ذكاء اصطناعي

امسح عينك وادخل العالم الجديد: “World” مشروع سام ألتمان الجديد… كيف تبيع السم والترياق معًا؟

مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

يستخدم مشروع "World" جهاز "Orb" لمسح حدقة العين لإثبات أنك إنسان حقيقي.

يطمئن المشروع المستخدمين بعدم تخزين أي بيانات بيومترية على أي خوادم خارجية.

تم حظر التكنولوجيا في دول مثل كينيا وإسبانيا بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية.

يسمح تطبيق "World App" للمستخدمين المؤكد هويتهم بالولوج لعالم العملات الرقمية.

يثير المشروع جدلاً بين مؤيد يرحب بالخطوة ومعارض يخشى المراقبة وتقييد البيانات.

هل تخيلت يوماً أن تصبح هويتك مسجلة رقمياً من خلال مسح حدقة العين؟ قد يبدو الأمر مشهداً من فيلم خيال علمي، إلا أن هذا بات واقعاً ملموساً اليوم مع مشروع "World"، الذي يقوده رجل الأعمال سام ألتمان، المدير التنفيذي لشركة OpenAI والعقل المدبر لتقنية "ChatGPT" التي أثارت العالم مؤخراً. المشروع الجديد أثار اهتمام الكثيرين وتساؤلات أكثر معاً؛ فهو يعد بحل مهم لإشكالية واقعية على الإنترنت، لكنه بالنسبة للبعض يحمل مخاطر جسيمة قد تؤثر جذرياً في مفهومنا للخصوصية.

وبالاقتراب أكثر من تفاصيل هذا المشروع، نجد أنه يعتمد على جهاز مميز يحمل اسم "Orb". هذا الجهاز يقوم بمسح حدقة العين للتأكد من أنك إنسان حقيقي - لا مجرد روبوت أو برنامج ذكاء اصطناعي يحاول تزوير هويتك. يقول جيك بروكمان، المؤسس المشارك لشركة CoinFund وأحد داعمي المشروع الأوائل، إن جهاز Orb يعمل بطريقة تحفظ الخصوصية، "جهاز Orb مصمم خصيصاً للحرص على خصوصيتك أثناء إثبات أنك إنسان في عالم يعج ببرامج الذكاء الاصطناعي والروبوتات".

وانطلاقاً من نجاحات ألتمان السابقة وعلاقاته الواسعة، بدأت الولايات المتحدة فعلاً بإطلاق الجهاز في ست مدن رئيسية هي أوستن وأتلانتا ولوس أنجلوس وناشفيل وميامي وسان فرانسيسكو. كما تتاح هذه التقنية كذلك في متاجر شركة "Razer" المختصة بالألعاب الإلكترونية، حيث يمكن للمستخدمين إثبات هويتهم الإنسانية بكل سهولة وتلقائية.

لكن كيف يعمل الجهاز بالضبط وأين تذهب بياناتك الحساسة؟ يطمئن القائمون على المشروع المستخدمين بأن "Orb" لا يحفظ أي بيانات بيومترية أو معلومات خاصة على أي خوادم أو أجهزة مركزية، وإنما يتم تسجيل هذه البيانات بشكل محلي على جهاز المستخدم الخاص. النظرة المريبة التي واجهها المشروع من قبل هيئات خصوصية البيانات والشعوب في بعض البلدان ظلت تخلق جدلاً واسعاً، وأدت إلى حظر شامل لهذه التكنولوجيا في كينيا وهونغ كونغ وحتى إسبانيا، خوفاً من احتمالية تهديد خصوصية المستخدمين وأمن معلوماتهم.

هذا الجدل الواسع الذي رافق "World" منذ إطلاقه الأول في عام 2023 له جذوره في قلق متزايد عالمي من قدرة الأجهزة التكنولوجية الجديدة على السيطرة على بياناتنا الشخصية المهمة. فبينما يرى مؤيدو المشروع أنه خطوة ضرورية لمواجهة عصر الذكاء الاصطناعي وحماية المستخدمين من الهويات المزيفة، يؤكد معارضوه، بمن فيهم نشطاء ومنظمات مدنية مختصة بحماية الخصوصية، على أنه قد يمثل أسلوباً جديداً وأكثر خفاءً للمراقبة والسيطرة على البيانات.

ذو صلة

ولا يهدف مشروع "World" فقط لإثبات الهوية، بل يتطلع أيضاً إلى فتح آفاق جديدة في مجال الاقتصاد الرقمي. من خلال تطبيق "World App"، سيتمكن المستخدمون الذين تم التأكد من هويتهم من الولوج إلى عالم العملات الرقمية والاستفادة من الخدمات المالية اللامركزية. ومع فتح الباب للحديث حول تنظيمات مرنة للعملات الرقمية في الولايات المتحدة مؤخراً، فإن المشروع أتى في توقيت استراتيجي قد يساعده على الانتشار بسرعة بين المستخدمين الأمريكيين والعالميين.

بالتالي، ومع ارتباط "World" بأسماء كبيرة وأهداف طموحة، لن يكون من السهل اتخاذ موقف قاطع وحاسم حياله. وبينما يمكن النظر إليه بمثابة الحل الذكي لإثبات هويتنا الإنسانية وحماية تفاعلنا الرقمي من الاختراق والزيف، يتوجب على القائمين عليه تعزيز الشفافية وتوضيح آلية التعامل مع البيانات الشخصية، لضمان كسب ثقة المستخدمين وإقناع الرأي العام الذي يرى في التقنية الجديدة شكلاً من أشكال المراقبة المتقدمة. في النهاية، نجاح المشروع أو إخفاقه لن يقتصر على إقبال المستخدمين على الجهاز فقط، بل على قدرته على معالجة هذه المخاوف بشكل جدي وشفاف، ليكون ملائماً أكثر لعصر يتغير بسرعة ولا يتوقف عن طرح المزيد من التحديات والأسئلة.

ذو صلة