أكبر صحراء في الهند تتحول إلى واحة خضراء بين ليلة وضحاها! 😯

3 د
تزايدت مساحة المساحات الخضراء في صحراء ثار بنسبة 38% خلال العقدين الماضيين.
لعبت الأمطار الموسمية وارتفاعها بنسبة 64% دورًا كبيرًا في هذا التغير.
ساهم بناء قنوات ومشاريع الري في دعم الزراعة وتوسيع المساحات الخضراء.
يحذر العلماء من استخدام المياه الجوفية بشكل غير منظم وتأثيرات تغير المناخ.
ينصح الخبراء بتبني حلول مستدامة لحماية البيئة وضمان استمرار التحسن.
ربما يظن البعض أن كلمة "صحراء" لا توحي إلا بصور الأراضي الجافة، الكثبان الرملية، والجفاف الشديد. لكن مؤخراً شهدت صحراء ثار في الهند تحولات هائلة غير متوقعة، أثارت دهشة العالم والمجتمع العلمي على حد سواء. فما الذي حدث بالضبط في هذه المنطقة القاسية ليجعلها تتحول فجأة إلى أراض خضراء؟
الصحراء تزداد خضرة، والأسباب متعددة
وفقاً لدراسة حديثة استندت إلى صور الأقمار الصناعية، والتي تم نشرها مؤخراً في مجلة علمية معروفة تُدعى "Cell Reports Sustainability"، فإن صحراء ثار شهدت خلال العقدين الماضيين زيادة كبيرة في مساحات النباتات وصلت إلى حوالي 38%. والأمر لا يقتصر على زيادة الخضرة فقط؛ بل أصبح من الواضح أن هذا التغير له أسباب تجمع بين المرتبط بالمناخ والتركيبة السكانية، بالإضافة إلى التوسع الهائل في الأنشطة البشرية والزراعية.
صحراء ثار تمتد على مساحة تقارب 200 ألف كيلومتر مربع بين الهند وباكستان، وتعتبر من أكثر المناطق الصحراوية كثافة بالسكان، حيث يعيش فيها ما يزيد على 16 مليون شخص. وبعكس توقعات العلماء السابقين، الذين كانوا يتوقعون أن تتعرض هذه المناطق للجفاف والتصحر، يبدو أن ثار لديها قصة مختلفة.
السبب الرئيسي: تغير المناخ والنشاط الإنساني
الخبير الهندي فيمال ميشرا، الذي شارك في إعداد هذه الدراسة، أوضح أن زيادة الأمطار الموسمية لديها دور ملحوظ في هذه التغيرات، حيث ارتفعت نسبة الأمطار الموسمية في الصحراء بنسبة 64% بين عامي 2001 و2023. هذه الزيادة في المطر عززت من رطوبة التربة وساعدت بشكل كبير على نمو النباتات، مما يزيد من احتمالية زيادة التنوع البيولوجي فيها.
لكن المطر وحده لا يكفي لتفسير هذه الظاهرة. الأنشطة البشرية، لا سيما بناء شبكة واسعة من قنوات ومشاريع الري، ساهمت كثيراً في جذب الماء من تحت الأرض إلى السطح، مما خلق الظروف الملائمة للزراعة. هذا النشاط الزراعي الجديد اقترن أيضاً بالتوسع العمراني في المنطقة، وبالتالي ظهور مساحات خضراء كبيرة بطريقة غير مسبوقة تاريخياً.
فوائد ملموسة.. لكن المخاطر محتملة
من الطبيعي أن نتصور كل ما يحدث هنا كخبر سار جداً، حيث أصبحت هناك زيادة في الرقعة الزراعية وبالتالي إنتاج المزيد من الغذاء وتحسين الواقع المعيشي للسكان. ولكن العلماء يحذرون من الإفراط في التفاؤل. الاستخدام المكثف وغير المنظم للمياه الجوفية قد يؤدي إلى أزمات مستقبلاً، لأن ذلك يمكن أن ينضب المياه على المدى البعيد.
كما أن ارتفاع درجات الحرارة يظل خطراً قائماً ومقلقاً. الزيادات الكبيرة في درجات الحرارة العالمية قد تؤدي إلى ظروف مناخية متطرفة، وربما إلى فترات جفاف مفاجئة أو فيضانات خطيرة، ومعها خسائر محتملة للبنية التحتية والمحاصيل الزراعية.
التحدي الكبير.. بين الفرصة والمخاطر
لهذا السبب، ينصح الخبراء بالتوجه نحو زيادة الوعي البيئي، واعتماد خيارات مستدامة مثل المحاصيل المقاومة للجفاف، والتركيز على الطاقة النظيفة، وتطوير أنظمة ذكية لإدارة المياه. هذه الإجراءات قد تساعد على الحفاظ على المكاسب التي حدثت مؤخراً وتضمن استمراريتها.
والأمر لا يقتصر فقط على الجوانب البيئية. التحول الزراعي والعمراني السريع قد يهدد ثقافة السكان المحليين وعاداتهم التقليدية، خاصةً مجتمعات البدو الرحل الذين يعتمدون على الطبيعة بشكل مباشر. كما قد يؤثر على التنوع البيولوجي الفريد من نوعه في هذه المنطقة الصحراوية.
مستقبل صحراء ثار.. دروس للعالم
يبدو أن قصة صحراء ثار تمنحنا فرصة مهمة لدراسة نموذج واقعي حول كيفية تأقلم مناطق صحراوية مع ظروف المناخ المتغير. ولربما تُصبح هذه المنطقة مثالاً يقتدى به إذا تمت إدارة مواردها وتخطيط مستقبلها بحكمة ومراعاة دقيقة للعوامل البيئية والبشرية معاً.
ولكن في المقابل، فإن التسرع أو سوء إدارة هذه الموارد الجديدة قد يحول الفرصة إلى مشكلة كبيرة. فالقصة هنا لم تكن أبداً مجرد أرض جافة تحولت إلى منطقة خضراء بين عشية وضحاها.. بل هي حكاية توازن دقيق بين الاستفادة من الطبيعة واحترام حدودها، لنضمن أن هذه \"الفوائد المفاجئة\" لا تأتي مع ثمن باهظ على المدى الطويل.