ذكاء اصطناعي

ارتفاع الليرة السورية بعد الثورة: تعافٍ اقتصادي أم فقاعة مؤقتة؟

فريق العمل
فريق العمل

3 د

شهدت الليرة السورية تحسنًا ملحوظًا في قيمتها أمام الدولار الأمريكي عقب سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024. فقد ارتفعت قيمتها بنسبة لا تقل عن 20% خلال الأيام القليلة التي تلت هذا الحدث، حيث تراوح سعر الصرف بين 10,000 و12,500 ليرة مقابل الدولار، بعد أن كان مستقرًا عند حوالي 15,000 ليرة للدولار الواحد، بحسب تقرير لرويترز.


عوامل التحسن المفاجئ

يُعزى هذا التحسن إلى عدة عوامل، أبرزها:

  • عودة السوريين من الخارج: شهدت البلاد عودة آلاف السوريين الذين لجأوا إلى دول الجوار خلال سنوات الحرب، مما أدى إلى زيادة تدفق العملات الأجنبية إلى الداخل.
  • رفع القيود على تداول العملات الأجنبية: ألغت السلطات الجديدة القيود الصارمة التي كانت مفروضة على تداول العملات الأجنبية، مما سمح باستخدام الدولار والعملات الأخرى بحرية في الأسواق المحلية.
  • توقعات اقتصادية إيجابية: أدى التغيير السياسي إلى تفاؤل بين المواطنين والمستثمرين بإمكانية تحسن الأوضاع الاقتصادية، مما زاد من الثقة في العملة المحلية.

التحديات الاقتصادية المستمرة

على الرغم من هذا التحسن، يواجه الاقتصاد السوري تحديات كبيرة، منها:

  • البنية التحتية المدمرة: تسببت سنوات الحرب في تدمير واسع للبنية التحتية، مما يتطلب استثمارات ضخمة لإعادة الإعمار.
  • العقوبات الدولية: لا تزال العقوبات المفروضة على سوريا تعيق تدفق الاستثمارات الأجنبية وتحد من قدرة البلاد على الوصول إلى الأسواق العالمية.
  • التضخم والبطالة: يعاني الاقتصاد من معدلات تضخم مرتفعة وبطالة متفشية، مما يؤثر سلبًا على مستوى المعيشة للسكان.

تغيرات سعر الصرف بين التحسن الطبيعي والمضاربة

يُعدّ سعر الصرف أحد المؤشرات الحيوية التي تعكس قوة الاقتصاد واستقراره، لكنه قد يكون أيضاً ساحة للمضاربات المالية التي تخلق تقلبات غير مستدامة. بشكل عام، تتحدد قيمة الليرة السورية – أو أي عملة أخرى – وفقاً لقوى العرض والطلب، حيث يؤدي ارتفاع الصادرات إلى دخول العملة الصعبة وزيادة المعروض منها، مما يدعم الليرة، بينما يؤدي ارتفاع الواردات إلى زيادة الطلب على الدولار، وبالتالي انخفاض قيمة العملة المحلية. لكن هذه العمليات تحتاج عادةً من 3 إلى 6 أشهر حتى تُترجم إلى تغييرات فعلية في السوق.

على الجانب الآخر، هناك المضاربات التي تحدث في فترات قصيرة وتؤدي إلى تقلبات حادة في سعر الصرف دون أن يكون لها أساس اقتصادي متين. في الحالة السورية، شهدت الليرة موجات ارتفاع حادة في عدة محطات، أخرها حاليًا حيث قفزت الليرة من 13,000 إلى 7,400، مسجلةً نسبة ارتفاع غير مسبوقة بلغت 54%.
ورغم أن هذه التحركات قد تبدو إيجابية، إلا أنها تثير تساؤلات جوهرية حول استدامتها. فالتعافي الاقتصادي الحقيقي يستند إلى عوامل إنتاجية واستثمارات مستدامة، بينما الارتفاعات السريعة قد تكون نتيجة مضاربات من قبل المضاربين أو تدخلات غير مدروسة من البنك المركزي لامتصاص السيولة وضبط السوق مؤقتاً. ومع النظر إلى تاريخ الليرة السورية، نجد أن هذه الفقاعات لم تصمد طويلًا، إذ سرعان ما تتلاشى المكاسب وتعود الأسعار للارتفاع مجددًا. فهل ما نشهده اليوم هو تحسن حقيقي أم مجرد فقاعة أخرى تنتظر الانفجار؟


آراء الخبراء: تعافٍ حقيقي أم فقاعة مؤقتة؟

يرى بعض المحللين أن التحسن الحالي في قيمة الليرة قد يكون مؤقتًا، ناتجًا عن العوامل النفسية والتفاؤل الشعبي بعد التغيير السياسي. ويحذرون من أن غياب الأسس الاقتصادية القوية قد يؤدي إلى تراجع العملة مرة أخرى.

ذو صلة

من جهة أخرى، يعتقد آخرون أن هذا التحسن قد يكون بداية لتعافٍ اقتصادي حقيقي، خاصة إذا تمكنت الحكومة الجديدة من تنفيذ إصلاحات اقتصادية جذرية، وجذب الاستثمارات، وإعادة بناء البنية التحتية، فهل ستكون سوريا مركزًا تكنولوجيًّا وصناعيًا متقدمًا؟

في ىالنهاية، بينما يُعد ارتفاع قيمة الليرة السورية بعد الثورة مؤشرًا إيجابيًا، إلا أن استدامة هذا التحسن تعتمد على قدرة البلاد على مواجهة التحديات الاقتصادية العميقة وتنفيذ إصلاحات هيكلية تدعم النمو والاستقرار.

ذو صلة