النجمة الأم في مرآة 8K: صور عالية الدقة تكشف وجهاً لم نره من قبل للشمس

3 د
ساعدت كاميرا بدقة 8K تم تطويرها في ألمانيا في رصد تفاصيل غير مسبوقة لسطح الشمس، بدقة تصل إلى 100 كيلومتر.
تجمع التكنولوجيا الجديدة بين مجال رؤية واسع ودقة مكانية عالية، متغلبة على قيود التلسكوبات الشمسية التقليدية.
كشفت الصور البقع الشمسية والبنية المغناطيسية بدقة تُحدث ثورة في فهم النشاط الشمسي.
قد يُستخدم الابتكار مستقبلاً في تحسين توقعات الطقس الفضائي وحماية البنية التحتية الحيوية على الأرض.
في إنجاز علمي يُعد الأهم في مجال الفيزياء الشمسية خلال العقد الأخير، تمكن فريق من العلماء الأوروبيين من التقاط أدق صور للشمس على الإطلاق، بفضل تطوير نظام تصوير فائق الدقة باستخدام كاميرا بدقة 8K تم تثبيتها حديثًا في تلسكوب البرج الفراغي (VTT) في مرصد "تييده" بجزيرة تينيريفي الإسبانية.
هذه التكنولوجيا الجديدة، التي طُورت في معهد لايبنيز لفيزياء الفلك في بوتسدام (AIP)، تمثل نقلة نوعية في فهم النشاط الشمسي، إذ تتيح دمج مجال رؤية واسع مع دقة مكانية استثنائية، وهو مزيج نادر في تلسكوبات الشمس التقليدية.
رؤية أوضح للشمس: كيف تعمل الكاميرا الثورية؟
التلسكوبات الشمسية عادةً ما تواجه معضلة مزمنة: إما دقة عالية في مساحة ضيقة، أو تغطية كاملة للشمس بدقة محدودة. غير أن النظام الجديد يُعد الأول من نوعه الذي يُعالج هذا التحدي من خلال تسجيل 100 صورة سريعة في الثانية (25 إطارًا في الثانية)، بدقة 8000 × 6000 بكسل، ثم يُعيد بناء الصورة باستخدام خوارزميات استعادة الصور، ما يسمح برؤية تفاصيل تصل إلى 100 كيلومتر فقط على سطح الشمس.
هذا يعني أن العلماء يمكنهم الآن رصد معالم شمسية ضخمة تصل إلى 200 ألف كيلومتر، مع إمكانية تتبّع تغيراتها الزمنية بدقة متناهية، وهو أمر حاسم لفهم بنية الشمس الداخلية وسلوكها الديناميكي.
البقع الشمسية والحقول المغناطيسية كما لم نرها من قبل
التقنية الجديدة مكّنت الباحثين من دراسة الحقول المغناطيسية الدقيقة وحركة البلازما في الغلاف الضوئي والكروموسفيري، باستخدام مرشحات متخصصة لتمييز التغيرات الضوئية الدقيقة الناتجة عن النشاط المغناطيسي.
سلسلة من التجارب استُخدمت فيها أطوال موجية معينة مثل 393.3 نانومتر (الخط الكالسيومي) و430.7 نانومتر (شريط فراونهوفر G-band) أظهرت التغيرات الزمنية للمناطق النشطة، وكشفت عن ديناميكيات معقّدة لم يكن بالإمكان ملاحظتها سابقًا.
كاميرا تقلب الموازين… وتعلّم التلسكوبات القديمة حيلًا جديدة
الباحث روبرت كاملا، الذي قاد مشروع تطوير الكاميرا ضمن دراسته للدكتوراه، أكد أن النتائج فاقت التوقعات منذ البداية، حيث أثبتت الصور المُعادة أن التحديثات الرقمية يمكن أن تُضاهي – بل تتفوق – على بناء تلسكوبات جديدة.
الابتكار يتكامل مع أجهزة متقدمة أخرى في المرصد مثل:
- جهاز HELLRIDE لمراقبة التذبذبات الشمسية
- مقياس الطيف LARS عالي الدقة
- مطياف FaMuLUS متعدد الخطوط
هذا التكامل يمنح العلماء أدوات تحليل شاملة لرصد التفاعلات بين البقع الشمسية وحركة الحبيبات الشمسية والتفجيرات المغناطيسية.
تأثيرات بعيدة المدى: من تطوير التلسكوبات إلى تحسين توقعات الطقس الفضائي
تشير النتائج إلى أن كاميرات CMOS الاقتصادية ذات دقة 8K قد تُستخدم في الجيل القادم من التلسكوبات الشمسية، ما قد يُضاعف ثلاث مرات من مجال الرؤية مقارنة بالكاميرات 4K الحالية، دون فقدان في الدقة.
وأكد كارستن دينكر، رئيس قسم الفيزياء الشمسية في AIP:
"هذه التكنولوجيا تعلّم التلسكوبات القديمة حيلًا جديدة، وهي أداة حاسمة في عصر تتزايد فيه أهمية فهم الشمس وتأثيرها على الأرض"
فالقدرة على رصد التغيرات الشمسية بدقة وزمن حقيقي تتيح للعلماء تحسين التنبؤ بالطقس الفضائي، والذي قد يؤثر على الأقمار الصناعية، وشبكات الاتصالات، وأنظمة الطاقة الأرضية.