علماء يُطلقون تحذيرًا بعد اكتشاف مقلق: البلاستيك يغزو أدمغة البشر!

3 د
أظهرت دراسة جامعة نيو مكسيكو زيادة بنسبة 50% في الميكروبلاستيك بالدماغ.
ترتبط جزيئات البلاستيك بتدهور الوظائف الإدراكية واضطرابات صحية مزعجة.
يدرس العلماء دور الميكروبلاستيك في أمراض مثل الخرف لتحسين الفهم الطبي.
جهود عالمية للحد من البلاستيك تشمل قوانين وتقنيات تنقية مبتكرة.
تشجع الدراسة على استبدال البلاستيك بأدوات قابلة لإعادة الاستخدام لحماية الصحة.
ربما تكون معتادًا على سماع أخبار التلوث البلاستيكي وكيفية تأثيره السلبي على بيئتنا والبحار والمحيطات، ولكن هذه المرة الموضوع أقرب مما تتصور، بل أقرب إليك من أي وقت مضى؛ إنه في داخل عقولنا وأجسامنا!
دراسة صادمة تُظهر الحقائق المرعبة
في دراسة حديثة كشفت عنها جامعة نيو مكسيكو الأمريكية، تبين أن معدل تواجد الجزيئات البلاستيكية الصغيرة، أو ما نطلق عليه "الميكروبلاستيك"، في الدماغ البشري ازداد بنسبة مذهلة تبلغ ما يقرب من 50% مقارنة بعينات تم أخذها قبل ثماني سنوات فقط. يبدو الرقم مزعجًا فعلًا؛ إذ توضح النتائج أن الدماغ البشري العادي قد يحتوي حاليًا على ما يصل إلى سبعة غرامات من الميكروبلاستيك، وهي كمية تعادل تقريبًا وزن ملعقة بلاستيكية تُستخدم لمرة واحدة، أو خمسة أغطية من العبوات البلاستيكية.
هل يؤثر وجود البلاستيك في الدماغ على صحتنا؟
إذا قرأت الرقم وشعرت بالقلق، فهذا ما حدث أيضًا لفريق الباحثين بقيادة الدكتور ماثيو كامبن، الذي أكد لصحيفة "نيويورك تايمز" أن ”نسبة هذه المواد البلاستيكية في حياتنا ترتفع بشكل حاد ومتسارع بشكل مثير للقلق“.
ولكن السؤال الذي يشغل العلماء حاليًا: ماذا يعني هذا الأمر بالنسبة لصحتنا على المدى الطويل؟ على الرغم من عدم وجود نتائج نهائية حتى الآن حول كمية البلاستيك التي يمكن أن تتحملها أجسامنا بأمان، إلا أن العديد من الدراسات تشير بالفعل إلى علاقة بين تراكم تلك الجزيئات البلاستيكية وبين مخاطر صحية خطيرة قد تشمل فقدان الذاكرة وتدهور الوظائف الإدراكية، وتعطل جهاز المناعة، وحدوث مشكلات هرمونية، وصعوبات في الإنجاب، وحتى اضطرابات التنمية السلوكية عند الأطفال.
علاقة مقلقة بأمراض مثل الخرف
والأمر الأكثر إثارة للقلق أنه تم العثور على كميات أكبر من الميكروبلاستيك داخل أدمغة أشخاص عانوا من مرض الخرف. ويُعلل الباحثون ذلك بأن الدماغ لدى هؤلاء المرضى يكون ذا قابلية أكبر لاختراق السموم والجزيئات الدقيقة بسبب تضرر ما يُعرف بـ "الحاجز الدموي الدماغي"، وهي طبقة من الخلايا تحمي الدماغ عادة من دخول المواد الضارة التي تتواجد في مجرى الدم.
تلوث شامل من حولنا
حتى وقت قريب لم نكن نفكر سوى في البلاستيك الذي يلوّث الشواطئ والمحيطات، لكن هذه الدراسة تؤكد أن التهديد أوسع بكثير. لقد وجد العلماء بقايا الميكروبلاستيك في دم الإنسان، وفي المشيمة لدى نساء حوامل، وحتى في عينات براز الأطفال الرضع حديثي الولادة. وهذه الجزيئات الملوثة لا تؤثر فقط في الإنسان، بل تنتشر في تربتنا ومياهنا وتهدد أنظمة الغذاء والحيوانات البرية أيضًا.
ما الحل إذن؟
رغم أن ما اكتشفه العلماء حتى الآن مخيف ومزعج، إلا أنه لا يزال باستطاعتنا القيام بالكثير للتقليل من هذه المخاطر. هناك توجه عالمي واضح للحد من استخدام البلاستيك، ففي الأشهر الماضية، فرضت دول مثل فرنسا وبريطانيا والهند قوانين صارمة للحد من البلاستيك أحادي الاستعمال. كما اتبعت عدة مدن مثل نيويورك ولوس أنجلوس تدابير صارمة للحد من استخدام البلاستيك في الحياة اليومية.
كما يعمل علماء وباحثون حاليًا على تطوير تقنيات وأدوات مبتكرة للحد من تسرب البلاستيك ولتنقية المياه والتربة منه. وعلى المستوى الفردي، بإمكانك الشخصية أيضًا المساهمة في تقليل المشكلة من خلال استبدال الزجاجات البلاستيكية بأخرى قابلة لإعادة الاستخدام، وعدم وضع الطعام الساخن داخل الأواني البلاستيكية، واستخدام أكياس غسيل خاصة تلتقط الجزئيات البلاستيكية الصغيرة التي تخرج عادة من الملابس.
رحلة البحث عن حقائق أوضح مستمرة
الدكتور كامبن وفريقه حاليًا يسيرون خطوةً إضافيةً في أبحاثهم: فهم يدرسون عينات مختلفة من أجزاء الدماغ لتحديد إذا ما كانت بعض المناطق تحتوي على تراكيز أعلى من الميكروبلاستيك عن غيرها، ويحاولون معرفة ما إذا كان هذا مرتبطًا بالإصابة بأمراض عصبية مثل مرض باركنسون أو مشكلات الذاكرة.
وحتى تتوافر تلك المعلومات، يظل من الحكمة أن نقلل مشاركتنا في نشر التلوث البلاستيكي، حفاظًا ليس فقط على كوكبنا، بل على أجسامنا وصحتنا أيضًا.