الصين تُطلق “Qihang”: أكبر توربين رياح عائم في العالم بقدرة 20 ميغاواط

3 د
أطلقت الصين "تشيهانغ"، أكبر توربينة عائمة لتوليد طاقة الرياح بقدرة 20 ميغاواط.
يبلغ قطر شفراتها 260 متراً وترتفع 150 متراً، ما يعزز كفاءة إنتاج الطاقة.
صُممت برؤية للتقليل من الاعتماد على الوقود الأحفوري وتقليص انبعاثات الكربون.
تتحمل أصعب الظروف المناخية، مما يعزز استقرار توليد الطاقة المتجددة.
توفر التوربينة حرق 27,500 طن فحم سنوياً، مما يخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
حين تطمح الدول إلى ريادة عالمية في مجالات طاقة المستقبل، لا بد لها أن تقدم ابتكارات غير مسبوقة تدهش العالم. بمشروعها الجديد "تشيهانغ"، أطلقت الصين رسمياً أكبر توربينة عائمة لتوليد طاقة الرياح في العالم، بطاقة إنتاجية مذهلة تصل إلى 20 ميغاواط، ما أذهل المتابعين وترك الولايات المتحدة نفسها في حالة إعجاب من هذا الإنجاز التقني الرائد.
تقف توربينة "تشيهانغ"، التي نفذتها شركة تشاينا ريلواي كونستراكشن كوربوريشن (CRRC)، شاهدة على إبداع هندسي لا مثيل له. تخيل معي: يبلغ قطر شفراتها الدوارة نحو 260 متراً، أي بحجم سبعة ملاعب كرة قدم متجاورة، وترتفع هذه الشفرات المذهلة على ارتفاع 150 متراً فوق سطح البحر. هذا التصميم الفريد لم يجعلها فقط الأكبر مساحة على مستوى العالم، بل أيضاً علامة فارقة في مجال توليد الطاقة في البحار المفتوحة.
وهذا يصل بنا لأهم نقطة: الأداء التشغيلي المذهل للتوربينة. صُمّمت شفراتها الضخمة لتدور بسرعات عالية شبيهة بسرعات القطارات فائقة السرعة، وبفضل كفاءة عالية في تحويل الرياح إلى كهرباء، فإن دورة واحدة فقط من هذه الشفرات كفيلة بتوليد طاقة كافية لتغطية حاجة منزل كامل لمدة يومين إلى أربعة أيام، مما يؤكد بوضوح فعالية توربينة "تشيهانغ" في تعزيز مسيرة الصين نحو تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتقليص انبعاثات الكربون الضارة بالبيئة.
لكن التحدي الأكبر تمثل في تحويل فكرة هذا المشروع إلى واقع ملموس، وهو ما دفع المهندسين والاستشاريين للتعامل مع تحديات التقنية الصعبة والمناخ القاسي في آن واحد. بالفعل، استلزمت عملية تصنيع وتجميع واختبار هذه التوربينة جهدًا دقيقًا للغاية. فبعد مرحلة البناء في منطقة شييانغ في جيانغسو، نُقلت "تشيهانغ" باستخدام وحدات نقل ذاتية الدفع عبر البحر، إلى قاعدة دونغ ينغ في شاندونغ لفحصها وتجربتها في ظروف بحرية واقعية ومعقدة.
وهنا تتأكد عبقرية التصميم الهندسي، إذ أن التوربينة مزودة بأنظمة رقمية متقدمة وتقنيات تحكم متطورة، جعلتها قادرة على تحمل أصعب الظروف المناخية، كالأعاصير البحرية والزلازل، والبقاء مستقرة في وجه الرياح العاتية والتيارات ذات الحركة المعقدة، ما يعني مزيدًا من الموثوقية في توليد الطاقة المتجددة من دون توقف.
ومع نجاح هذه العملية، تأتينا مرحلة الفوائد البيئية، حيث تنعكس إيجابيات "تشيهانغ" على مكافحة الاحتباس الحراري. فوفق التقديرات التقنية الدقيقة، تستطيع هذه التوربينة بمفردها توفير حرق حوالي 27,500 طن من الفحم سنوياً، ما يؤدي لخفض كبير في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يصل إلى نحو 68,500 طن سنوياً. إنها مساهمة كبيرة حقاً في الحد من التلوث العالمي وتحقيق الاستدامة البيئية طويلة الأمد.
وفي سياق أوسع، تتحول هذه الإنجازات البيئية أيضاً إلى منافع اقتصادية ملحوظة. فبفضل "تشيهانغ"، ستوفر الصين تكاليف مالية هائلة كانت تنفق على الوقود الأحفوري، كما ستخلق مئات من فرص العمل المستدامة التي ستنعش الاقتصاد الأخضر في المنطقة وعلى مستوى العالم، مما يعزز مكانة الصين في قيادة سوق الطاقة المتجددة مستقبلاً.
وهذا بدوره يلفتنا إلى الخطط المستقبلية للصين وتطلعاتها العالمية في مجال طاقة الرياح البحرية. فهي لم تكتفِ بإطلاق "تشيهانغ" فحسب، بل أثبتت ريادتها في صناعة التوربينات العملاقة بوضوح، متجاوزة شركات دولية مثل "إنفيجن إنرجي" و"مينغيانغ" و"دونغفانغ"، بل وتستعد شركة مينغيانغ حالياً لإطلاق مشروع أكبر، توربينة بقدرة تصل إلى 22 ميغاواط، في مؤشر واضح على نية الصين مواصلة هيمنتها على صناعة الطاقة النظيفة البحرية.
ختاماً، يُمثل إنجاز الصين مع توربينة "تشيهانغ" مثالًا حيًا لقدرة الابتكار والتطوير التكنولوجي على قيادة التغيير نحو تحقيق بيئة نظيفة واستدامة حقيقية. وربما في خطوات أخرى مستقبلية، يمكن أن يصبح الحديث عن مشاريع مشابهة مفتوحًا بشكل أكبر وموجهًا نحو تعزيز التعاون الدولي في هذا المجال، ما قد يساهم في اختصار زمن تبني العالم لمصادر الطاقة الخضراء.
ومع طموحات كهذه، فمن يدري؟ ربما تكون الرياح هي حليف البشرية في المرحلة المقبلة، وتقنيات مثل "تشيهانغ" في صدارة هذا التحالف البيئي الواعد.