ذكاء اصطناعي

القمر يستعد لاستقبال شبكة 4G… هل نحن أمام أول خطوة لتحويله إلى مستعمرة بشرية؟

فريق العمل
فريق العمل

4 د

تستعد "نوكيا" و"ناسا" لإطلاق أول شبكة 4G على القمر لدعم الاتصالات الفضائية.

سيتم نشر الشبكة على متن مركبة "أثينا" التابعة لشركة "إنتويتيف ماشينز"، وستهبط قرب فوهة "شاكلتون".

ستربط الشبكة عدة مركبات قمرية، ما يحسن التنقل، والتنسيق، وجمع البيانات في الزمن الحقيقي.

سيمهد نجاح هذه التقنية الطريق لمهمات استكشاف مستدامة على القمر والمريخ، مع تأثيرات محتملة على شبكات الاتصالات الأرضية.

لأول مرة في التاريخ، يستعد القمر لاستقبال شبكة اتصالات خلوية من الجيل الرابع (4G)، في خطوة تعدُّ ثورة في مجال الاتصالات الفضائية. هذا المشروع الطموح، الذي تطوره مختبرات "Nokia Bell Labs" بالتعاون مع وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، يهدف إلى توفير اتصال سريع ومستقر لدعم المهام الروبوتية والبشرية المستقبلية على سطح القمر، مما يمهد الطريق لاستكشاف مستدام للقمر والتمهيد لبعثات مستقبلية نحو كوكب المريخ.


انطلاق الشبكة عبر مركبة Athena

من المقرر إطلاق شبكة 4G في الأسابيع المقبلة على متن المركبة القمرية "أثينا" التابعة لشركة "إنتويتيف ماشينز"، حيث ستسهم بشكل جوهري في تحسين الاتصالات بين المركبات المستكشفة والروبوتات على سطح القمر. وستسمح هذه الشبكة بنقل البيانات والصور والفيديوهات بسرعة فائقة، ما سيعزز جمع البيانات العلمية والتحكم في الروبوتات عن بُعد. كما تعد هذه الخطوة حاسمة في إطار استعدادات "ناسا" لإرسال أول بعثة بشرية مأهولة إلى القمر منذ أكثر من 50 عامًا، ضمن برنامج "أرتميس".


ثورة في الاتصال القمري

وفقًا لموقع "IFLScience"، سيتم نشر شبكة 4G كجزء من ثاني مهمة قمرية لشركة "إنتويتيف ماشينز"، حيث ستهبط مركبة "أثينا" بالقرب من فوهة "شاكلتون"، وهي منطقة تتمتع بضوء شمسي دائم وتُعتقد أنها تحتوي على رواسب جليدية، ما يجعلها موقعًا استراتيجيًا لبعثات الاستكشاف المستقبلية.

شبكة الاتصالات القمرية، التي طورتها "نوكيا بيل لابس"، ستعمل كنظام مستقل عالي الكفاءة، وستكون قادرة على ربط عدة مركبات قمرية، بما في ذلك:

  • مركبة "نوفا-سي": المحور الرئيسي لإدارة العمليات على سطح القمر.
  • المركبة الجوالة "MAPP": مصممة للبحث عن الموارد القمرية.
  • المركبة "مايكرو-نوفا هوبر": قادرة على القفز لمسافات قصيرة لاستكشاف مناطق وعرة على سطح القمر.

ستسمح هذه الشبكة للمركبات بالتواصل فيما بينها وإرسال البيانات إلى الأرض في الوقت الفعلي، ما يحسن من الملاحة والتنسيق وجمع البيانات لبعثات الاستكشاف المستقبلية.


تحديات البيئة القمرية

يُعد تشغيل شبكة 4G على سطح القمر تحديًا هندسيًا هائلًا، نظرًا للظروف البيئية القاسية التي يتميز بها القمر. إذ تتفاوت درجات الحرارة بين 121 درجة مئوية خلال النهار و-133 درجة مئوية أثناء الليل، بينما تنخفض في الفوهات المظللة بشكل دائم إلى -246 درجة مئوية.

إضافة إلى ذلك، تغطي سطح القمر طبقة من الغبار الحاد والحادِّ الحواف، الذي قد يتسبب في تلف المعدات. ولهذا، تم تصميم شبكة LSCS بمواد وتقنيات تضمن تحمل الإجهاد الميكانيكي الشديد، بدءًا من الإطلاق والهبوط وحتى العمليات طويلة المدى على السطح القمري.

ورغم هذه التحديات، تم تصميم نظام LSCS ليكون عالي الكفاءة في استهلاك الطاقة وقادرًا على العمل بشكل مستدام لدعم الاتصالات القمرية على المدى البعيد.


لماذا تُعد شبكة 4G على القمر إنجازًا استثنائيًا؟

يمثل هذا المشروع أكثر من مجرد تحسين في الاتصالات، إذ يُعد خطوة جوهرية نحو عصر جديد في استكشاف الفضاء. فإمكانية نقل البيانات في الزمن الحقيقي ستُحدث تحولًا كبيرًا في عمليات الاستكشاف الروبوتي، والبحوث العلمية، وربما في إقامة مستوطنات بشرية دائمة على القمر في المستقبل.

وعن هذه الخطوة، يقول تييري إي. كلاين، رئيس قسم أبحاث حلول "بيل لابس" في "نوكيا":


"نحن نسعى لإثبات أن التقنيات الخلوية قادرة على توفير اتصال موثوق وعالي الكفاءة للبعثات البشرية والروبوتية المستقبلية، سواء على القمر أو المريخ في المستقبل."

ولا تقتصر تأثيرات هذا التطور على القمر فحسب، إذ يُتوقع أن تؤدي الابتكارات التي تنتج عن تطوير هذه الشبكة إلى تحسينات في شبكات 4G و5G الأرضية، ما سيجعل أنظمة الاتصالات أكثر قوة وكفاءة وموثوقية على مستوى العالم.


التحضير لعصر جديد من الاستكشاف القمري

مع تزايد الاهتمام بإقامة وجود بشري دائم على القمر، سيكون من الضروري تطوير بنية تحتية للاتصالات تُضاهي في أهميتها توفر الوقود والأكسجين. وستكون شبكة 4G حجر الأساس في إنشاء القواعد القمرية المستقبلية، حيث ستدعم الاتصالات المباشرة بين رواد الفضاء، وتساعد في تشغيل الروبوتات، وتُحسن عمليات البحث العلمي.

ذو صلة

كما تمثل هذه المهمة قفزة نوعية في مجال الاستكشاف الفضائي التجاري، حيث تسعى "إنتويتيف ماشينز"، التي أصبحت أول شركة خاصة تنجح في الهبوط على سطح القمر، إلى تعزيز مكانتها من خلال تحقيق هبوط أكثر دقة وكفاءة في هذه المهمة الجديدة.

ومع اقتراب البشرية من مرحلة استكشاف مستدام للقمر ووضع خطط لبعثات مأهولة إلى المريخ، فإن نجاح شبكة 4G القمرية سيمهد الطريق لعصر جديد من الاتصالات الفضائية، ما يؤكد أن البقاء على اتصال في الفضاء لم يعد رفاهية، بل أصبح ضرورة لا غنى عنها.

ذو صلة