ذكاء اصطناعي

الخفافيش: السر الغامض وراء مقاومتها للسرطان تكشفه دراسة ثورية!

مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

توصلت الدراسة إلى أن الخفافيش تعيش طويلاً وتقاوم السرطان بفعالية.

أظهرت الدراسة في "Nature Communications" ثلاثة عوامل بيولوجية تساهم في مقاومة الخفافيش للسرطان.

يلعب الجين "p53" دوراً رئيسياً في إزالة الخلايا المعطوبة، ما يمنع نمو الأورام.

يظهر نشاط فريد لأنزيم "التيلوميريز" في تجديد خلايا الخفافيش بشكل آمن.

يحافظ نظام المناعة لدى الخفافيش على قوته وفعاليته في التعرف والقضاء على الخلايا السرطانية.

هل فكرت يوماً أن دراسة حياة الخفافيش قد تُقدم لنا حلولاً لمرض السرطان؟ على عكس توقعاتنا، يمكن أن يصل عمر بعض أنواع الخفافيش إلى 40 عاماً رغم حجمها الصغير، الأمر الذي أثار حيرة العلماء ودفعهم للتساؤل: ما السر وراء حياتها الطويلة وخلوها شبه الكلي من الأورام السرطان

هذه الميزة الغريبة شدت الأنظار في دراسة حديثة نُشرت في مجلة "Nature Communications" من باحثين في جامعة روتشستر. ومن خلال تجربتهم، لاحظ العلماء ثلاثة عوامل بيولوجية محددة تساعد الخفافيش على مقاومة السرطان بكفاءة عالية، مما قد يفيد في تطوير علاجات ووقاية مماثلة لبني البشر.

وبما أن السرطان يظهر عادة نتيجة تراكم تلف الحمض النووي أو الطفرات الجينية على مدار الحياة، تبحث الدراسات غالباً عن الأنواع الحيوانية التي تعمّر دون الإصابة بشكل يُذكر بهذه الأمراض كحالات نادرة واستثنائية. هنا، ظهر تميز الخفافيش بشكل واضح، فهذه المخلوقات التي يصل عمرها قياساً إلى الإنسان لـ180 سنة تقريباً بالكاد تُلاحظ فيها الأورام السرطانية.

ولفهم هذه القدرة الاستثنائية، حلل الباحثون خلايا الأنسجة الضامة المعروفة بـ"الخلايا الليفية" من أربعة أنواع مختلفة من الخفافيش. هذا التحليل كشف ثلاث قواعد بيولوجية هامة لمقاومة الورم، أولها وجود نشاط استثنائي لجين يدعى "p53" أو "حارس الجينوم"، الذي يزداد عمله لإزالة الخلايا المعطوبة بشكل سريع وفعّال، مانعاً انتشار الخلايا السرطانية في مرحلة مبكرة. مع ملاحظة فريدة لوجود نسختين نشطتين من هذا الجين في بعض أنواع الخفافيش، وهو ما يضاعف الحماية ويفسّر هذه المناعة المدهشة.

وهذا يربط بين الميزة الأولى والعامل الثاني المتمثل في قدرة خلايا الخفافيش على تجديد نفسها بشكل آمن بفضل أنزيم "التيلوميريز". في البشر، وجود هذا الأنزيم مقتصر على خلايا معينة، كما أنه مرتبط في حالات السرطان التي تؤدي عادة إلى انقسامات خلوية غير مسيطر عليها. لكن لدى الخفافيش نظام وقائي متكامل يمنع انحراف هذه الخلايا وتحوّلها لخلايا ضارة، وذلك عبر زيادة نشاط جين "p53" المذكور سابقاً.

العامل الثالث اللافت للأنظار يتمثّل في نظام المناعة الخارق لدى الخفافيش، الذي يُعرف بمقاومته العالية للفيروسات والأمراض الأخرى، وقدرته كذلك على التعرف السريع والدقيق على الخلايا السرطانية والقضاء عليها. حيث تبين للباحثين أن جهاز المناعة في هذه الحيوانات يحافظ على قوته وتوازنه حتى في الأعمار المتقدمة، على عكس الإنسان، الذي تضعف لديه المناعة مع مرور الوقت وتزداد الإصابات المختلفة والالتهابات.

ومن الملاحظ أن الخلية السرطانية في الخفافيش لا تحتاج لأكثر من طفرتين فقط لكي تتحول إلى ورم، مما يجعلها بشكل طبيعي أكثر عرضة للاصابة من المخلوقات الأخرى. مع ذلك، فإنّ أنظمتها الدفاعية القوية الثلاثة التي كشفها الباحثون تحميها بشكل فعال من هذه المخاطر.

ما توصل إليه الباحثون لا يؤكد فقط أن زيادة نشاط جين "p53" يمكن أن يكون ذا أثر فعال على مكافحة أو إبطاء انتشار السرطان في الإنسان، بل يفتح أيضاً باباً واسعاً أمام استكشاف دور أنزيم "التيلوميريز" وتجديد الخلايا بشكل آمن.

ذو صلة

لهذا السبب، تعد الخفافيش اليوم نموذجاً واعداً من الحيوان في دراسات مكافحة السرطان. قد تكون انتقالات كهذه بين علوم الحيوان والإنسان بسيطة من حيث المبدأ، لكن تبقى تطبيقاتها العلمية والطبية صعبة، مما يستدعي المزيد من الأبحاث المركزة لابتكار علاجات محتملة تعتمد على هذه الميزات الغريبة والمذهلة للخفافيش.

وختاماً تبقى هذه الدراسة بمثابة نافذة جديدة نكتشف من خلالها إمكانيات الطبيعة المتجددة والملهمة. ولعل الاستخدام الواضح لألفاظ علمية قوية مثل "جين مسؤول عن الحماية" عوضاً عن "حارس الجينوم" يمنح المقال قوة أكبر. كما أن تركيز الحديث أكثر على نقل ميزات الخفافيش إلى سياق طبي بشري مباشر كان سيمنح النص بُعداً تطبيقياً أعمق، وهو ما يستحق النظر مستقبلاً لتنويع طرق تناول مثل هذه المواضيع العلمية بشكل أكثر تخصيصاً ووضوحاً.

ذو صلة