ذكاء اصطناعي

فقاعة الذكاء الاصطناعي: هل تقود وادي السيليكون إلى الانهيار؟

فريق العمل
فريق العمل

4 د

تخسر OpenAI حالياً دولارين مقابل كل دولار تحققه، وتواجه توقعات بخسائر سنوية تصل إلى 14 مليار دولار.

يشكل نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني DeepSeek R1 تهديداً وجودياً للنماذج التجارية مثل GPT-4، لتكلفته الزهيدة وكونه مفتوح المصدر.

شركات التكنولوجيا العملاقة تستثمر تريليونات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، ما يضع عبئاً هائلاً على قطاعي الطاقة والتمويل.

تشكيك واسع في القدرة الاقتصادية للذكاء الاصطناعي التوليدي على تحقيق عائدات تبرر هذه الاستثمارات الضخمة.

في لحظة إعلان تاريخية، وقف سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، إلى جانب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب ليكشف عن مشروع "ستارغيت"، وهو مجمّع حوسبي عملاق بتكلفة 500 مليار دولار في سهول تكساس، مصمم لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

بدا المشروع أشبه بإعلان بدء عصر جديد، لكن خلف الأضواء والوعود التكنولوجية، تتصاعد مؤشرات انفجار وشيك لـ"فقاعة الذكاء الاصطناعي"، تهدد ليس فقط شركة OpenAI وإنما اقتصاد وادي السيليكون بأكمله.


جذور الفقاعة

مشروع ستارغيت جاء في توقيت مفصلي، لكن لم يكن وحده تحت الأضواء. ففي الجهة المقابلة من العالم، أطلقت شركة صينية تدعى High-Flyer نموذجاً مفتوح المصدر يُدعى DeepSeek R1، يتمتع بقدرات منافسة لنماذج OpenAI وبتكلفة تدريب لا تتجاوز 6 ملايين دولار، ما يشكل تهديداً وجودياً لنموذج عمل OpenAI القائم على بيع اشتراكات باهظة الثمن.

وبينما ضخت صناديق رأس المال المغامر نحو 200 مليار دولار في قطاع الذكاء الاصطناعي خلال عقد من الزمن، تتفاقم المخاوف من أن هذه الاستثمارات لم تكن مبنية على أسس اقتصادية متينة، بل على وعود غير محققة تروّج لها آلة الدعاية التكنولوجية في وادي السيليكون.


انفجار التكاليف

تشير وثائق مالية اطلعت عليها صحيفة "ذا إنفورميشن" إلى أن OpenAI، رغم تحقيقها إيرادات سنوية تُقدر بـ3.7 مليار دولار، تخسر مقابل كل دولار تربحه دولارين، ويتوقع أن تصل خسائرها إلى 14 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2026. السبب الرئيسي: التكاليف الهائلة لتشغيل وتدريب النماذج، والتي تشمل 4 مليارات دولار للحوسبة السحابية، و3 مليارات لتدريب النماذج الجديدة، و1.5 مليار للرواتب.

على الرغم من النجاح الجماهيري لتطبيق ChatGPT، والذي يستقطب 250 مليون مستخدم أسبوعياً و11 مليون مشترك مدفوع، فإن OpenAI تسير في مسار مالي غير مستدام، ويبدو أن نموذج DeepSeek R1، الذي يقدّم أداءً مشابهاً مجاناً، يضع نهاية محتملة لأفضلية OpenAI التقنية.


الرهان الجماعي على الذكاء الاصطناعي

ليس OpenAI وحدها من يواجه التحديات. تشير تقديرات غولدمان ساكس إلى أن عمالقة التكنولوجيا مثل مايكروسوفت وأمازون وألفابت يستعدون لإنفاق أكثر من تريليون دولار خلال خمس سنوات على وحدات معالجة الرسوميات (GPUs) ومراكز بيانات ضخمة. بل إن صناعة الطاقة نفسها تسير نحو استثمارات غير مسبوقة لمواكبة الطلب المتزايد.

تقرير حديث من شركة ماكنزي يتوقع أن تستهلك مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي ما يصل إلى 12% من إجمالي الكهرباء في الولايات المتحدة بحلول عام 2030، مما يتطلب استثمارات إضافية بقيمة 500 مليار دولار من شركات الطاقة.


أسئلة صعبة حول العائد الاقتصادي

تتزايد الشكوك في جدوى هذه الاستثمارات الهائلة. يشير جيم كوفيلو، رئيس قسم البحوث في غولدمان ساكس، إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي لا يقدم حلولاً أرخص للمشاكل المعقدة، كما أن تكاليف الطاقة والشرائح لن تنخفض قريباً.

حتى على مستوى الإنتاجية، أظهرت دراسة من "Uplevel Data Labs" على 800 مهندس برمجيات أن استخدام أدوات مثل GitHub Copilot لم يحسن الإنتاجية، بل زاد من الخطوات المطلوبة وأدخل أخطاء تتطلب تدقيقاً إضافياً. باختصار، الوعود لا تقابلها نتائج واقعية.


الخطر الحقيقي: زوال الهيمنة التقنية

يرى خبراء مثل غاري ماركوس أن نموذج DeepSeek R1 أزاح الستار عن ضعف نموذج OpenAI، فهو قدم تقنيات التفكير المتقدم نفسها مجاناً، ما يدفع Altman إلى خفض أسعار الاشتراكات مرتين بالفعل. ورغم طموحاتها بتحقيق 100 مليار دولار سنوياً، تبدو هذه الأرقام غير واقعية دون معجزة تقنية.


وادي السيليكون في مهب الانفجار

الشركات السبع الكبرى (Microsoft، Apple، Nvidia، Alphabet، Amazon، Meta، Tesla) تمثل الآن نحو 29% من قيمة مؤشر S&P 500. أي هزة في قطاع الذكاء الاصطناعي كفيلة بهز السوق بأكمله. بل إن انخفاضاً واحداً في سهم Nvidia عقب إعلان DeepSeek R1 أدى لخسارة 600 مليار دولار في يوم واحد.

المعضلة الأكبر أن هذه الفقاعة تقف على افتراضات: أن الطلب على وحدات المعالجة سيواصل الصعود، وأن الذكاء الاصطناعي سيُحدث ثورة في جميع القطاعات، وأن العوائد ستغطي التكاليف. لكن مع كل يوم، تتهاوى هذه الافتراضات.

ذو صلة

ختامًا، تشير جميع المؤشرات إلى أن وادي السيليكون يسير نحو أزمة شبيهة بانفجار فقاعة الإنترنت في 2000 أو أزمة الرهن العقاري في 2008. وإذا ما انفجرت فقاعة الذكاء الاصطناعي، فسيكون لذلك تداعيات كارثية على الاقتصاد الأمريكي، قد تستغرق سنوات للتعافي منها.

إنها لحظة فارقة يتطلب فيها من صناعة التكنولوجيا أن تعيد حساباتها، وتعود إلى الابتكار الحقيقي، لا إلى المضاربة المالية وسباقات القوة التي لا يقف خلفها سوى الوهم.

ذو صلة