عذرًا.. لقد أخطأ العلماء في حساب الجدول الزمني للاحتباس الحراري العالمي!

3 د
تشير دراسة جديدة إلى أن العالم ربما تجاوز حاجز 1,5 درجة مئوية منذ عام 2020.
استند التحليل إلى عينات من إسفنج بحري قديم قادر على تسجيل درجات حرارة المحيطات.
يشكك بعض العلماء في دقة النتائج، معتبرين أن البيانات المستندة إلى منطقة واحدة قد لا تعكس الواقع العالمي.
بغض النظر عن الدراسة، فإن العالم يقترب بسرعة من تجاوز العتبة الحرارية الحرجة، مما يستدعي اتخاذ تدابير عاجلة لمكافحة تغير المناخ.
في عام 2015، وضعت اتفاقية باريس للمناخ هدفاً طموحاً يتمثل في الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. غير أن دراسة علمية حديثة تشير إلى أن العالم ربما تجاوز هذا الحد بالفعل قبل عدة سنوات.
فريق بحثي من معهد المحيطات في جامعة أستراليا الغربية توصل إلى هذه النتيجة بعد تحليل طويل الأمد لعينات من الإسفنج البحري الكاريبي، والتي يُعتقد أنها تعمل كـ "أرشيف طبيعي" لدرجات حرارة المحيطات. وفقاً للدراسة، التي نُشرت في دورية Nature Climate Change، فإن العالم تجاوز حاجز 1.5 درجة مئوية في عام 2020، وهو ما يعني أن الجدول الزمني المتوقع لمكافحة تغير المناخ قد يكون بحاجة إلى إعادة تقييم.
تحليل الإسفنج البحري يكشف تاريخ حرارة المحيطات
اعتمد العلماء في دراستهم على نوع معين من الإسفنج يعرف باسم "سكليروسبونجز"، وهو كائن بحري يعيش في كهوف المحيط العميقة وينمو ببطء شديد، حيث لا يزيد نموه على بضعة أجزاء من المليمتر سنوياً. هذه الخاصية تجعله قادراً على تخزين بيانات مناخية في هياكله الكلسية، على غرار ما توفره حلقات الأشجار أو عينات الجليد القطبي.
قام الباحثون بقياس نسب عنصر السترونشيوم إلى الكالسيوم في هذه الإسفنجات، وهي تقنية تمكنهم من تحديد درجات حرارة المياه التي عاش فيها الإسفنج منذ القرن الثامن عشر. ونظراً لأن منطقة الكاريبي تُعد بيئة بحرية مستقرة نسبياً، فقد اعتبر العلماء أن بياناتها يمكن أن تعكس التغيرات الحرارية بدقة، خاصة أن القياسات البشرية لدرجة حرارة المحيطات لم تبدأ بشكل منتظم إلا في منتصف القرن التاسع عشر.
هل أخطأت التقديرات السابقة؟
أحد أبرز الاستنتاجات المثيرة للجدل في هذه الدراسة هو أن الاحترار العالمي بدأ قبل ما قدرته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) بفترة تصل إلى 80 عاماً. وبحسب البيانات، فإن متوسط حرارة الكوكب ربما تجاوز 1.7 درجة مئوية في عام 2020، مما يعني أن العالم قد يكون بالفعل دخل في مرحلة تغير مناخي حاد قبل عقود من التوقعات الرسمية.
لكن هذا الطرح لم يحظَ بإجماع علمي، إذ أعرب بعض الخبراء عن تشككهم في مدى دقة هذه النتائج. أحد العلماء، الذي تحدث إلى موقع LiveScience، اعتبر أنه "من غير المعقول رفض السجلات المناخية الحديثة اعتماداً على دراسة قائمة على عينة صغيرة من إسفنج بحري من منطقة واحدة فقط من العالم".
تشير البيانات إلى تجاوز العتبة الحرارية
بغض النظر عن مدى دقة الدراسة الجديدة، فإن المؤشرات العامة تدل على أننا في طريقنا لتجاوز الحد الحرج للاحتباس الحراري في المستقبل القريب. فقد كان شهر يناير الماضي الأكثر حرارة على الإطلاق، حيث بلغت درجات الحرارة العالمية 1.7 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وفقاً لمجلة New Scientist.
وعلى الرغم من أن هذا لا يعني أن المتوسط طويل الأمد قد تجاوز رسمياً حاجز 1.5 درجة مئوية، فإنه يعد إنذاراً واضحاً بأن العالم يقترب بسرعة من نقطة تحول حرجة. وإذا صحت الدراسة الجديدة، فهذا يعني أن البشرية قد تكون بحاجة إلى تسريع جهود خفض الانبعاثات، إذ أن "الساعة المناخية" قد تكون تقدمت بمقدار عقد كامل عن التوقعات السابقة، وفقاً للبروفيسور مالكولم مكلوك، المؤلف الرئيسي للدراسة.
العالم أمام اختبار مصيري
سواءً كانت الإسفنجات البحرية محقة أو خاطئة في تقديراتها، فإن الأزمة المناخية أصبحت واقعاً ملموساً يتطلب استجابة عاجلة. وإذا كان العالم قد تجاوز بالفعل حاجز 1.5 درجة مئوية، فإن ذلك يعني أن الإجراءات الحالية ليست كافية، وأن الحاجة إلى تقليل الانبعاثات الكربونية أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
في النهاية، لا يمكننا تجاهل أن جميع الدلائل تشير إلى حقيقة واحدة: الكوكب يزداد حرارة بوتيرة أسرع مما توقعنا، والعلماء باتوا في سباق مع الزمن لإنقاذ مستقبل البشرية.