لغز سفينة نوح: هل يكشف العلم ما ظل مجهولًا لقرون في شرق تركيا؟

3 د
تواصل الأبحاث في موقع "دوروبينار" بتركيا إذ يدرس فريق "Noah's Ark Scans" أدلة محتملة تتعلق بسفينة نوح.
تحليل تشكيلات التربة كشف عن خصائص تدعم النظريات المرتبطة بتعفن الخشب القديم.
نتائج المسح بالرادار توحي بوجود بنى وزوايا قائمة وغرف تحت الأرض في الموقع.
التكنولوجيات غير التدميرية تُستخدم للحفاظ على الموقع أثناء الأبحاث المستقبلية.
الباحثون يخططون للتحقق من النظريات دون إلحاق الضرر بالمنطقة الفريدة.
هل اقترب العلماء فعلاً من إيجاد سفينة نوح الأسطورية؟ سؤال يشغل الباحثين وعشاق التاريخ على حد سواء، خاصةً بعد أحدث الاكتشافات التي كشف عنها فريق علمي مؤخرًا في شرق تركيا. تعالوا معي اليوم لنتعرف عن قرب على تفاصيل هذه القصة المثيرة.
خيوط الكشف تصل إلى شرق تركيا
يقترب فريق بحثي يُطلق على نفسه اسم "Noah's Ark Scans" - أو بالأحرى "فريق مسح سفينة نوح" - من حل واحد من أكثر ألغاز التاريخ غموضًا. يبحث هذا الفريق بشكل مكثف في منطقة جبلية نائية تقع على بعد حوالي ثلاثين كيلومترًا جنوب جبل أرارات في شرق تركيا، حيث توجد تكوينات جيولوجية مثيرة للريبة، وتحديدًا ما يُعرف بموقع "دوروبينار".
يبدو هذا الموقع مثيرًا للاهتمام بدرجة كبيرة؛ إذ يأخذ شكلًا مشابههًا للسفينة من الخارج وبطول يناهز 538 قدمًا، وهو ما يطابق تقريبًا الأبعاد التي ذُكرت لسفينة نوح بحسب سفر التكوين في النصوص المقدسة.
ما الجديد في هذه الأبحاث؟
على الرغم من أن الموقع المسمى "دوروبينار" معروف منذ سنوات طويلة، إلا أن الأدلة الحديثة أعطت الباحثين أملاً متجددًا. وتحدث الباحث الرئيسي، أندرو جونز، لصحيفة "ذا صن" البريطانية قائلاً:
"إننا حاليًا ننفذ اختبارات متنوعة غير تدميرية مثل تحليلات التربة، والمسح بالرادار في عدة أعماق، سعياً منّا لحسم الجدل بشأن أصل هذا المكان الغامض"
وأوضح جونز أن المنطقة تقع ضمن تيار ترابي متحرك، وتواجه ظروف مناخية قاسية للغاية، لذا فالأولوية الآن لدى الفريق هي حمايتها بشكل جيد قبل الشروع في أي عمليات تنقيب فعلية.
ومع التحاليل الأولى للتربة التي أجراها الجيولوجي التركي الدكتور ميميت صالح بايراكتوتان، جاءت النتائج مبشرةً جدًا. إذ أظهرت التحاليل أن التربة داخل التكوين تتميز بمستوى منخفض من الأس الهيدروجيني (pH)، والمزيد من المواد العضوية، وتركيز عالٍ من البوتاسيوم، وهي سمات تتوافق عادة مع ما ينتج عن تعفن الخشب القديم.
دلائل غريبة داخل الموقع
أحد التفاصيل اللافتة الأخرى التي ظهرت في الأبحاث الأخيرة، أن العشب في موقع التكوين يذبل ويتحول إلى اللون الأصفر في وقت أبكر من المناطق المحيطة به. ويرى الباحثون في هذه الظاهرة علامةً لافتة قد تشير إلى أن الأساسات داخل هيكل التربة ليست طبيعية، بل ربما تحمل بصمات بشرية أو بنائية قديمة.
رؤية تحت الأرض بدون حفر!
وما زاد من فضول العلماء حول الموقع كانت نتائج المسح بواسطة الرادار الأرضي (GPR) لعام 2019، التي كشفت عن بنى ذات زوايا قائمة وغرف محتملة أو فراغات أسفل السطح بحوالي 22 قدمًا (حوالي سبعة أمتار). هذه النتائج جعلت الفريق يطمح للمزيد من الأبحاث باستخدام تقنيات لا تتطلب الحفر المباشر، للمحافظة على وضع الموقع الحساس دون إلحاق الضرر به.
جونز أوضح أيضًا أن مراجعتهم وتحليلهم الدقيق للخرائط الناتجة عن المسح قد توحي بوجود ممر أو غرفة كبيرة في وسط الموقع. وهذا قد يدفعهم لاتخاذ خطوات إضافية مثل إدخال كاميرات خاصة من خلال فتحات معينة للوصول إلى هذا المكان السري واكتشاف حقيقته دون إحداث ضرر بشكله الخارجي.
هل نقترب حقاً من السفينة الأسطورية؟
أندرو جونز وفريقه متحمسون بشكل واضح، لكنهم يلتزمون الحذر في الإعلان عن نتائج قاطعة. فبحسب جونز، عمليات التنقيب الفعلية والحفر لن تحدث إلا بعد جمع كمية وافية من الأدلة والتأكد الكامل من طبيعة الموقع وكيفية المحافظة عليه وتحليل البيانات.
ورغم الإثارة المرافقة لهذا الاكتشاف، إلا أن الباحثين والجيولوجيين حريصون على ألا يرفعوا سقف التوقعات قبل إثبات الدليل القاطع. فلا تزال فرضية كون هذا الموقع بقايا السفينة الأسطورية تحتاج الكثير من الوقت والجهد لإثباتها بشكل قاطع ونهائي.
وفي الختام، تظل قصة سفينة نوح محط اهتمام ملايين الناس حول العالم من مختلف الثقافات والأديان، فهل ستحمل الأيام القادمة الإجابة النهائية عن لغزٍ طال انتظاره؟ علينا الانتظار ولنراقب معًا ماذا سيكشف الباحثون خلال الأعوام القليلة المقبلة.