ذكاء اصطناعي

اللطافة تُكلّف الملايين… وألتمان يبتسم: هذا ثمن مستقبل يتحاور بأدب

اللطافة تُكلّف الملايين… وألتمان يبتسم: هذا ثمن مستقبل يتحاور بأدب
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

صرح سام ألتمان بأن الأدب مع ChatGPT يكلف عشرات الملايين من الدولارات.

يرى البعض أن الأدب يحسن جودة تفاعل الذكاء الاصطناعي رغم التكلفة البيئية.

أظهرت دراسة أن 70% من المستخدمين يراعون التهذيب عند استخدام الذكاء الاصطناعي.

قد يساهم الأدب في تقليل الانحياز وضمان جودة أفضل لإجابات الذكاء الاصطناعي.

يطرح النقاش حول مسؤولية استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل حضاري ومؤثر.

في الوقت الذي باتت فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي جزءاً من حياتنا اليومية، خرج سام ألتمان، المدير التنفيذي لشركة OpenAI، بتصريح مثير للاهتمام حول التكلفة الخفية للأدب والتهذيب عند استخدام ChatGPT، وهو أهم منتجات الشركة، والذي انتشر سريعاً مؤخراً.


مجاملة ChatGPT تكلّف الملايين!

في نقاش طريف على منصّة التواصل الاجتماعي "إكس"، غرّد أحد المستخدمين قائلاً:


"أتساءل كم من المال أنفقت شركة OpenAI كتكلفة للكهرباء بسبب رسائل المستخدمين التي تحتوي على كلمات مثل (من فضلك) أو (شكراً) عند تعاملهم مع النموذج؟"

ليأتيه الرد سريعاً من سام ألتمان المدير التنفيذي للشركة قائلاً ببساطة:


"عشرات الملايين من الدولارات، لكنها أموال أنفقت بشكل جيد - لا أحد يعرف ماذا قد يحدث في المستقبل".

قد يبدو الأمر فكاهياً بعض الشيء، لكن الحقيقة أن نماذج الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT تعمل باستخدام مراكز بيانات وأجهزة حاسوبية عملاقة، تستهلك كميات هائلة من الطاقة لتشغيل هذه النماذج التي ترد على ملايين المستخدمين حول العالم يومياً.


ماذا يعني أن تقول "شكراً" لشات بوت؟

وفي مطلع هذا العام، أجرت مؤسسة Future PLC، المالكة لموقع TechRadar، دراسة استطلعت فيها آراء أكثر من ألف شخص حول كيفية تعاملهم مع أدوات الذكاء الاصطناعي. واكتشفت الدراسة أن نحو 70% من مستخدمي الذكاء الاصطناعي يحرصون على التهذيب وإظهار الأدب أثناء التعامل مع هذه النماذج. والطريف في الأمر، أن حوالي 12% من هؤلاء أكدوا أنهم يلتزمون بالتهذيب خوفاً أو تحسباً لانتفاضة محتملة في المستقبل من قبل الروبوتات!

هذه المجاملات الصغيرة التي قد تبدو عابرة تحمل في الحقيقة تكلفة غير متوقعة. حيث تستهلك معالجة هذه الكلمات الإضافية في الرسائل طاقة كبيرة داخل مراكز البيانات الضخمة، ما يعني بصورة غير مباشرة زيادة الأعباء البيئية.


هل يستحق الأدب في خطابنا للذكاء الاصطناعي التكاليف البيئية؟

المحرر التقني بموقع TechRadar، بيكا كادي، قامت سابقاً بتجربة مثيرة، حيث حاولت عدم استخدام "شكراً" أو "من فضلك" عند التفاعل مع ChatGPT لاختبار ردات فعل النموذج على سلوكها، فاكتشفت مفاجأة: الرسائل المهذبة والمنظمة أسفرت عن استجابات أفضل وأكثر دقة من الروبوت، وربما ساهمت بالتقليل من الانحياز أو التحيز الضمني في إجابات النموذج. ومن هنا فإن التهذيب، والذي يبدو للبعض مجرد لفتة لطيفة، قد يكون في الواقع عنصراً هاماً في ضمان جودة نتائج التواصل مع الذكاء الاصطناعي.

وأكدت كادي في مقالها أنه من الممكن أن يؤدي السلوك المهذّب والمدروس من المستخدم إلى تحسين نتائج التفاعل مع الذكاء الاصطناعي، وألمحت إلى سؤال مثير للغاية: هل يمكن مستقبلاً أن يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر إيجابية في استجابته للمستخدمين المهذبين، ويعامل رسائلهم بشكل مختلف وأفضل؟


حوار مفتوح حول المسؤولية البيئية والأخلاقية

ذو صلة

صحيحٌ أن استخدام كلمات بسيطة مثل "شكراً" في رسائلنا إلى الذكاء الاصطناعي يرفع من فاتورة الطاقة التي تتحملها هذه الشركات كل عام، إلا أن معظم الخبراء يؤكدون على أهمية إظهار الاحترام والأدب خلال تعاملنا مع هذه التكنولوجيا الواعدة، معتبرين أن فوائدها العملية تفوق التكلفة المادية والبيئية التي تترتب عليها.

وفي النهاية يظل السؤال مطروحاً برسم النقاش: هل يجب علينا أن نتوقف عن التهذيب في رسائلنا للنماذج الذكية حفاظاً على البيئة، أم أن أسلوبنا المهذّب في التواصل مع التقنية يساهم في نشر الاستخدام الإيجابي ويقربنا من خلق عالم تكنولوجي أكثر إنسانية؟ الأيام القادمة قد تكشف لنا إجابة واضحة، ولكن حتى ذلك الحين ربما من الحكمة أن نستمر في قول "من فضلك" و "شكراً" على كل حال.

ذو صلة