اكتشاف تاريخي.. العثور على السمكة “الديناصورية” النادرة التي اُعتقد انقراضها منذ ملايين السنين

3 د
عثر غواصون على سمكة "السيلاكانث" النادرة في المياه الإندونيسية بمفاجأة علمية مذهلة.
ظن العلماء أن هذه السمكة انقرضت منذ 70 مليون عام قبل اكتشافها الحالي.
اكتُشفت السمكة على عمق 145 مترًا، مما أثار اهتمام المجتمع العلمي.
يأكد الاكتشاف أهمية الحفاظ على التنوع البيئي في المياه الإندونيسية.
يستهدف العلماء استخدام تقنيات جديدة تقريباً لدراسة السمكة دون إيذائها.
في حدث مثير وغريب، عثر فريقٌ من الغواصين والمستكشفين في المياه الإندونيسية على نوع نادر من الأسماك ظن العلماء أنه اختفى وانقرض منذ حوالي 70 مليون عام. وتأتي هذه المفاجأة في إطار بعثة علمية مدعومة من شركة الساعات السويسرية الراقية "بلانبان"، وأثارت حماساً استثنائياً في الأوساط العلمية العالمية.
ما قصة سمكة "السيلاكانث" التي أذهلت العلماء؟
ربما سمعتم عن مصطلح "حفرية حية"، وهو وصف يُطلَق على كائنات بحرية لم تتغير أشكالها وجيناتها عبر ملايين السنين وبقيت تعيش بشكلٍ منفصل عن التطورات البيولوجية المعتادة. ومن بين أشهر هذه الحيوانات البحرية النادرة سمكة تُدعى "السيلاكانث" (Coelacanth)، والتي لطالما شغلت العلماء وأثارت حيرة الباحثين بسبب ظهورها المفاجئ بعد اعتقاد العلماء أنها انقرضت منذ ملايين السنين.
والسيلاكانث تُعرف بلقب "السمكة الديناصورية"، إلا أن الحقيقة هي أنها عاشت قبل عصر الديناصورات نفسها، وما تزال محتفظة بالعديد من خصائصها وصفاتها التي يمكن العثور عليها بوضوح في المستحاثات القديمة التي يتجاوز عمرها 400 مليون سنة!
الاكتشاف المُذهل في الأرخبيل الإندونيسي
رَصَدَ هذه السمكة التاريخية للمرة الأولى في الأرخبيل الإندونيسي، المستكشف والغواص المحترف أليكسيس شابوي، من منظمة UNSEEN Expeditions، الذي تمكن من تصويرها وتوثيق مشاهد حية لها على عمق حوالي 145 متراً تحت الماء. وتعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها تصوير هذه السمكة من النوع الإندونيسي المعروف علمياً باسم "لاتيميريا مينادوينسيس" (Latimeria menadoensis)، في بيئتها الطبيعية، وسجل هذا البحث في مجلة Nature العلمية.
وأمام كل هذه المصاعب الفنية والخطورة العالية للغوص في هذه الأعماق السحيقة باستخدام تقنيات خاصة وأجهزة غوص توظف خليطاً من الغازات الضرورية للتنفس، قضى الفريق بضع دقائق مع هذه السمكة التاريخية، قبل أن تبدأ رحلة الصعود الطويلة إلى سطح الماء، وسط إجراءات صارمة من الغوص العميق والاحتياطات لمنع أي مخاطر محتملة على فريق الغوص.
لماذا يُعد عثور العلماء على هذه السمكة إنجازاً استثنائياً؟
أثارت هذه السمكة اهتمام العلماء خاصة بعد الاكتشاف الأول المفاجئ عام 1938 قبالة سواحل جنوب أفريقيا حين وقع صيادون على عينة حيّة منها، ما جعل هذه اللحظة التاريخية واحداً من أعظم اكتشافات القرن العشرين في التاريخ الطبيعي، وقد قلب كل معتقدات العلماء حول انقراضها.
الحقيقة التي تكشفها أبحاث اليوم أن هذا النوع المحدد المكتشف في الأرخبيل الإندونيسي لا يزال يعيش، بل ربما ينتشر بصورة أوسع مما كان يُعتقد سابقاً. إلا أن العلماء ومبادرة الحفاظ على الطبيعة يحذرون من أن حالتها لا تزال مهددة بالانقراض بدرجة عالية بسبب حساسية بيئتها وصعوبة استكشاف توزّعها بدقة.
أمل جديد للحفاظ على التنوع البحري وجهود الحماية البيئية
الاكتشاف يؤكد على الأهمية الكبيرة للمياه الإندونيسية، التي تعد من أبرز المناطق العالمية فيما يتعلق بتنوّع الحياة البحرية. ويشدد شابوي، صاحب هذا الاكتشاف، أن المنطقة توفر بيئات مناسبة للنوع النادر "السيلاكانث"، وأيضاً للكثير من الأنواع البحرية الهشّة والحساسة. ويأمل أن يدفع ذلك السلطات المحلية والدولية إلى تعزيز إجراءات الحماية لهذه المناطق، خاصة في الطبقات البحرية العميقة التي يعرف عنها ندرة المعلومات وصعوبة الوصول إليها.
وفي المستقبل، يأمل العلماء استخدام وسائل وأساليب جديدة غير ضارة لدراسة هذه الأسماك بشكل أوسع وأكثر دقة، كأخذ عينات للحمض النووي DNA في بيئتها الطبيعية دون الحاجة إلى اصطيادها أو إيذائها، ما سيفتح باباً لمزيد من المعرفة حول توزعها وأفضل الطرق لضمان حمايتها من الانقراض.
لقد أثبت لنا هذا الاكتشاف التاريخي من جديد كم نجهل أعماق بحارنا ومحيطاتنا، وأن الدقيقة الواحدة في مياه المحيطات السحيقة يمكن أن تغيّر تمامًا فهمنا للتاريخ البيولوجي، وتذكّرنا بأهمية الحفاظ على محيطاتنا وكائناتها النادرة التي تعيش بيننا منذ ملايين السنين في سلامٍ بعيداً عن الأنظار.