ذكاء اصطناعي

في إسبانيا.. تسجيل مرعب يُظهر خفّاشًا يصطاد طائرًا ويأكله أثناء الطيران!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

سجل الباحثون في إسبانيا مهاجمة خفاش "النوكتول الأكبر" لطائر وأكله أثناء الطيران.

الخيار في الجو كان الطائر "روبن" وتمت مهاجمته على ارتفاع يفوق 1200 متر.

يهتم الباحثون بالتفاعل بين الصيد الغريب للخفافيش ومسارات هجرة الطيور.

البيانات أظهرت أن الخفاش يصطاد في صمت ليلاً، مما يجعل الطائر بلا فرصة للهروب.

الدراسة نشرت في مجلة ساينس، مبرزة الفهم الأعمق للتفاعل بين الطيور المهاجرة والمفترسات الليلية.

في اكتشاف علمي مثير كشف عن جانب غير متوقع من عالم الطبيعة، تمكن باحثون في إسبانيا من توثيق لحظة مروعة لخفاش ضخم من نوع «النوكتول الأكبر» – وهو أكبر أنواع الخفافيش في أوروبا – وهو يهاجم طائرًا مهاجرًا ويلتهمه في الجو، في مشهد يناقض الصورة الهادئة المعتادة لهذه الكائنات الليلية.

تظهر التسجيلات أن الخفاش صعد إلى ارتفاع تجاوز 1200 متر قبل أن ينقض بسرعة مذهلة على طائر الـ«روبن»، موجّهًا إليه عضة قاتلة. وخلال أكثر من عشرين دقيقة طار الخفاش وهو يمضغ فريسته دون أن يفقد ارتفاعه، في مشهد أثار دهشة الباحثين. تقول الدكتورة لورا ستيدشولت من جامعة آرهوس الدنماركية: «من المدهش أنه لا يكتفي بالإمساك بالطائر، بل يقتله ويأكله وهو في الجو. الطائر يزن نصف وزن الخفاش تقريبًا، أي كما لو أن إنسانًا يركض ممسكًا بفريسة تزن 35 كيلوغرامًا ويباشر بأكلها».

وهذا الاكتشاف يربط بين سلوك الصيد غير المعتاد لهذه الخفافيش ومسارات هجرة الطيور التي تمر فوق المناطق نفسها. فمليارات الطيور تطير ليلًا وعلى ارتفاعات عالية خلال الربيع والخريف، وهي الفترات التي يدخل فيها الخفاش مرحلة ما قبل السبات أو التكاثر، ما يجعل الطيور مصدرًا ثمينًا للطاقة. قبل ربع قرن، اكتشف الدكتور كارلوس إيبانييث من محطة دونيانا البيولوجية في إشبيلية ريشًا في فضلات بعض الخفافيش، فافترض أنها تتغذى على الطيور، لكن المجتمع العلمي ظل مترددًا في قبول الفكرة حتى الآن.

لدعم فرضيتهم، جهّز الفريق العلمي خفافيش صغيرة بأجهزة دقيقة تشبه حقائب الظهر تحتوي على مسجلات للصوت والارتفاع والتسارع، ثم أطلقوها من أعشاشها في جنوب إسبانيا. وأظهرت البيانات واقعتين للهجوم على طيور مهاجرة، إحداهما نجح فيها الخفاش في افتراس فريسته. تقول ستيدشولت:


«الخفاش يصطاد في صمت تام، فالليل مظلم والطائر لا يراه ولا يسمع موجات تحديد الموقع بالصدى، فيظل بلا فرصة للهروب».

ومن تتبع التسجيلات الصوتية يتضح أن الطائر حاول المناورة عبر هبوطٍ حلزوني سريع، لكن الخفاش تبعه في مطاردة امتدت نحو كيلومتر، سجّل خلالها الباحثون 21 نداء استغاثة للطائر قبل أن يُسمع صريرٌ نهائي، تلاه صوت المضغ المستمر لمدة 23 دقيقة.

وهنا يتقاطع البعد العلمي مع الانعكاس الإنساني للواقعة، إذ تقول الباحثة:


«لم يكن الأمر مريحًا لنا كمراقبين، لكنه مشهد من توازن الطبيعة. فالخفاش من الأنواع النادرة في جنوب أوروبا، يعاني من الجفاف والحرائق، وربما كان هذا الصيد بمثابة وجبة ضرورية لبقائه».

ربطًا بهذه الملاحظات، واصل الفريق تحليل بقايا أجنحة طيور عُثر عليها أسفل مناطق صيد الخفافيش. أظهرت صور الأشعة وتحاليل الحمض النووي أن الخفافيش تمضغ أجساد الطيور وهي في الهواء، بينما تتخلص من الأجنحة لتخفيف الوزن والمقاومة الهوائية. ويفترض الباحثون أن الغشاء الجلدي الممتد بين أرجل الخفاش يعمل ككيس مؤقت يحتفظ بالفريسة أثناء الطيران.

في الختام، تؤكد الباحثة إيلينا تينا من محطة دونيانا أن المشهد

ذو صلة

«يثير الشفقة على الطيور، لكنه يعكس تناسق الطبيعة في دورة الحياة بين مفترس وفريسة».

وقد نُشرت نتائج الدراسة في مجلة ساينس العلمية، لتفتح فصلًا جديدًا في فهم العلاقة المعقدة بين الطيور المهاجرة والحيوانات الليلية المفترسة في سماء أوروبا.

ذو صلة