ذكاء اصطناعي

القرش ليس مخيف كما تعتقد!.. قد يكون الكائن البحري “الأكثر جُبنًا”

mariam
mariam

3 د

أظهرت الدراسة أن أسماك قرش الشعاب المرجانية غالبًا ما تتراجع عند رؤية قرش مفترس، حتى بوجود طُعم مغرٍ.

تصرف القروش يعكس غريزة بقاء ذكية، حيث تقيّم المخاطر قبل اتخاذ أي خطوة.

التجربة اعتمدت على استخدام مجسم بلاستيكي لقرش مفترس لمراقبة تفاعل القروش في بيئتها الطبيعية.

النتائج تناقض الصورة الشائعة التي ترسم القروش ككائنات شرسة تهاجم بلا تردد.

فهم هذا السلوك الحذر يمكن أن يسهم في تعزيز جهود حماية القروش وتصحيح المفاهيم الخاطئة عنها.

.

عندما نسمع كلمة "قرش"، غالبًا ما تتبادر إلى أذهاننا صورة مفترس لا يعرف الخوف، يسبح بثقة في أعماق المحيطات ولا يتراجع عن فريسة. لكن، ماذا لو كانت هذه الصورة أبعد ما تكون عن الحقيقة؟ دراسة علمية حديثة، أُجريت في أستراليا، تقدم رواية مغايرة تمامًا، تكشف جانبًا غير متوقع من شخصية هذه الكائنات المثيرة للجدل: الخوف.


المفاجأة التي كشفتها التجربة

باحثون من جامعة Macquarie وجامعة Griffith قرروا التحقق من مدى شجاعة أسماك القرش الرمادية (grey reef sharks) التي تعيش في الشعاب المرجانية حول جزر المرجان الشمالية الشرقية في أستراليا. استخدم الفريق طُعمًا مزودًا بكاميرات تحت الماء لرصد تفاعل القروش مع مصدر الطعام في ظل وجود مفاجئ لنموذج بلاستيكي لقرش آخر أكبر حجمًا.

ما حدث كان مفاجئًا: معظم أسماك القرش لم تقترب من الطُعم مطلقًا، في حين أن القلة التي اقتربت تراجعت سريعًا عند رؤيتها لنموذج القرش المفترس. أما القروش التي أصرت على الاقتراب، فقد أظهرت حذرًا شديدًا وتصرفت كما لو كانت تزن خطواتها بدقة قبل أخذ أي لقمة.


الخوف كآلية بقاء

يقول الدكتور برايان كاتينغ، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، إن هذه الاستجابة لا تُظهر جبنًا بقدر ما تكشف عن "حس بقاء متقدم". فالقرش، على عكس ما يُصوّر في الأفلام، لا يندفع بشكل أعمى نحو الطعام، بل يقيم المخاطر قبل أن يتحرك. ويضيف أن القروش، مثلها مثل العديد من الكائنات، تدرك أنها قد تكون مفترسة في لحظة، وفريسة في اللحظة التالية.

من الملفت أن هذا السلوك ينطبق حتى في البيئات التي قد تكون القروش فيها هي المفترس الأعلى، وهو ما يفتح الباب لفهم جديد للديناميكيات التي تحكم سلوكها.


ضد الصورة النمطية

لطالما لعبت وسائل الإعلام، من أفلام هوليوود إلى الوثائقيات، دورًا كبيرًا في ترسيخ فكرة "القرش القاتل"، الكائن الذي يهاجم دون تفكير ويثير الرعب على الشواطئ. لكن هذه الدراسة تشكل دليلًا علميًا على أن القروش ليست مجرد آلات قتل، بل كائنات ذكية تتخذ قراراتها استنادًا إلى تقييم المخاطر – تمامًا كما نفعل نحن.

وهذا لا يعني أنها لا تهاجم أو لا تشكل خطرًا، لكن الفكرة هي أنها لا تفعل ذلك بشكل عشوائي أو عدواني دائم.


لماذا يهمنا هذا الآن؟

في عالم تتسارع فيه وتيرة فقدان التنوع البيولوجي، تتعرض أسماك القرش لمخاطر جسيمة نتيجة الصيد الجائر وسوء الفهم العام حولها. من خلال فهم سلوكها بشكل أدق، قد نتمكن من تحسين طرق حمايتها. فكلما رأينا القروش ككائنات حذرة ومعقدة، بدلًا من كائنات متوحشة، أصبح من الأسهل بناء سياسات تحافظ على وجودها في النظم البيئية البحرية.


القروش خائفة؟ نعم، وهذا ليس عيبًا

ذو صلة

ربما آن الأوان لإعادة التفكير في الطريقة التي نراها بها. فالخوف ليس ضعفًا، بل أداة بقاء. وإذا كانت القروش تعتمد عليه لتفادي التهلكة، فربما يجب علينا أن نتعلم منها. فحتى أكثر الكائنات هيبة في المحيط تعرف متى تتراجع، ومتى تقترب بحذر.

وفي النهاية، يبدو أن القروش، مثلنا تمامًا، ليست مجرد ضحية لصورتها النمطية، بل كائنات ذات وعي مدهش، تعرف جيدًا أن الحياة في البحر، كما في البر، معركة بقاء لا تحتاج دائمًا إلى هجوم… بل إلى حذر.

ذو صلة