ذكاء اصطناعي

افتح البيانات يا سمسم! ماسك يدعو الهاكرز للعب ببيانات الأمريكيين

افتح البيانات يا سمسم! ماسك يدعو الهاكرز للعب ببيانات الأمريكيين
فريق العمل
فريق العمل

4 د

اتجاه جديد لإيلون ماسك يثير جدلاً واسعاً عبر مشروع "الميغا API".

تهدف المبادرة لإتاحة بيانات شخصية لملايين الأمريكيين في منصة موحدة.

عبّر الخبراء عن مخاوف كبيرة من مخاطر أمنية وخصائص خصوصية حرجة.

تثير مشاركة شركة Palantir في المشروع قلقًا من حيث الحيادية والخصوصية.

تزداد الأسئلة والاستفسارات حول المشروع قبل أن يصبح مشروعًا واقعياً ممكنًا.

في خطوة بدت جريئة ومثيرة للجدل بشكل لم يسبق له مثيل، اتجهت جهة مرتبطة برجل الأعمال الشهير إيلون ماسك لتنفيذ مشروع استثنائي أثار ضجة عارمة على المستوى الأمريكي. المشروع، وبحسب ما ورد، يهدف إلى تنظيم ما يسمى "هاكاثون"، وهو تحدٍ تقني يجمع خبراء ومبرمجين لتطوير منصة موحدة ضخمة تتيح الوصول لبيانات ملايين المواطنين الأمريكيين من دافعي الضرائب، من خلال إنشاء واجهة برمجية واحدة شاملة تسمى "الميغا API".


ماذا يعني هذا فعلاً؟

ببساطة، تخيل أن جميع معلوماتك الشخصية – مثل اسمك وعنوان منزلك ورقم الضمان الاجتماعي وتفاصيل دخلك وملفاتك الضريبية – أصبحت متاحة في مكان واحد، وبإمكانية وصول مباشرة عبر منصة إلكترونية واحدة. ورغم النوايا التي يُعلن عنها أصحاب المشروع حول التطوير والكفاءة، فإن خبراء أمن المعلومات والخصوصية في الولايات المتحدة عبروا عن قلق كبير من مخاطر شديدة قد ترافق هذه الخطوة.


لماذا كل هذا الجدل؟

تعود جذور المشكلة بشكل جزئي إلى طبيعة نظام إدارة البيانات الحالي في مصلحة الضرائب الأمريكية (IRS). فعلى مر السنوات، وكنوع من الحفاظ على درجات عالية من الأمن، احتفظت الوكالة بأنظمتها المالية والضريبية منفصلة ومعزولة عن بعضها بعضاً، وكل نظام من أنظمتها محمي وغير متصل بالنظام الآخر.

الخطوة الجديدة تعني التخلص تماماً من هذا الانفصال المتعمد، وتوحيد الأنظمة في "واجهة كبرى" على الإنترنت، تسمح للمخولين من داخل أو خارج الإدارة بالاطلاع والوصول لإجمالي بيانات المواطنين من مدخل واحد فقط. العديد من الموظفين في مصلحة الضرائب أعربوا عن تحفظهم، واصفين الخطة بـ"الجنونية" و "غير المسؤولة"، خصوصاً مع فترة زمنية قدرها 30 يوماً فقط لتنفيذ المشروع، وهو ما يرونه هدفاً غير واقعي ولا أساس له على أرض الواقع.


ارتباطات مثيرة للشكوك

ما زاد الطين بلة هو الإعلان عن أن المبادرة تتم بإشراف هيئة تُطلق على نفسها "DOGE" (إدارة الكفاءة الحكومية)، وهي جهة غير رسمية يرأسها، حسب التقارير، الملياردير إيلون ماسك. ومن بين الشخصيات المرتبطة بهذه الهيئة يظهر اسم سام كوركوس شخصية مقربة من ماسك ومرتبط أنشطته بشركة SpaceX، بالإضافة إلى غافين كليغر من شركة Databricks سابقاً، والذين يشرحون أن الهدف هو تحديث المنصات القديمة التي لا تزال تعتمد لغة برمجة قديمة تسمى COBOL، ودمجها في بنية تحتية حديثة تعيش في السحابة الإلكترونية بسهولة ومرونة.

بالإضافة إلى ذلك، تحدثت تقارير عن اقتراح بالتعاقد مع جهات خاصة من بينها شركة بالانتير Palantir التي أسسها بيتر تيل، الصديق والمقرب من ماسك، وهي شركة توفر خدمات تحليل البيانات الحساسة لصالح الحكومة الأمريكية في العديد من الإدارات. مشاركة Palantir، رغم امتلاكها لترخيص أمان فيدرالي عالٍ، تثير مخاوف الكثيرين من ناحية الحيادية وحماية الخصوصية.


مخاطر وأصوات تعارض المشروع

إيفان جرير، مديرة المنظمة الحقوقية الرقمية "Fight for the Future"، عبرت عن هواجسها بالقول إنه:


"من الصعب أن نجد بيانات أكثر حساسية من هذه البيانات التي ستمتلك المنصة الجديدة قدرة الوصول إليها"

وأضافت أن أي خلل أو تسريب قد يؤدي إلى نتائج كارثية وغير متوقعة فيما يتعلق بأمان الأمريكيين وحماية هويتهم وخصوصياتهم.

ومع تزامن المبادرة مع قيام DOGE مؤخراً بتعليق عدد من كبار المهندسين وخبراء الأمن المعلوماتي بمصلحة الضرائب مؤقتاً، فإن المخاوف تتزايد من ضعف رقابة المؤسسات الرسمية وزيادة فرص الاختراق أو الاستغلال السيئ للبيانات.


جدل في دوائر صنع القرار

المشروع مثير للجدل إلى درجة يصعب معها تخيل قبوله بهدوء من الجهات الرسمية أو الكونغرس دون نقاش مطول. حالياً، تتحدث وزارة الخزانة عن الحدث بأنه مجرد لقاء استراتيجي لتحسين كفاءة الأنظمة الضريبية وتحديثها لخدمة أفضل للمواطن الأمريكي. وبين الصورة المتفائلة التي تروجها الخزانة العامة، وردود الأفعال القلقة داخل الوكالة وخارجها، تزداد الأسئلة والنقاشات حول مشروعية وواقعية التنفيذ.


بين وعود التطوير ومخاطر الاختراق

ذو صلة

في نهاية المطاف، هذه المبادرة الكبيرة ليست مجرد مسألة تقنية بحتة، بل تلامس قلب السياسات العامة والحريات الشخصية. فهل سينجح إيلون ماسك وأصدقاؤه في تحقيق تحديث سريع وجريء لأنظمة مصلحة الضرائب الأمريكية؟ أم أن استعجالهم سيؤدي إلى إحداث فوضى رقمية غير محسوبة العواقب، تفتح الباب أمام تسريبات أو استغلال معلومات حساسة للمواطنين؟

مع بدء العد التنازلي لهذه المغامرة الرقمية، تبدو دعوة ماسك لـ"الهاكرز" من جميع أنحاء العالم إلى العبث – رسمياً – ببيانات الأمريكيين بمثابة فتح صندوق باندورا من المخاطر والأسئلة والإشكاليات، التي لا تزال بلا إجابات واضحة أو تطمينات كافية. الأيام القادمة ستحمل لنا بدون شك إجابات أوضح حول تداعيات هذه الخطوة الجريئة، وما إذا كان بوسع ماسك فعلاً أن يتحكم بنجاح في هذه اللعبة الخطيرة أم أنها ستتحول سريعاً إلى أزمة تقض مضاجع المواطنين الأمريكيين جميعاً.

ذو صلة