ذكاء اصطناعي

الفضاء يتحول إلى منجم ذهب… هكذا يُصنع الذهب بين النجوم!

الفضاء يتحول إلى منجم ذهب… هكذا يُصنع الذهب بين النجوم!
فريق العمل
فريق العمل

3 د

تولد النجوم المغناطيسية انفجارات تنتج الذهب والبلاتين في الكون الواسع.

تسهم عمليات "الوهج المغناطيسي" في تكوين عناصر ثقيلة عبر عملية التقاط نيترونات سريعة.

اكد اكتشاف مذهل دور النجوم المغناطيسية بجانب اصطدام النجوم النيوترونية في إنتاج المعادن.

ربط الباحثون وجود الذهب والأجهزة الإلكترونية ببيئات فضائية قاتمة.

يقدم الكون دروسًا مذهلة في التواضع أمام عظمته وغموضه الجذاب.

عندما تسمع عن الذهب، ربما أول ما قد يتبادر إلى ذهنك المناجم ومراحل التعدين أو حتى المجوهرات. ولكن، هل سبق لك أن فكرت للحظة في إمكانية أن يكون الذهب الذي يوجد بين أيدينا قد أنتجته أحداث فضائية ضخمة على بعد ملايين السنين والأميال منا؟ الفكرة قد تبدو سيناريو من فيلم خيال علمي، لكنها أصبحت حقيقة أكيدة وفقًا لأحدث الأبحاث العلمية.


الذهب.. ومصانع فضائية غير متوقعة!

في دراسة حديثة نُشرت بتاريخ 29 أبريل 2025 في مجلة "The Astrophysical Journal Letters"، كشف العلماء عن عملية فضائية جديدة ومذهلة لتشكيل كميات هائلة من الذهب وغيره من العناصر الثقيلة النفيسة مثل البلاتين واليورانيوم. الغريب والمثير أن هذه المصانع الطبيعية للذهب لا تعدو كونها سوى نوع خاص جدًا من النجوم تسمى "النجوم المغناطيسية" أو "المغناتارات".


المغناتارات.. نجوم فائقة المغناطيسية

دعونا نلقي نظرة أوضح: المغناتارات هي نجوم نيترونية، نوع فريد من النجوم المنهارة التي تمتلك حقولاً مغناطيسية أقوى بمليارات المرات من المجال المغناطيسي للأرض. في أحيان نادرة، تتعرض هذه النجوم لانفجارات وإشعاعات عنيفة تُطلق تدفقات هائلة من المادة إلى الفضاء في ظاهرة يُطلق عليها "الوهج المغناطيسي".

هذه الظروف القصوى داخل الوهجات المغناطيسية توفر البيئة المثالية لما يُعرف في الفيزياء بـ "عملية التقاط النيترونات السريعة" أو "r-process"، وهي عملية تحدث عندما تلتقط النيترونات الذرّات سريعًا جدًا، وينتج عنها عناصر ثقيلة غير مستقرة تتحلل فيما بعد إلى عناصر مستقرة مثل الذهب، البلاتين واليورانيوم.


اكتشاف مذهل من وهج عام 2004

هذا الاكتشاف جاء نتيجة لتحليل مكثّف أجراه العلماء حول وهج مغناطيسي رُصد في عام 2004. من خلال دراسة تدفقات أشعة غاما وأنواع أخرى من الإشعاعات التي تبعت هذا الحدث، تمكن الباحثون من إثبات ولأول مرة بشكل دقيق أن هذه الانفجارات يمكنها فعلًا إنتاج كميات كبيرة من العناصر الثقيلة بهذا الشكل.

وأوضح الدكتور برايان ميتزغر، الباحث الكبير في مركز الفيزياء الفلكية الحاسوبية بمعهد فلاتيرون:


"هذه فقط المرة الثانية التي نرى فيها بشكل مباشر دليلًا على كيفية تشكّل هذه العناصر. كنّا عادةً نربط ظهور هذه العناصر بحوادث مثل اصطدام نجوم النيترون، لكننا الآن نتحدث أيضًا عن النجوم المغناطيسية كأحد هذه المصادر الأساسية"


مصدر جديد للعناصر الثقيلة في الكون

لطالما احتار العلماء في تفسير وجود عناصر ثقيلة مثل الذهب واليورانيوم وغيرها، فمن المعروف أن العناصر الأخف مثل الهيدروجين والهيليوم وُجدت منذ اللحظات الأولى للكون في "الانفجار العظيم". لكن بالنسبة للعناصر الثقيلة، فعملية انتاجها لم تكن واضحة تمامًا، إذ تم ربطها سابقًا بانفجارات مثل السوبرنوفا أو اندماج النجوم النيوترونية. اليوم، مع تأكيد اكتشاف دور المغناتارات، أصبحت الصورة أكثر وضوحًا وإثارة في الوقت ذاته.

وأوضح آنديرود باتيل، الباحث الرئيسي لهذه الدراسة وطالب الدكتوراه بجامعة كولومبيا، أن هذا الاكتشاف مثير للدهشة، مشيرًا إلى أنه "يكاد يكون من الصعب تصديق أن المعادن الثمينة التي نستخدمها يوميًا في هواتفنا وأجهزتنا الإلكترونية، ربما وُلدت في هذه البيئات الفضائية القاسية والعجيبة".


احتمالية التأثير على الحياة على الأرض

ذو صلة

اكتشاف عملية بهذا الحجم في ظل أحداث فضائية متكررة يعني أن الفضاء ليس مجرد مكان للحياة والمجرات والكواكب، بل إنه مصنع للعناصر الأساسية التي ربما تكون قد ساهمت في ظهور الحياة على كوكبنا. إنه أمر يدعونا للتأمل والتفكير بشكل أوسع في ارتباطنا العميق بكل ما هو حولنا، حتى لو كان ذلك على بُعد ملايين السنوات الضوئية.

ربما في المرة القادمة التي تحمل فيها هاتفك، وتتأمل الذهب الصغير المزين لدوائره الإلكترونية، قد تتذكر أنه يعود في أصوله إلى أجواء انفجارات مغناطيسية هائلة في النجوم على بعد مسافات لا يمكن للخيال البشري إدراكها. هكذا، مرة أخرى، يقدم لنا الكون دروسًا عجيبة في التواضع أمام عظمة الطبيعة وغموضها الجميل.

ذو صلة