اعتُقد سابقاً.

هذه النتائج المثيرة تشجعنا اليوم على إعادة فحص ودراسة البقايا والتحف من المختبرات التاريخية القديمة بشكل أعمق، إذ إنه من المتوقع أن تساعد هذه الجهود المكثفة على فهم أفضل للمراحل الأولى من اكتشاف كل عنصر من عناصر الجدول الدوري الحديث. ولعل هذا الكشف الأخير يكون فاتحة لدراسات ونتائج أكثر إدهاشاً في المستقبل، مما يؤكد مجدداً أن لا حدود للعلم وتاريخه حين نتجه نحو التدقيق والتحليل العلمي المعمق.

ذو صلة